كشفت إسلام آباد عن مفاوضات تجريها مع القبائل المتمردة المتعاطفة مع "القاعدة" لوقف الحملة المستمرة منذ خمسة أيام ضد مناطقها على اساس ثلاثة شروط هي: إطلاق سراح خمسة عشر مفقوداً من القوات الحكومية وتسليم المطلوبين الباكستانيين واستسلام العناصر الأجنبية المختبئة في تلك المناطق. وفي الجانب الافغاني من الحدود، اعتقل عشرة مطلوبين فارين من الحملة في منطقة القبائل. توجه عشرات من وجهاء قبائل البشتون امس، من شمال غربي باكستان إلى منطقة وانا عاصمة جنوب وزيرستان وذلك من اجل التفاوض لوضع حد للحصار الذي يفرضه الجيش الباكستاني على أكثر من 500 من العناصر المشتبه بانتمائها إلى "القاعدة" اضافة إلى مسلحي القبائل المتعاطفة معها. وضم 22 من اعيان القبائل المحايدة. وقال المسؤول الأمني الباكستاني عن شؤون مناطق القبائل محمود شاه: "نعتمد استراتيجية ترتكز إلى ثلاث نقاط: التفاوض مع القبائل المحلية، ومواصلة العمليات المسلحة، والاستمرار في تنظيف المنطقة". وكشف في مؤتمر صحافي عقده في بيشاور عن ثلاثة شروط حكومية لوقف الحملة وهي: إطلاق سراح خمسة عشر مفقوداً من القوات الحكومية، وتسليم المطلوبين الباكستانيين، واستسلام العناصر الأجنبية. وهي شروط طالما رفضتها القبائل المتمردة و"القاعدة". وفي الوقت نفسه، تحدثت المصادر الباكستانية الرسمية عن معارك وقعت بين الطرفين امس، اسفرت عن مقتل شيشانيين، فيما ناشدت القبائل المتمردة الجيش وقف إطلاق النار من أجل إخلاء الجرحى والقتلى. ويعتقد مراقبون سياسيون أن تراجع الجيش الباكستاني عن رفضه الحوار والوساطة مع القبائل المتمردة، ناجم عن حراجة الموقف، لجهة عدم تعاون القبائل المحلية مع قواته، خصوصاً بعد حوادث قتل المدنيين التي وقعت بسبب القصف والغارات الجوية الأميركية التي تسببت في مقتل خمسة وعشرين شخصاً، اضافة إلى عدد من الجرحى، ما زاد من حال الاحتقان الشعبي في مناطق القبائل. وكان قصف طائرة أميركية أراضي باكستانية مساء اول من امس، تسبب في قتل مدني وجرح ثلاثة. افغانستان وفي وقت توقع مراقبون عسكريون أن تمتد حملة الجيش الباكستاني إلى شمال وزيرستان في حال فشل المفاوضات، أعلن الناطق باسم الخارجية الأفغانية عمر صمد في كابول أمس، عن اعتقال القوات الافغانية عشرة من الفارين من مناطق القبائل الباكستانية الى شرق افغانستان، مشيراً الى انه يجرى استجواب هؤلاء لمعرفة هوياتهم. وتزامن ذلك مع إعلان الناطق باسم قوة "ايساف" في أفغانستان أمس، ان جنود القوة الدولية للمساعدة في احلال الامن، فككوا بالتعاون مع عناصر الشرطة الأفغانية مصنعاً للعبوات الناسفة في كابول يوم الجمعة الماضي. وقال الناطق باسم "ايساف" كريس هندرسون خلال مؤتمر صحافي: "في الساعات الأولى من صباح الجمعة، شنت الشرطة الأفغانية غارة ناجحة على مكان سري لتصنيع العبوات الناسفة يقع في المنطقة رقم اثنين في العاصمة بالقرب من مقر التلفزيون". وتواصل التوتر في الاراضي الافغانية حيث أعلن الناطق الرسمي باسم حركة "طالبان" حكيمي في اتصال هاتفي مع "الحياة" أمس، عن هجوم شنته قوات الحركة وسط أفغانستان، أسفر عن مقتل سبعة من القوات الأميركية. كما اغتال مجهولون وزير الطيران المدني والسياحة الأفغاني ميرويس صادق في هيرات فيما كان مع والده في سيارة في الولاية الواقعة غرب أفغانستان. ونجا والده من الحادث. لغز الظواهري: توفي أم أصيب ونجح في الفرار؟ ورافقت عمليات المطاردة لعناصر "القاعدة" و"طالبان" روايات متضاربة عن هوية ومصير المطاردين. وأكد مسؤول أميركي في "القوة الضاربة 121" أن رجاله استهدفوا ثلاث سيارات كان أيمن الظواهري، الساعد الأيمن لزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن يحاول الفرار فيها، وأن جثة متفحمة انتشلت من إحداها تخضع لفحص الحمض النووي الريبي دي أن إي لتحديد ما إذا كانت للاصولي المصري الذي حددت جائزة القبض عليه ب25 مليون دولار. في المقابل، اصرت القوات الباكستانية التي تسعى إلى الترويج لنفسها في العمليات كجهة تمسك بزمام الأمور، على أنها استهدفت السيارات الثلاث ودمرت اثنتين منها فيما نجحت السيارة المصفحة الثالثة في الفرار وفي داخلها رجل جريح قد يكون الرجل الثاني في "القاعدة" أو قائد شيشاني يعرف باسم "الثريا". وأعلن قائد وحدة بيشاور في الجيش الباكستاني صفدار حسين الذي انضم رجاله الخمسة آلاف إلى الجبهة الحدودية وباغتتهم المقاومة العنيفة، أنه يرجح إصابة الظواهري خلال العملية. وأكد إصابة سيارتين من ثلاث ثم تحطمها بينما تمكنت الثالثة من الفرار مخلفة وراءها سحابة من الغبار، مضيفاً: "لم يتأكد ما إذا كان الجريح الثريا أو الظواهري. لا أستبعد أيّ احتمال، فالمقاومة العنيفة التي يظهرونها تجعلني أعتقد أنهم يحمون شخصاً مهماً"، وأشار إلى أن الرجل أصيب خلال محاولته الفرار في إحدى السيارات المصفحة الثلاث. وقال العميد علي خان قائد لواء الدعم الذي أرسل إلى وزيرستان في الأيام الخمسة العصيبة من الاشتباكات التي أوقعت أكثر من 70 قتيلاً في الجانبين: "تشكل هذه المنطقة الامتداد الأكثر وعورة وقسوة في منطقة القبائل بأكملها"، لافتاً إلى عثور رجاله على هاتف خلوي يعمل على الأقمار الصناعية كان يحمله مسلح شيشاني قتل الثلثاء، اليوم الأول للمعارك، مكّن اكتشافه الباكستانيين من تحديد التردد الذي يستخدمه المقاتلون الذين حوصر منهم نحو 400 شخص في اتصالاتهم. وأشار الى رصد اتصالات بين المقاتلين "عززت الاعتقاد بأن الظواهري من بين المحاصرين"، مضيفاً أن الاتصالات مفادها ان "الجريح قد يحتاج إلى أربعة رجال لحمله و11 إلى 12 رجلاً لحمايته". وجرى نتيجة الحملة اعتقال قرابة مئة مقاتل عرض منهم أمام الصحافة 40 رجلاً معصومي الأعين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، غالبيتهم متقدمين في السن ذوي لحى بيضاء من بينهم 18 رجلاً من العرب والشيشان وغيرهم من الاجانب. وعثر رجال صفدار داخل حصون اكتشفوها في مناطق القبائل على خنادق وأبراج مراقبة ومجسمات مبانٍ، اضافة الى اسلحة وذخائر.