يعاني المجتمع السعودي من انتشار ظاهرة السمنة في شكل كبير بين الجنسين من مختلف الفئات العمرية، كما هو الحال في العديد من دول العالم. وتشير تقارير إعلامية نشرت اخيراً إلى أن السعودية تحتل المركز الثالث عالمياً بعد الولاياتالمتحدة والكويت في عدد الأشخاص المصابين بالسمنة. ويُعرّف الكثير من الاخصائيين السمنة على أنّها "زيادة بنسبة 20 في المئة من معدل الوزن". أكثر المتأثرين بهذه الظاهرة هن بالتأكيد النساء اللواتي يجهدن على الدوم للمحافظة على رشاقة وجمال أجسامهن، خصوصاً في ظل "هجمة النحافة" التي تقودها عارضات الأزياء والفنانات العالميات عبر صورهن وأفلامهن. وتقول ولما أموريس، خبيرة التغذية والحمية في مستشفيات "باقدو والدكتور عرفان"، إنَ الاحصاءات أظهرت أنّ ثلث الإناث في السعودية لديهن مشكلة السمنة. وتضيف أن "غالبية من تعالجهن بين سن المراهقة والأربعين عاماً". أما عن أبرز أسباب انتشار هذه الظاهرة، فتقول ولما: "ان ابرز الاسباب تناول الطعام المقلي و/أو الغني بالدهون مع قلة الحركة، بحيث تكون كمية السعرات الحرارية المتناولة أكبر من المحروقة، اضافة الى ان الفتيات في السعودية لا يقمن بالحركة اللازمة لحرق كمية السعرات الحرارية التي يتناولنها". وذلك يعود بحسب خبيرة التغذية إلى "غياب الثقافة الرياضية عن المجتمع الأنثوي في البلاد في شكل عام". لين، 18 عاماً، يفوق وزنها 85 كلغ فيما يبلغ طولها متراً و60 سنتيمتراً. لين جربت خلال السنوات الثلاث الماضية الكثير من أنواع الحمية مثل نظام أتكنز Atkins ونظام البروتين العالي High Protein لكنها لم تنجح معها. تقول بشيء من الحرج: "أعترف بأنني لم أكن ألتزم تماماً بالنظام، فعندما أخرج مع صديقاتي أتناول الوجبات السريعة والحلويات". لكن لين أيضاً لم تكن تمارس أي نوع من الرياضة، ففي مدرستها لا تدرس التربية البدنية ولا يسمح لها أهلها بالاشتراك في نادٍ بل يحثونها على ممارسة التمارين في المنزل. وتضيف: "لا أعرف ما هي التمارين التي علي القيام بها ثم أنني أفضل مشاهدة التلفزيون أو استقبال صديقاتي". أما منى، 22 عاماً، التي انهت للتو دراستها في الخارج، فتعتبر أن المشكلة تكمن في "أسلوب الحياة"، وتقول: "نحن لا نمشي أبداً هنا، نمضي معظم وقتنا جالسات ونستخدم السيارات في التنقل". وتقترح منى، التي ترفض الافصاح عن وزنها وتؤكد أنها تعتبر رشيقة، تعويض ذلك من خلال مراكز متخصصة في مكافحة السمنة. كما تشير إلى مشكلة أخرى تواجه الشابات في مثل عمرها وهي أن "العرسان يفضلون الشابات النحيفات، وبالتالي فإن الشابة السمينة أكثر عرضة للعنوسة"، لذلك تعتبر أنه من الضروري التركيز على التربية البدنية في البيت والمدرسة منذ الصغر. وبحسب دراسة محلية نشرت على أحد المواقع الإلكترونية، فإن 55 في المئة من السعوديات بين عمر ال16 وال30 عاماً يمضين معظم أوقاتهن في التواصل مع الأصدقاء عبر الأحاديث الهاتفية وارسال رسائل الSMS أو تبادل الزيارات أو الخروج للتسوق، فيما تمضي 30 في المئة منهن معظم أوقاتهن في مشاهدة التلفزيون، بينما تعيش 15 في المئة أخريات في العالم "الافتراضي"، أي أمام أجهزة الكومبيوتر المتصلة بالانترنت. وفي الفترة الأخيرة، احتل موضوع الثقافة الرياضية لدى الإناث حيزاً كبيراً في نقاشات المعنيين بالصحة العامة وحتى القائمين على تعليم البنات، اذ لا تدرس الرياضة في مدارس الاناث. وكان 75 عضواً في مجلس الشورى السعودي أعطوا رأيهم أخيراً بضرورة دراسة اقرار السماح بإدخال مادة "التربية البدنية" إلى مناهج تعليم البنات، وهو أمر يعتبر معارضوه أنه "قد يتعارض مع الشريعة الاسلامية".