تترقب الحكومة المغربية تشكيل الحكومة الاسبانية الجديدة لبدء محادثات معها في شأن تنشيط التعاون الاقتصادي والاستثمارات الاسبانية في مشاريع التخصيص المغربية و"تفعيل"مشروع بناء نفق يربط البلدين تحت المتوسط في منطقة جبل طارق بكلفة قد تصل الى خمسة بلايين دولار. وتخشى الحكومة الاشتراكية في المغرب"ان تنعكس التفجيرات الارهابية في مدريد الاسبوع الماضي"على التعاون بينهما"اذا ثبت ان"ارهابيين مغاربة"كانوا وراءها. وقد تبادر الحكومة المغربية، اذا لقيت تجاوباً من الحكومة الاسبانية الجديدة، الى تسهيل عمل سفن الصيد المغربية في المياه الاقليمية المغربية. شغلت الاحداث التي هزت اسبانيا الاسبوع الماضي والنتائج التي اسفرت عنها الانتخابات الاشتراعية المسؤولين في المغرب الذين وجدوا بلدهم حاضراً بقوة في"التحول الكبير"الذي عاشته اسبانيا نهاية الاسبوع الماضي. وفي حين تم الترحيب مغربياً امس بفوز الحزب الاشتراكي في الانتخابات الاسبانية العامة تابعت الرباط تعاونها"الامني والاستخباراتي"مع مدريد في شأن الاعتداءات على القطارات، في وقت زاد قلق افراد الجالية المغربية 350 الف شخص من ردود فعل انتقامية على تلك التفجيرات بعد اعتقال سبعة اشخاص يُشتبه في علاقتهم بالاعتداءات بينهم ثلاثة مغاربة. ويعتبر المغاربة اكبر جالية اجنبية في اسبانيا وبعضهم يقيم فيها منذ عقود طويلة، وكانت قضية الهجرة من المواضيع الشائكة التي اضرت بالعلاقات الثنائية بسبب التضييق الذي كانت تتعرض له الجالية في عهد حكومة خوسيه ماريا اثنار"التي لم تعمل على حماية الممتلكات الاقتصادية المغربية في اسبانيا والمقدرة بنحو 6 بلايين دولار"كما يقول مسؤولون مغاربة. وقال مصدر مغربي، طلب عدم ذكر اسمه،"ان الرباط تتعاطف مع الشعب الاسباني في محنته وتحترم خياراته الديموقراطية وتتطلع الى مزيد من التعاون والتنسيق في المجالات كافة في اطار الاتحاد الاوروبي والمنطقة اليورومتوسطية". ويراهن المغرب على بناء علاقات اقتصادية قوية جديدة مع الحكومة الاشتراكية المنتظرة بعد سنوات من الخلاف مع الحكومة السابقة كادت ان تؤدي الى مواجهة مسلحة في شأن صخرة جزيرة ليلى في البحر المتوسط صيف عام 2002. وكانت الحكومة اليمينية في مدريد طيلة الاعوام الماضية تعارض جُل المشاريع الاستثمارية، التي ينفذها المغرب في المناطق المطلة على البحر الابيض المتوسط، خصوصاً ميناء طنجة والمنطقة الحرة قرب سبتةالمحتلة. كما تحفظت مدريد على اتفاقية المنطقة التجارية الحرة مع الولاياتالمتحدة واعتبرتها تعزز موقع المغرب بين اوروبا واميركا والشرق العربي وشمال غربي افريقيا. ويعتقد محللون ان بعض"المواقف العدائية"لحكومة اثنار اضاع على شركات اسبانية فرص التوسع في المغرب والافادة من برامج التخصيص وعقود المشاريع الكبرى التي فازت بها شركات فرنسية واميركية والمانية، باستثناء صفقة"شركة التبغ"التي بيعت الى شركة"التاديس"الاسبانية - الفرنسية بقيمة 1.5 بليون دولار. وكانت اكبر الخسائر الاسبانية فقدان امتياز الصيد قرب السواحل المغربية منذ عام 1999 الذي كان يعتاش منه اكثر من 350 الف عائلة من اقليم الاندلس ويحقق عائداً سنوياً يزيد على بليون دولار. وعلى رغم ان ملك المغرب محمد السادس سمح في وقت لاحق لبواخر من اقليم غالسيا بالصيد في المياه المغربية للتعويض عن غرق ناقلة نفط في الاقليم عام 2002، الا ان الحكومة الاسبانية لم تبادر الى تقديم مبادرات مشابهة في مجال الهجرة والتعاون الاقتصادي. وتأمل الرباط ب"فض ملف الهجرة السرية"عبر المغرب واسبانيا الى اوروبا وتعتبر نفسها ضحية الهجرة التي تأتيها من جنوب الصحراء. وسعت مدريد، في عهد اثنار، الى استصدار عقوبات ضد من وصفتهم ب"الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة الهجرة". وفشلت المحاولة الاسبانية بتدخل من الرئيس جاك شيراك الذي استفادت بلاده من"سوء"العلاقات الاسبانية - المغربية. وكان اثنار خلال زيارته الاخيرة الى مراكش وصف المهاجرين المغاربة بأنهم"ساهموا في بناء الاقتصاد الاسباني منذ عقود وان نشاطاتهم التجارية والاقتصادية تعزز الروابط بين اقتصادات البلدين"لكن كلامه جاء في"الوقت الضائع"ولم تحقق زيارته سوى عقود عمل تقل قيمتها عن 400 مليون يورو، وهو مبلغ زهيد امام حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تزيد على ثلاثة بلايين دولار. ويتوقع المراقبون تقوية العلاقات المغربية - الاسبانية مستقبلاً وينتظر ان يعيد البلدان فتح الملفات الاقتصادية السابقة التي تصل قيمتها الى عشرات بلايين الدولارات، وتشمل مجالات الطاقة والكهرباء والنفق البحري تحت المتوسط والسياحة والصناعات التحويلية والتنقيب عن النفط والاتصالات والاشغال الكبرى والطرق السيارة والري وغيرها. النفق البحري وكان موضوع النفق البحري تحت البحر الابيض المتوسط احد المشاريع الجادة التي نشطتها الحكومة الاسبانية الاشتراكية التي كان يرأسها فيليبي غونزاليس منتصف التسعينات، لكن حكومة اثنار وضعت المشروع على الرف سنوات بعد ذلك اعتقاداً بأن المشروع، الذي يكلف بين 3 و5 بلايين دولار سيُعزز الصادرات المغربية الى الاسواق الاوروبية ويقوي العمالة المغربية في اوروبا ويزيد في تدفق السياح الاوروبيين والاستثمارات الى المغرب. وقبلت مدريد نهاية العام الماضي عرض مشروع النفق البحري على المفوضية الاوروبية التي وعدت بتمويل دراسات الجدوى، ما من شأنه المساهمة في تمويل جزء من الاشغال عبر البنك الاوروبي للاستثمار كما وقع بالنسبة لانبوب غاز المغرب العربي عام 1994.