سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الاسبان يهربون بخمسة بلايين دولار ويشكون من الهجرة غير المشروعة . العلاقات المغربية - الاسبانية دخلت نفق التصعيد بسبب الخلاف على الشروط المجحفة لاتفاق الصيد
} حذّر أحد المسؤولين المغربيين من أن العلاقات مع اسبانيا "تمر بأصعب مرحلة عرفتها منذ 30 سنة نتيجة مواقف غير مسؤولة صدرت عن الحكومة الاسبانية على امتداد الفترة الأخيرة وتجاوزت الخطوط الحمر"، الأمر الذي دفع الرباط إلى استدعاء سفيرها في مدريد عبدالسلام بركة. قال مصدر، فضل عدم ذكر اسمه، في لقاء خاص حضرته "الحياة"، إن اسبانيا تحرض جمعيات مناهضة للمغرب بشأن قضايا تخص حقوقاً سيادية واقتصادية، وبدأت تمارس سلوكاً عدائياً تجاه المغرب منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر، وهي أرجأت اجتماعات اللجنة العليا التي كان مقرراً لها أن تجمع رئيسي حكومتي البلدين نهاية الشهر المقبل، وجمدت التعاون الاقتصادي والمالي بين البلدين بما في ذلك بروتوكولات في مجال الديون الخارجية ومشاريع في شمال المغرب بنحو 50 مليون دولار. وأعاد المسؤول أسباب الأزمة مع اسبانيا إلى فشل المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول تجديد اتفاق الصيد البحري في نيسان ابريل الماضي، الأمرالذي لم يرق للحكومة الاسبانية، ودفعها إلى إصدار تصريحات غير مسؤولة على لسان رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا اثنار. وهدد اثنار بالفعل بفرض عقوبات اقتصادية ضد المغرب إذا لم يستأنف المفاوضات حول الصيد البحري التي تريدها مدريد مماثلة لاتفاق عام 1996، وهي صيغة رفضتها الرباط في حينه، واقترحت اتفاقاً جديداً مع بروكسل مدته ثلاث سنوات يتم فيه استعمال مراقبة الأقمار الاصطناعية، مع تقليص حجم اسطول الصيد الأوروبي إلى النصف، والبحث في صيغة التعويض المالي الذي كان المندوب الأوروبي السابق لشؤون الصيد مارك فيشلر خفّضه من نصف بليون يورو كما في الاتفاق السابق إلى 210 مليون يورو، وهو ما رفضته الرباط. وكان من نتائجه ارجاء اجتماع عالٍ كان مقرراً مطلع الصيف الماضي، اعقبه مطالبة اسبانيا بتقسيم الحدود البحرية بين الشواطئ المغربية وجزر الخالدات في المحيط الأطلسي، وهو موقف يعتبره المغرب منافياً للقانون الدولي حول حقوق المياه الاقليمية الخالصة، ويدفعه الى التهديد بنقل الخلاف الى محكمة العدل الدولية. وحسب المصادر، تصاعدت الأزمة من جديد بعد أحداث الثلثاء الأسود في الولاياتالمتحدة، إذ اتهمت صحف اسبانية المغرب بتصدير "الإرهاب" من خلال مهاجرين في قوارب يطلق عليها "قوارب الموت"، تنطلق من شواطئ المغرب عشرة أميال للوصول إلى الضفة الأخرى للمتوسط. ويقوم بتجارة الموت هذه سماسرة ومافيات تعمل فوق التراب الأوروبي، وتعمد الى اجتذاب مهاجرين مقابل تعويضات مالية يدفعها شباب افريقيا القادمون من جنوب الصحراء بقصد الوصول إلى الضفة الأخرى للمتوسط. ويعتقل المغرب مئات من هؤلاء المهاجرين وبعضهم يتم ترحيله وبعضهم الآخر يعيش في مخيمات أو كهوف على تخوم المدن الحدودية "المحتلة" مع اسبانيا. وقالت مصادر مغربية إن الجزء الأكبر من المهاجرين يأتي من افريقيا ويمر عبر الحدود الجزائرية إلى شمال المغرب ومنها إلى اسبانيا سعياً إلى الوصول إلى أوروبا التي تشكل منطقة اجتذاب للمهاجرين الاقتصاديين. ويركب البحر سنوياً آلاف الشباب من غرب افريقيا وشمالها، يرغبون في العثور على فرص عمل في دول الاتحاد الأوروبي، ويقضي المئات منهم سنوياً غرقاً في رحلة المخاطرة هذه. وتعتبر الشواطئ المغربية القريبة بوابة على أوروبا مثل اسبانيا. وتطالب الرباط الاتحاد الأوروبي بتقديم دعم مالي لها لمراقبة تدفقات هؤلاء المهاجرين واستعمال الأقمار الاصطناعية والرادارات في رصد تحركات السفن والقوارب عبر البحر المتوسط والمحيط الأطلسي على طول الشواطىء التي يقدر طولها بنحو 600 كلم. ويعتقد المغرب أنه لا يملك الموارد المالية الكافية لتمويل هذه العمليات التي تحتاج إلى دعم أوروبي ما دام المشروع يخدم الحدود الأوروبية بالدرجة الأولى. وتقترح الرباط البحث في قضية الهجرة السرية أو غير القانونية في إطار اقليمي يساهم في تمويله الاتحاد الأوروبي ومعه منظمات دولية أخرى نظراً الى الطابع المتشعب لموضوع الهجرة وأسبابه الاجتماعية والاقتصادية. ويبدو الاتحاد الأوروبي غير متحمس لتمويل هذه البرامج، واقترح المسؤولون فيه اقتطاع كلفة التمويل من برنامج الدعم الأورومتوسطي "ميدا 2". وتصاعدت الأزمة في الأيام الأخيرة بتظاهرات قامت بها جمعيات أهلية مناهضة للهجرة في بعض مناطق الأندلس التي تعتبر من أكثر المناطق الأوروبية تضرراً من وقف نشاط الصيد البحري في السواحل المغربية. وشهدت مدينة المرية قبل يومين تظاهرات ترفض فتح قنصلية مغربية في منطقة اوليبيروس التي تسكن فيها جالية كبيرة من المغاربة والمسلمين. ويعارض عدد من سكان المدينة انشاء قنصلية لدوافع عنصرية، وتدخلت قوى الأمن لفك الحصار عن المكان الذي تنوي الرباط فتح قنصلية فيه. وقال بيان اسباني "إن المنطقة لا تصلح لانشاء قنصلية محلية"، وإن السلطات "طالبت المغرب بالبحث عن مكان آخر". ويعتقد المغرب أن سلطات المدينة تتخذ ذرائع مختلفة لتأخير المشروع المعروض عليها منذ أكثر من سنة ويحتاج إلى موافقة عمدة المدينة. وحسب المصدر، فإن بعض القضايا المغربية منذ فشل مفاوضات الصيد البحري، بات يثير اهتماماً اسبانياً غير مسبوق وينجم عنه صدور مواقف غير لبقة مناهضة للمغرب في شأن حقوقه السيادية والاقتصادية. ولا يخفي المغاربة توقعهم استمرار الأزمة اثناء فترة رئاسة اسبانيا للاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من السنة المقبلة. ويعتقد المحللون الديبلوماسيون في الرباط ان الخلاف حول البحر هو مشكلة قديمة - جديدة بين المغرب واسبانيا، وسيبقى لفترة طويلة أخرى تشهد فيها العلاقات دفئاً أو جموداً، حسب تقلبات مناخ البحر المتوسط. وهو خلاف يحتاج دوماً إلى طرف ثالث للتسوية غالباً ما يكون الاتحاد الأوروبي الذي يمول صفقة مع الطرفين لارضائهما. ويطالب المغرب رسمياً بعلاقة امتيازية مع الاتحاد تكون أكثر من مجرد الشراكة التجارية وأقل من العضوية الكاملة. وكان التقارب المغربي - الفرنسي - الأميركي، ودعم المغرب للتحالف الدولي ضد الإرهاب من الأسباب غير المباشرة للتصعيد حسب مصادر مستقلة. وتدعي الرباط أنها تخسر سنوياً 25 في المئة من تجارتها الخارجية بسبب تهريب السلع التي يقوم بها تجار داخل المدن المحتلة في سبتة ومليلية، والتي تصدر إلى منطقة شمال افريقيا منتجات استهلاكية تقدر قيمتها بنحو خمسة بلايين دولار، وتكون أحياناً غير صالحة للاستهلاك ولا تستوفي المواصفات المطلوبة.