بقي الغموض مسيطراً أمس حول من يقف وراء أسوأ الاعتداءات الارهابية في تاريخ اسبانيا والتي أسفرت عن مقتل 200 شخص واصابة 1437 بحسب آخر حصيلة للضحايا. فيما استمرت عمليات التنظيف ورفع الحطام في محطة اتوشا للقطارات، وواصل المواطنون في وضع الشموع احياء لذكرى الضحايا. ووقف البعض يبيع قمصاناً لمساعدة اسر الضحايا. وأكد وزير الداخلية انجيل اثيبيس أمس ان منظمة "ايتا" الانفصالية في اقليم الباسك لا تزال المشتبه فيه الرئيس في التحقيقات في تفجيرات قطارات مدريد وانه لا يوجد دليل جديد على تورط تنظيم "القاعدة"، نقلت تقارير اعلامية ان جهاز الاستخبارات الاسباني "متأكد بنسبة 99 في المئة" من ان مسلمين متشددين هم المسؤولون عن الاعتداءات. وقال اثيبيس في مؤتمر صحافي ان التحقيق في الاعتداءات يسير "في اتجاهين منذ البداية" و"يحرز تقدماً"، غير ان "الفرضية المرجحة" تبقى حركة "ايتا" الانفصالية الباسكية. وأضاف: "يجب اعطاء الاولوية للمنظمة الارهابية التي تتحرك في اسبانيا في الدرجة الاولى. هذا ما يمليه المنطق والعقل. كما انها اولوية قواتنا الامنية". وتابع: "ليس هناك اي عنصر اضافي جديد" في ما يتعلق ب"القاعدة"، في اشارة الى الافتراض الآخر المطروح بوقوف التنظيم الذي يتزعمه أسامة بن لادن خلف الاعتداءات. ورأى الوزير ان "احتمال وجود تعاون بين تنظيمات ارهابية وارد في التحقيق منذ اللحظة الاولى، ولا يمكن بالطبع استبعاده في وقت تقوم اتصالات واتفاقات وتعاون بين المنظمات الارهابية اياً كانت". واشار الى ان "التعاون الدولي في هذا المجال هو من الوسائل المعتمدة لدى الشرطة لجمع المعلومات". وقال: "ليس مفاجئاً لأي اسباني ان تعطى الاولوية لترجيح مسؤولية العصابة الارهابية التي تنفذ اعتداءات منذ 30 سنة في اسبانيا والتي اوقعت حوالى 900 قتيل". لكن محطة اذاعة اسبانية ذكرت ان جهاز الاستخبارات الاسباني "متأكد بنسبة 99 في المئة" من ان مسلمين متشددين هم المسؤولون عن انفجارات مدريد. وأبلغت مصادر في اجهزة الاستخبارات اذاعة "كادينا سور" ان الادلة حول اعتداءات مدريد تدعم بنسبة 99 في المئة فرضية "الارهاب الاسلامي". وقال مصادر في المركز الوطني للاستخبارات الاسبانية رداً على اسئلة هذه الاذاعة الخاصة الاولى في اسبانيا انه "اعتداء يحمل بصمات راديكالية اسلامية ونفذته مجموعة كبيرة تضم ما بين 10 و15 عنصراً ربما اصبحوا خارج البلاد في الوقت الحاضر". وتابعت المصادر ان العثور على حقيبة مليئة بالمتفجرات بدد الشكوك في شأن وقوف اسلاميين خلف الاعتداءات. ويتحتم الآن بحسب المصادر تحديد ما اذا كانت الجهة المسؤولة هي "القاعدة"، اذ تضم هذه المنظمة اكثر من مئة تنظيم يمكن ان تكون نفذت الاعتداءات. وتعتقد المصادر التي استشارتها الاذاعة المقربة من المعارضة الاشتراكية ان منفذي الاعتداءات زرعوا الحقائب وهربوا على الفور ولم يبقوا في اسبانيا الا الوقت الضروري في اطار خطة متقنة الاعداد والتنسيق مثل خطة 11 أيلول. واكدت المصادر ان المركز الوطني للاستخبارات حذر وزارة الداخلية منذ الخميس من ان فرضية وقوف حركة ايتا الانفصالية الباسكية خلف الاعتداءات ضعيفة جداً وان المنفذين قد يكونون من الاسلاميين المتطرفين. وأوردت صحيفة "ال باييس" ان الشاحنة الصغيرة التي عثر عليها الخميس وفيها سبعة صواعق وشريط تسجيل لآيات قرآنية كشفت عن مؤشرات من شأنها دعم الفرضية الاسلامية خلف اعتداءات مدريد، فيما يسمح توقيت الانفجارات بتحديد المسار الذي تبعه الارهابيون. واوضحت الصحيفة الصادرة في مدريد نقلاً عن مصادر قريبة من التحقيق ان المحققين خلصوا الى ان الصواعق وآثار المتفجرات التي عثر عليها في حي الكالا دي ايناريس على مسافة 35 كلم من مدريد في شاحنة صغيرة مسروقة من طراز كانغو بيضاء، تشبه عبوة لم تنفجر وجدت في حقيبة رياضية بين اغراض شخصية في محطة بوثو. والمادة المتفجرة "غوما 2 ايكو" والصواعق النحاسية من نوع "ريوديت اس" اسبانية الصنع من انتاج "الاتحاد الاسباني للمتفجرات" وليست من الصنف الذي استخدمته "ايتا" سابقاً. ومن جهة اخرى، استنتج المحققون من درس مسار القطارات الاربعة المستهدفة ان الارهابيين تحركوا في مهلة عشرين دقيقة. وكتبت الصحيفة ان القطارات الاربعة انطلقت من الكالا دي ايناريس ما بين الساعة 00،7 و15،7 صباحاً، وتوقف اثنان منها في الوقت نفسه في ما بعد في المحطات الثلاث حيث انفجرت القنابل، وهي سانتا اوخينيا وايل بوثو واتوتشا. وانفجر قطاران فيهما سبع قنابل في اتوتشا وجوارها. وكانا توقفا على الرصيف نفسه في الكالا دي ايناريس لحوالى سبع دقائق. ويرجح المحققون ان يكون الارهابيون تصرفوا خلال هذه المهلة الضرورية لتبديل عمال السكك الحديد. وذكرت الصحيفة ان العملية قد تكون نفذتها مجموعة صغيرة تضم اقل من ستة اشخاص. وفي بيلباو انتقد زعيم حزب باتاسونا القومي الباسكي اورنالدو اورتيغي بشدة الحكومة الاسبانية لتوجيهها الاتهامات الى "ايتا" بالمسؤولية عن الهجمات. وقال اورتيغي ان حكومة خوسيه ماريا اثنار "تكذب في شأن مرتكب الهجمات لمجرد الفوز في الانتخابات".