في الوقت الذي يتواتر الحديث في إسرائيل عن احتمال تشكيل حكومة جديدة وحدة وطنية يحل فيها حزب العمل المعارض بزعامة شمعون بيريز محل الحزبين اليمينيين المتطرفين "الاتحاد القومي" و"مفدال" اللذين يعارضان أي انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة أو المساس بالمستوطنات فيهما، لم يستبعد وزير الخارجية سلفان شالوم أن يؤدي انسحاب الحزبين المذكورين إلى تقديم موعد الانتخابات البرلمانية المقررة عام 2007 على خلفية المعارضة التي سيواجهها رئيس الحكومة ارييل شارون داخل حزبه "ليكود" لانضمام العمل ولخطته فك الارتباط مع الفلسطينيين على حد سواء. ومن المفارقات أن شالوم، الذي يجول العالم لطرح خطة شارون على زعمائه، لم يعلن بعد تأييده لها، بل يميل إلى معارضتها لينضم إلى سبعة وزراء آخرين أعلنوا رسمياً رفضهم الخطة، بل هددوا شارون بدفع ثمن إقرارها. ومن جهته، يحاول شالوم التخفيف من شأن "ازدواجية موقفه" ويدعي أنه في اجتماعاته مع نظرائه في أنحاء العالم يطرح خطوط عريضة لخطة لم تتبلور بعد، ثم يضيف تحفظاته الشخصية عليها. حسابات شالوم! لكن معلقين في الشؤون الحزبية يرون أن شالوم يأخذ في حساباته مستقبله الشخصي، إذ يرى ان إقرار خطة شارون في حكومة تحظى حالياً بتأييد 10 وزراء من مجموع 23، سيدفع بحزبي "الاتحاد القومي" و"مفدال" إلى مغادرة الحكومة ويفتح الباب لاحقاً أمام انضمام "العمل"، وسط توقعات بأن يسند منصب وزير الخارجية في الحكومة الجديدة إلى زعيم العمل شمعون بيريز، ما يفقد شالوم موقعه البارز في الحكومة الحالية. في المقابل، فإن معارضته الخطة قد تسجل له نقاطاً كثيرة في مركز حزب "ليكود" وتعزز فرصه لخلافة شارون في زعامة الحزب حين تسنح الفرصة. حسابات نتانياهو وما من شك في أن مصير شارون وخطته رهن بالموقف الذي سيتخذه "الرجل الثاني" في "ليكود" وصاحب الفرص الأكبر لخلافة شارون، وزير المال بنيامين نتانياهو، القادر، إن رغب، في قيادة تمرد داخل "ليكود" يقود إلى إطاحة شارون، لكن نتانياهو لا يتسرع في حسم موقفه، وقد ينتظر ليرى مدى جدية شارون في الانفصال الأحادي الجانب عن الفلسطينيين، آخذاً في حساباته أيضاً أن وزير الدفاع شاؤول موفاز، أبرز منافسيه على كرسي زعامة ليكود، يؤيد الخطة وقد يكون الرابح الأكبر في حال نجح شارون في اقناع اعضاء اللجنة المركزية لحزبه بقبولها. شراكة مع العمل؟ إلى ذلك، هناك من يتهم شارون بأنه يقف وراء التسريبات الأخيرة عن اتصالات يجريها كبار معاونيه مع أوساط في حزب "العمل" للتمهيد إلى إعادة الشراكة الحكومية بين "ليكود" و"العمل"، وان الغرض منها "طمأنة" شركائه الحاليين من أقصى اليمين بأن ثمة خياراً أمامه إذا انسحبوا من الحكومة لعلمه أن الحزبين اليمينيين المتطرفين يخشيان حقاً انضمام "العمل" الذي يؤيد الانسحاب من معظم الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفيما وصفت أوساط قريبة من شارون الاتصالات مع "العمل" بأنها "ما زالت في الأسابيع الأولى من الحمل"، وأنه لا يجوز توصيفها ب"مفاوضات"، اعتبرها بيريز مجرد تكهنات وتقولات، وقال إن الحكومة الحالية لن تحقق السلام، وان ما يعني "العمل" أساساً السلام وليس الكراسي الحكومية. لكن رئيس الحكومة زعيم "العمل" السابق ايهود باراك نصح أركان حزبه بالتعامل بجدية مع خطة شارون، وقال إن الأخير عاقد العزم على تنفيذها، ما يحتم على "العمل" درس إمكان دعمه في حال انسحب حزبا "مفدال" و"الاتحاد القومي" من الحكومة. وزاد أن وراء خطة شارون مخاوفه الحقيقية من أن يُسجل في تاريخ إسرائيل كمن دفع بها إلى هاوية سياسية وأمنية.