عكست نتائج الانتخابات على رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني عمق الازمة التي تعيشها حركة "فتح" التي تشهد انقسامات وشرذمة، وذلك بعد ان فاز الدكتور حسن خريشة، وهو من ابرز الشخصيات الفلسطينية المعارضة بمنصب النائب الاول لرئيس المجلس التشريعي بحصوله على غالبية اصوات كتلة "فتح" التي لا ينتمي اليها، فيما اسقطت الكتلة مرشحها "بالاجماع" لهذا المنصب النائب محمد الحوراني. و فيما حصل روحي فتوح، مرشح كتلة "فتح" لمنصب رئيس المجلس التشريعي خلفاً لرفيق النتشة الذي انتخب موقتا قبل نحو اربعة اشهر لخلافة احمد قريع أبو علاء قبيل تعيينه رئيسا للحكومة الفلسطينية الجديدة بغالبية 51 صوتا مقابل 15 صوتا لمنافسه النائب نبيل عمرو، جاءت المفاجأة في مجريات التصويت على منصب النائب الاول لرئيس المجلس. وكانت كتلة "فتح" اتفقت في اجتماع لها حضره 55 نائباً من اصل 83 ترأسه الرئيس ياسر عرفات مساء الثلثاء، عشية الانتخابات على دعم النائب محمد الحوراني الذي لم يصوت له في نهاية الامر سوى 25 نائباً، فيما حصل منافسه خريشة على 44 صوتا. وفاز النائب غازي حنانيا بمنصب النائب الثاني لرئيس المجلس بالتزكية بعد ان سحب النائب الشيخ سليمان الرومي ترشيحه في التصويت الاول. وأحدثت النتيجة جلبة قوية داخل اروقة المجلس التشريعي، سيما وان كتلة "فتح" كانت أقنعت الحوراني بالترشح لهذا المنصب، لكن النتيجة جاءت مناقضة كليا لما تم الاتفاق عليه داخل الكتلة. ووصف النائب حاتم عبدالقادر نتيجة التصويت في ما يتعلق بالحوراني بانها "تجسيد للازمة التي تعيشها حركة فتح التي تتآكل وتتراجع يوما بعد يوم". وقال عبدالقادر في تصريحات ل "الحياة" ان نتائج التصويت تؤكد انه "لم تعد هناك كتلة فتح في التشريعي وان الكتلة باتت تشكل اقلية وليس غالبية في المجلس بعد ان فضل نحو نصف اعضاء الكتلة مصالحهم الخاصة واهواءهم على قرارات داخلية اتخذت بالاجماع"، مضيفا ان ما حدث يؤكد "حالة التدهور التي وصلت اليها فتح ويدق ناقوس الخطر لتلاشيها". ورجح نواب فتحاويون ان يدعو الرئيس الفلسطيني الذي يشغل ايضا منصب رئيس حركة "فتح" الى اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات ما جرى. ونقلت مصادر فلسطينية عن عرفات "غضبه الشديد" ازاء ما حدث. واكدت المصادر ذاتها ان الحوراني حاز على ثقة جميع من حضر من كتلة "فتح" في اجتماع الثلثاء وعددهم 55 ولم يعترض احد خلال الاجتماع عليه كما ان احدا لم يرشح غيره. والنتيجة ان اقل من نصف هؤلاء 24 فقط صوتوا الى جانب الحوراني لتولي منصب النائب الاول لرئيس المجلس التشريعي، فيما حجب الباقون اصواتهم. واتهم بعض النواب عددا من اعضاء كتلة "فتح" في المجلس بالتصويت على اساس "مناطقي" متجاوزين القرار الحزبي. وحضر جلسة التصويت 71 نائباً من اصل 83، وامتنع خمسة نواب عن التصويت. يذكر ان اثنين من اعضاء المجلس التشريعي توفيا وان اثنين آخرين هما مروان البرغوثي وحسام خضر مسجونان لدى اسرائيل، وان نائباً واحداً هو الدكتور حيدر عبدالشافي قدم استقالته من عضوية المجلس. وتولى خريشة، وهو طبيب، منصب رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي وعرف بمواقفه المعارضة لسياسة السلطة الفلسطينية في غير مجال وانتقاده لاستراتيجيتها كما انه تابع على مدى سنوات تهم الفساد وسوء الادارة في السلطة الفلسطينية. ورأى بعض المراقبين ان تولي خريشة منصبه الجديد "سيعزز المعارضة داخل المجلس"، سيما وان خريشة ترك حركة "فتح" منذ زمن بعيد. ومن المقرر ان يلقي الرئيس الفلسطيني كلمة امام المجلس التشريعي الذي سيعقد اول جلسة له في دورتة التاسعة في مقر الرئاسة اليوم الخميس بعد تأجيل ليوم واحد بسبب الزيارة التي قام بها مدير المخابرات المصرية الوزير عمر سليمان الى رام الله.