حتى قتل أطفال فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الاسرائيلي لم يعد يحرك مشاعر غالبية الاسرائيليين تماماً كما لا تعنيهم معاناة فلسطينيي الضفة الغربيةالمحتلة جراء اقامة الجدار الفاصل. هذان الموقفان تجليا بوضوح في الاستطلاع الحديث الذي أجراه مركز أبحاث السلام في جامعة تل أبيب، مطلع هذا الشهر، في اطار استطلاعات "مؤشر السلام" الشهرية التي يجريها. وعملياً يدل موقف الاسرائيليين من غالبية المسائل الساخنة الى اتساع انتشار الخطاب اليميني المتطرف في أوساطهم وتحديداً منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في أيلول سبتمبر 2000. وأعلن 84 في المئة من الاسرائيليين تأييدهم اقامة الجدار 13 في المئة يعارضون على رغم قناعة غالبيتهم العظمى ان الجدار لن يمنع العمليات الانتحارية تماماً انما يقلص عددها بشكل كبير. ورأى ثلثا الاسرائيليين وجوب تحديد مسار الجدار طبقاً للاعتبارات الأمنية الاسرائيلية، فيما رأى 20 في المئة فقط ضرورة ان يكون محاذياً للحدود العام 1967. وينعكس هذا التأييد الكبير لاقامة الجدار أيضاً في عدم ايلاء أي اعتبار لمعاناة الفلسطينيين الذين يصادر الجدار أرضهم أو يقطع أوصالهم أو يحبسهم في سجن كبير، اذ قال 64 في المئة ان مسألة معاناة الفلسطينيين "هامشية"، فيما رأى 31 في المئة فقط انه يجب أخذها في الحسبان لدى تحديد مسار الجدار. وتأكيداً للميول الشوفينية والكراهية للفلسطينيين يعلن 70 في المئة من الاسرائيليين انه ينبغي مواصلة سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية لكوادر التنظيمات الفلسطينية "حتى بثمن المساس بفلسطينيين أبرياء" بداعي انها "تقلص الارهاب الفلسطيني". واللافت ان المواقف المتشددة المذكورة لم تصدر عن معسكر اليمين التقليدي فحسب انما أيضاً عن أنصار حزب الوسط "شينوي"، الشريك في الحكومة، وعن مؤيدي حزب "العمل" المعارض المحسوب على يسار الوسط الاسرائيلي! الى ذلك، أعلن 62 في المئة مقابل 28 تأييدهم خطة الانفصال الأحادي الجانب عن الفلسطينيين وان 51 في المئة يفضلونها على مواصلة الجهود للتوصل الى تسوية مع الفلسطينيين. وقال 60 في المئة انهم يؤيدون إخلاء كل المستوطنات اليهودية في قطاع غزة، بينما يعارضه 32 في المئة. وأعرب 52 في المئة عن قناعتهم بأن رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون سينفذ الخطة. ويختلف موقف الاسرائيليين من الانفصال عن الضفة الغربية اذ أعرب 60 في المئة عن معارضتهم الانسحاب من كل المستوطنات اليهودية فيها مقابل تأييد 30 في المئة. وأيد 64 في المئة حصر الانسحاب في مستوطنات صغيرة ومعزولة.