كشفت مصادر مطلعة في دمشق ل"الحياة" ان مناقشات لجان تطوير حزب البعث الحاكم تضمنت "اقتراحات جريئة جداً" تتعلق بالبعدين الفكري والتنظيمي، بينها "اعادة تحديد مفهوم قيادة الحزب للدولة والمجتمع"، مما يعني احتمال تشكيل لجنة خامسة تختص بالبحث في "علاقة البعث بالسلطة". وكانت قيادة "البعث" وزعت تعميمين داخليين على عناصر الحزب البالغ عددهم 8.1 مليون، منهم 800 ألف عضو عامل في كل انحاء البلاد تتضمن اسئلة تتناول مبادئ الحزب في "الوحدة والحرية والاشتراكية" ومفهوم الديموقراطية، اضافة الى البعد التنظيمي. ثم شكلت القيادة القطرية التي تضم 21 عضواً بقيادة الرئيس بشار الاسد اربع لجان من ديبلوماسيين وعسكريين ومسؤولين واقتصاديين لتقديم اقتراحات خطية لتطوير الحزب. كما ان اكاديميين مثل الدكتور احمد برقاوي قدم "دراسة صريحة" عن الديموقراطية والمجتمع المدني. وقالت المصادر ان اللجان الأربع تجتمع دورياً الى حد ان "لجنة الاشتراكية" تجتمع مرتين في الاسبوع وفي ساعات محددة، وان موعد تقديم الاقتراحات هو 7 نيسان ابريل المقبل الذي يصادف الذكرى ال 57 لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي. لكن المصادر اشارت الى ان "جدية المناقشات وعمقها سيؤديان الى تأجيل تقديم الاقتراحات النهائية". وقال احد اعضاء اللجان ل"الحياة": "ان ما يحصل هو اهم مراجعة فكرية وعقائدية للحزب منذ تأسيسه العام 1947"، لافتاً الى ان المناقشات "تتناول المنطلقات النظرية للحزب على اساس وجود تساؤلات مثل: هل لا يزال الفكر الماركسي صحيحاً؟ وهل مفهوم الطبقات لا يزال قائماً؟ وما هو موقفنا من الخصخصة؟". وقال الدكتور مهدي دخل الله عضو اللجنة التنظيمية ل"الحياة": "هناك تركيز على الطبيعة الديموقراطية للحزب وعلى البعد الشعبي وليس على البعد الطبقي كي لا يكون البعث حزب فئة او طبقة محددة"، مضيفاً: "لا يمكن ان يكون تعيين رئيس بلدية اكثر اهمية من وضع التعليم في بلدة ما". وتركز مناقشات اللجان التي لم تضم عضواً في القيادة القطرية "على البعد الفكري والعقائدي وليس السياسي مع الميل الى التخفيف من التنظير مقابل التعاطي مع الواقع". واوضحت المصادر: "هناك محاولة لاعادة تعريف مفاهيم مثل الاشتراكية والديموقراطية"، اضافة الى وجود اقتراح ب"عدم حصر عضوية الحزب على العمال والفلاحين مقابل الانفتاح على الجميع". وكان تردد ان القيادة وافقت على تشكيل لجنة خامسة تتناول "علاقة الحزب بالسلطة" وان مشاركين قدموا اقتراحات تتناول المادة الثامنة في الدستور السوري للعام 1973 التي تنص على ان "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في الدولة والمجتمع". لكن المصادر نفت وجود أي قرار في هذا الشأن حالياً. واوضحت: "هناك محاولة لاعادة تحديد مفهوم قيادة الحزب للدولة والمجتمع"، مع الاشارة الى وجود اقتراحات ب"ان يكون البعث واحدا من الاحزاب السياسية في البلاد خصوصا بعد صدور قانون للاحزاب السياسية". وسئلت المصادر عن امكان صدور قانون للاحزاب، فأجابت: "بالتأكيد التطوير السياسي قادم لكن سيأخذ وقته". واكدت ان المؤتمر العام ل"البعث" المقرر في حزيران يونيو العام المقبل سيكون "حاسماً" بالنسبة الى طبيعة دور الحزب في سورية والى "اقرار اقتراحات رسمياً". وحرصت المصادر على تأكيد عدم ارتباط مساعي الاصلاح في الحزب باحتلال العراق وسقوط "البعث" في بغداد. وقال رئيس تحرير صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم: "قرار التطوير بدأ في المؤتمر التاسع في حزيران العام 2000، اذ ان البيان الختامي تحدث عن خلل في علاقة الحزب والسلطة. ولم يقل قصوراً، ادراكاً منا بالحاجة الى الاصلاح". وتابع دخل الله الذي عمل مديراً لقسم الدراسات بين عامي 1983 و2001 في مكتب الامين العام المساعد للحزب عبدالله الاحمر: "لا يمكن ان يجري تحويل في سورية الا اذا أراده البعث. هذا يعني انه لا يمكن القيام بتحويل هدفه ضد البعث لانه القوة السياسية الوحيدة"، لافتاً الى ان "برنامج التغيير وضع قبل 16 شهراً من احداث 11 ايلول سبتمبر كما ان البعث استبق المعارضة في حديثه عن الاصلاح".