بدأت دوائر القرار العليا في ايران عملية إعادة ترتيب البيت الداخلي بعدما عصفت به رياح الأزمة الناجمة عن رفض مجلس صيانة الدستور المحافظ ترشيح مئات من الاصلاحيين الى الانتخابات النيابية. وفي وقت أكدت وزارة الداخلية رسمياً عزمها تنظيم الانتخابات البرلمانية في موعدها العشرين من الشهر الجاري، دعا المرشد علي خامنئي الى الانسجام والوفاق الداخلي. وأعلن دعمه وشكره للرئيس الإيراني محمد خاتمي ورئيس البرلمان مهدي كروبي لالتزامهما بقراره في عدم تأجيل الانتخابات، وهو موقف رأى فيه بعض المراقبين مؤشراً الى احتمال ظهور علاقة تحالفية بين الثلاثة في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الاثنين وقفا في وجه انصارهما الاصلاحيين في البرلمان، ما سبب احباطاً يصل الى حد النقمة عليهما في الشارع الاصلاحي. وعلمت "الحياة" من مصادر ايرانية مطلعة "ان خامنئي لن يسمح للمحافظين بالمساس بموقع خاتمي ودوره في حال انتزاعهم البرلمان وتمكنهم من تشكيل الحكومة الجديدة". كذلك علمت "الحياة" من مصادر فاعلة في التيار المحافظ أن الرأي الغالب في أوساط هذا التيار يتجسد في تقديم مرشحين من ذوي الكفاءة والاختصاص مثل الأطباء والمهندسين والمحامين، وليس شرطاً أن يكونوا معروفين بموالاتهم للتيار المحافظ، مما يرجح عدم قيام اليمين المحافظ بتقديم لوائح انتخابية معينة. وفي المقابل، اصبح التيار الاصلاحي في موقف لا يحسد عليه، فالقوى الاصلاحية غير قادرة عملياً على الدعوة الى مقاطعة الانتخابات، كما ان بعضها يستعد لخوض التنافس الانتخابي إثر تأييد صلاحية مرشحيه. ومن بين هذه القوى جماعة علماء الدين المناضلين التي ينتمي اليها الرئيس خاتمي ويتولى أمانتها العامة كروبي. وأوضح النائب الاصلاحي مجيد أنصاري عضو الشورى المركزية للجماعة أنها ستشارك في الانتخابات "لأن ظروف التنافس متوافرة". صعود رفسنجاني مجدداً كذلك يتجه حزب كوادر البناء المقرب من الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الى المشاركة الفاعلة في الانتخابات. وهو حزب يوصف بأنه يقف حالياً على يمين اليسار الاصلاحي بعدما كان يقف سابقاً على يسار اليمين المحافظ. وعلى العكس، فإن الموقف المبدئي للنواب المستقيلين هو عدم المشاركة في الانتخابات بعدما رفضت صلاحياتهم. لكن القوى الاصلاحية لم تصل حتى الآن الى موقف نهائي في شأن طبيعة خطتها. وفي موازاة ذلك يراهن كبار صناع القرار على مشاركة شعبية كبيرة وفاعلة عند صناديق الاقتراع ليكون ذلك بمثابة تأييد للنظام في مواجهة اي ضغوط خارجية مرتقبة.