لم يكن رفض الاتحاد الافريقي لكرة القدم طلب الجزائر اجراء مقابلة مع المغرب في تونس العاصمة بدل مدينة صفاقس قراراً رياضياً فقط، وانما عكس المخاوف ازاء اي انفلات أمني بسبب وفود أعداد كبيرة من الرعايا الجزائريين لتشجيع فريقهم الذي يخوض اليوم "معركة سياسية" مع الفريق المغربي. وعلى غير العادة، اضطرت السلطات التونسية الى فرض اجراءات على الرعايا الجزائريين، مثل الحصول على مبلغ 100 يورو وتذكرة المباراة، فيما أقلت طائرة مغربية أمس حوالي 130 شخصاً لتشجيع الفريق. المدرب المغربي بادو الزاكي الذي قال امس: "نحن جاهزون وسنعرف كيف نجاري المنتخب الجزائري"، يعتبر واحداً من الوجوه الرياضية التي تألقت بعد الهزيمة الساحقة التي ألحقها الفريق الجزائري بنظيره المغربي عام 1979 برسم اقصائيات أولمبياد موسكو، ما أدى الى استبدال الحارس حميد الهزاز عميد الفريق وقتذاك بالحارس الزاكي الذي رافق مسار الفريق المغربي الى كأس العالم مرات عدة. لكن تلك المباراة التي أطاحت رؤوساً رياضية وسياسية شكلت عقدة لدى المغاربة في مواجهتهم مع الجزائريين. وغالباً ما يُنظر الى أي مباراة بين الطرفين على انها "حرب رياضية" تجري على خلفية صراع سياسي بين البلدين الجارين. إلا ان المحصلة النهائية للمواجهات الرياضية تميل لمصلحة المغرب الذي انتصر على الفريق الجزائري تسع مرات خلال 14 مباراة. بيد ان الظروف السياسية التي أحاطت بمواجهة 1979 تبدو مختلفة الآن. وقتها لم يكن المغاربة والجزائريون عاودوا تطبيع علاقاتهم الديبلوماسية. وكانت حرب الصحراء على أشدها. وروى شهود في مباراة الدار البيضاء ان الملك محمد السادس، وكان ولياً للعهد وقتذاك خرج متأثراً من المباراة، خصوصاً انه معروف بولعه بكرة القدم التي تعتبر واحدة من هواياته المفضلة، قبل ان يختار التزحلق على الماء، عكس والده الراحل الحسن الثاني الذي كان اكثر شغفاً بلعبة الغولف. التحدي الذي يخوضه المدرب الجزائري رابح سعدان يستند الى تجربة توفرت لديه من خلال تدريب فرق مغربية مثل "الرجاء" و"الخميسات" و"طنجة" في فترة الثمانينات، وان كان الفريق الاهلي المغربي عرف تغييراً في تركيبته عمادها لاعبون مغاربة في فرق اجنبية. إلا انه في مقابل هذه الصورة تحتفظ الذاكرة الرياضية للمغربي الراحل العربي بن مبارك الذي كان يوصف ب"الجوهرة السوداء" و"بيلي شمال افريقيا" كونه درب فريق سيدي بلعباس عام 1956 قبل عودته الى المغرب. وبينما يبدو المغاربة أكثر اطمئناناً الى اقصائهم جنوب افريقيا المنافس الرئيسي في استضافة كأس العالم لعام 2010، تشكل مباراة تونس مع الجزائر امتحاناً رمزياً للاتحاد المغاربي، أقربه ان المتنافسين من المغرب والجزائر وان الأرض تونسية، والحكم ليبي الجنسية.