قبل الرئيس الباكستاني برويز مشرف أمس توصية قدمها مجلس الوزراء الباكستاني للعفو عن "أبو القنبلة النووية" الباكستانية عبد القدير خان، ليطوي بذلك ملف الأزمة. وفور اعلانه العفو عن خان، بدأت التكهنات في إسلام آباد في شأن دور واشنطن التي تعتبر إسلام آباد حليفتها الأساسية في الحرب على الإرهاب، باعتبار ان ذلك لا يمكن ان يتم من دون وعد بألا تثير اميركا الموضوع من جانبها. والمفارقة ان العفو عن خان باعتباره بطلاً قومياً، لم يؤدي الى اغلاق ملفه وترافق مع احتجاز عدد من الذين وصفوا بأنهم "أسماك صغيرة" في اتجاه واضح الى تحميلهم المسؤولية وتحويلهم "كبش فداء". وهؤلاء هم أربعة من العلماء النوويين وثلاثة من الإداريين العاملين في المشروع النووي، صدر قرار باحتجازهم تسعين يوماً على ذمة التحقيق في شأن تسريب تقنية نووية إلى دول مثل ايران وليبيا وكوريا الشمالية. وتوقف مراقبون عند قول مشرف في مؤتمر صحافي عقده امس، إن "دولاً غربية كبيرة متورطة في نقل وتسريب التكنولوجيا النووية، فهل طالبها أحد بالكشف عن ذلك". واعتبروا ان الرئيس الباكستاني ما كان ليقدم على هذا القول لولا اتفاقه مع واشنطن مسبقاً على ذلك، ما اعطاه دفعاً معنوياً كبيراً. ولوحظ ان مشرف ارفق كلامه بالقول ان باكستان "لن تسلم أي وثائق الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولن تخضع الى تحقيق مستقل ولن تسمح للامم المتحدة بالاشراف على برنامجها النووي". مشرف ينتقد ايران وليبيا وغمز مشرف من قناة ليبيا وايران، آخذاً على مسؤولي البلدين تسليم اطنان من الملفات الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تتضمن وثائق تدين العلماء النوويين الباكستانيين. وقال عن البلدين من دون تسميتهما بالاسم: "هؤلاء ليسوا بأخوة". وتزامن الكلام عن دور واشنطن في اغلاق الملف، مع لقاء دانيال ماركي مستشار وزير الخارجية الأميركي كولن باول مع زعيم الجماعة الإسلامية القاضي حسين أحمد في معقل الاخير في ضاحية المنصورة في لاهور، ما عزز التكهنات عن عزم واشنطن على تهدئة الاوضاع داخلياً في باكستان، خصوصاً أن هذه الخلوة سبقتها تظاهرات شعبية قادها حسين أحمد في إسلام آباد دعا فيها الجيش الباكستاني إلى الاختيار "بين أن يكون جيش الولاياتالمتحدة أو جيش الشعب الباكستاني". وفي غضون ذلك، تساءل احد اقارب العلماء النوويين الاربعة عن مغزى احتجازهم، خصوصاً ان مشرف اشار في خطاب العفو الى "اعتراف خان بتسريب معلومات نووية" الى طهران وطرابلس الغرب وبيونغيانغ، فيما اشار معارضون للرئيس الباكستاني الى انه "كان شخصياً مشرفاً على البرنامج النووي الباكستاني باعتباره قائداً للجيش" قبل توليه الرئاسة، وبعدها عندما انشأ لجنة برئاسته للتحكم بهذا البرنامج. ومعلوم ان العلماء الذين تقرر احتجازهم، لن يلقوا الدعم الشعبي الذي لقيه خان. ورأت المعارضة الليبرالية الممثلة ب"حركة استعادة الديموقراطية" أن اعتراف خان بالمسؤولية والعفو عنه خلّف أسئلة كثيرة ومعقدة من بينها مسؤولية الأجهزة الأمنية عن كل الخروقات التي ارتكبها خان، وكيف له أن يرسل مكونات المشروع النووي إلى دول أجنبية وبطائرة شحن بعيداً عن أبصار الأجهزة الأمنية".