سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القذافي يشيد ب"العقلية الاوروبية الجديدة" في التعامل مع القارة ... وكوناري يدعو الى تشكيل قوة افريقية للتدخل السريع . القمة الافريقية تبدأ اجتماعاتها في سرت بهاجس الامن وحل النزاعات وتقاسم المياه
بدأ اكثر من 30 رئيس دولة وحكومة افريقية اعمال قمتهم الاستثنائية الثانية أمس في اطار الاتحاد الافريقي في مدينة سرت الليبية، حيث ناقش المؤتمرون ملف الدفاع المشترك الذي يتضمن تأسيس مجلس السلم والامن الافريقي لحل النزاعات والحروب في القارة. ومن المقرر ان تعقد اليوم جلسة ختامية لاقرار "إعلان سرت عن تحديات التنمية المتكاملة والمستدامة للزراعة والمصادر المائية في افريقيا". وحذر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في كلمته الافتتاحية من عودة الاستعمار، وقال انه "قد يتكرر في أي وقت إذا توافرت له الشروط وأولها الفراغ". وأشار في الوقت نفسه الى ان الدول الاستعمارية "بدأت تتعامل مع الأفارقة بعقلية جديدة... اننا نسير في طريق التعاون والصداقة... نحن نتعامل مع عقلية أوروبية جديدة". ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي الفا عمر كوناري، إلى تأسيس قوة افريقية تكون عملية وقادرة على التدخل والرد بسرعة على أي أزمة أو أي احتمال لزعزعة منطقة من مناطق القارة. افتتحت أمس في مدينة سرت الليبية 450 كلم شرق طرابلس أعمال القمة الاستثنائية الثانية للاتحاد الافريقي للبحث في قضايا المياه والزراعة والدفاع والأمن. وستناقش القمة "إعلان سرت عن تحديات التنمية المتكاملة والمستدامة للزراعة والمصادر المائية في افريقيا" التي رفع في شأنها المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي في ساعة متقدمة من ليل الخميس - الجمعة مشروعاً الى قادة ورؤساء دول الاتحاد للمصادقة عليه في نهاية القمة. وينص الإعلان على جملة من التوصيات التي تتعلق بالانتاج الزراعي والحيواني والموارد السمكية وتنمية معدات انتاجها والدراسات حولها. وسيبحث القادة الافارقة ايضاً في ملف الدفاع المشترك الذي يرتدي طابعاً سياسياً حساساً. وتحدث الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في الجلسة الافتتاحية للقمة، مؤكداً عزم الأفارقة على اتخاذ خطوات جادة نحو الوحدة والاندماج، مشيراً إلى أن افريقيا تملك إمكانات هائلة تمكنها، إذا اتحدت، من القضاء على الفقر والتخلف وتحقيق التقدم. وانتقد بشدة حقبة الاستعمار والمآسي التي سببها للشعوب الافريقية، وقال إن "أي تعويض عن هذه المسألة التاريخية لا يكفي ولا بد أن نثبت اننا بشر في بناء الاتحاد الافريقي والولايات المتحدة الافريقية". وحذر من عودة الاستعمار وقال انه "ليس له زمن، وقد يتكرر في أي وقت إذا توافرت له الشروط وأولها الفراغ". وشدد على قدرة الشعوب الافريقية للتعامل بندية مع الآخر بفضل ثرواتها وإمكاناتها البشرية الهائلة. وأشار القذافي في كلمته إلى أن الدول الاستعمارية أخذت درساً مفيداً من تجربتها الاستعمارية في افريقيا، وأنها اليوم بدأت تتعامل مع الأفارقة بعقلية جديدة تنبذ الاستعمار. وفي معرض تذكيره بالقمة الافريقية - الأوروبية التي عقدت في القاهرة، قال "اننا نسير في طريق التعاون والصداقة والاستثمار المشترك والاستغلال الأمثل، وهذا شيء جديد، فنحن نتعامل مع عقلية أوروبية جديدة". كما تحدث في الجلسة الافتتاحية للقمة، رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي رومانو برودي الذي أكد على رغبة أوروبا في بناء جسر من التعاون المثمر مع الاتحاد الافريقي. وقال إن الاتحاد الأوروبي سيستخدم علاقاته مع ليبيا للعمل معها في افريقيا وفي منطقة المتوسط. وأكد حرص الاتحاد الأوروبي على دعم الاتحاد الافريقي والشراكة الجديدة لتنمية افريقيا، وحرصه على الدخول في حوار أوروبي - افريقي بناء. وقال إن تجمعات كبيرة وقوية مثل الاتحادين الأوروبي والافريقي تشكل لبنات لبناء الاستقرار والسلام العالميين. وتحدث رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي الفا عمر كوناري، مؤكداً أهمية القمة، وقال إنها "ستبحث في مسألتين حيويتين لقطاعين مهمين لحاضر القارة ومستقبلها، هما السياسة المشتركة للدفاع والاستغلال الأمثل والرشيد للموارد الزراعية والمائية". ودعا الى تشكيل قوة افريقية للتدخل السريع. وحذر كوناري من هشاشة الأوضاع التصالحية في بعض الدول الافريقية التي شهدت خلال السنوات الماضية حروباً أهلية ونزاعات داخلية، وشدد على ضرورة تعزيز دور مجلس السلم والأمن الافريقي وضمان نظام للدفاع المشترك في القارة. وذكّر بعمليات الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا والتي قال إنها جرت أمام أعين افريقية عاجزة. وأضاف "يجب ونحن نستعد لإحياء الذكرى العاشرة لهذه المأساة الافريقية الإنسانية في السابع من نيسان المقبل، ألا نسمح بتكرارها". ودعا إلى تأسيس قوة افريقية تكون عملية وقادرة على التدخل. وقال :"اننا بحاجة الى مجلس للسلم والامن والى قوة افريقية تتجاوز الاطر التقليدية السابقة للدفاع والامن". وتطرق الى مشكلتي المياه والزراعة ورسم صورة قاتمة للوضع الحالي في القارة بسبب عدم استغلال الموارد الافريقية الاستغلال الأمثل. وقال إن القارة ستشهد أزمات خانقة إذا لم تبادر إلى اتخاذ اجراءات فاعلة في إطار افريقي مشترك، خصوصاً أن عدد سكان القارة سيضاعف خلال 25 عاماً. وأضاف ان على افريقيا أن تستعد لرفع التحديات والانتقال إلى انتاج الغذاء وتوفير المياه الصالحة للشرب لمواطنيها، وبيّن في هذا الخصوص أن 210 ملايين افريقي يعانون اليوم سوء التغذية، وان هذا الرقم يفوق ب14 مليونا ما كان الوضع عليه العام 1992 و28 مليونا عما كان عليه سنة 1969. ووصل إلى مدينة سرت، حتى مساء الخميس أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة افريقية، وكان لافتاً حضور الرئيس المصري حسني مبارك، الذي سجل تغيّبه عن أكثر من قمة افريقية سابقة، وتعتبر مشاركته مؤشراً الى أهمية هذه القمة، خصوصاً أنها ستتعاطى في موضوع حساس أصبح يشكل هاجساً لمصر، وهو موضوع المياه وما أثارته دول حوض بحيرة فيكتوريا قبيل القمة عن طرح مطالبتها بإعادة النظر في اتفاق تقسيم مياه النيل في قمة سرت. وعبر وزير الخارجية المصري أحمد كامل في تصريح له مساء أول من أمس في سرت عن هذه الهواجس، بقوله إن حرص مصر على المشاركة في هذه القمة بأعلى تمثيل يؤكد أن اهتمامها بافريقيا لا يزال قائماً وقوياً. وكان العقيد القذافي طرح تصوراً متقدماً لجيش افريقي موحد يقلص عدد الجيوش الحالية ويقلص الانفاق العسكري في القارة إلى حوالى النصف، لانفاق هذه الأموال على التنمية، وذلك خلال مداخلته أمام الاجتماع الثاني لوزراء الدفاع والأمن الأفارقة الذي عقد قبل أيام. كما طرح على وزراء الزراعة والمياه أفكاراً جريئة تتجاوز الحدود الوطنية للدول الافريقية في إدارة موارد المياه والأراضي الزراعية. وكانت أعمال الدورة الاستثنائية الرابعة للمجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي اختتمت في ساعة متقدمة من ليل الخميس - الجمعة في سرت ، وتبنت "إعلان سرت عن تحديات التنمية المتكاملة والمستدامة للزراعة والمصادر المائية في افريقيا"، الذي رفع إلى القمة أمس لإقراره. وينص المشروع على توصيات تتعلق بالانتاج الزراعي والحيواني والموارد السمكية وتنمية معدات انتاجها واجراء الدراسات حولها وانشاء شبكة معلومات وتقوية مراكز المعلومات الوراثية في مجال الزراعة وتربية المواشي، والأسماك. ويحث إعلان سرت كذلك على تقوية أنظمة الانذار المبكر على المستوى الاقليمي والقاري لتفادي الآثار السلبية للجفاف والفيضانات والآفات. ويدعو إلى تعزيز قيام المجموعات الاقتصادية والاقليمية بإعداد بروتوكولات اقليمية في شأن الموارد المائية المشتركة وتعزيز منظمات أحواض الأنهار والبحيرات المائية الحالية واستغلال المياه المتوافرة وفقاً لمبادئ القانون الدولي والاتفاقات المبرمة بين كل الدول المشتركة في أحواض الأنهار. وكلف الإعلان لجنة رؤساء الدول والحكومات المعنية بتنفيذ "نيباد" متابعة تنفيذ"إعلان سرت". كما تم تكليف مفوضية الاتحاد الافريقي إعداد خطط عمل مفصلة لتنفيذ هذا الإعلان وتقديم خطط العمل والبرامج إلى الدورة العادية للمؤتمر التي تعقد في العام 2005.