تبدلت لهجة الاسرائيليين وتعليقاتهم على ما يدور في لاهاي حيث تواصل محكمة العدل الدولية النظر في طلب الجمعية العمومية للأمم المتحدة تقديم رأي استشاري في قانونية الجدار الفاصل. بعد أن أوحت التعليقات الأولى بأن اسرائيل غير عابئة بما يدور داخل أروقة المحكمة مستهترة بهوية الدول التي تشارك في تقديم الدفوع، وان ما يعنيها أساساً المعركة الاعلامية التي تدور مع الفلسطينيين في المناطق المحيطة بالمحكمة وقناعتها التامة بأنها تسجل انتصاراً فيها، ارتفعت أصوات تنتقد عدم المشاركة في المرافعات الشفوية والاكتفاء بالمذكرات الخطية ما أخلى الميدان للادعاءات ضد بناء الجدار. واعترف مسؤولون بارزون واعلاميون كبار بأن الفلسطينيين سجلوا نجاحاً داخل المحكمة وخارجها وأقروا ب"قدراتهم البارعة على شرح موقفهم بكل وضوح ومن دون تأتأة" على حد قول نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت. وجاء لافتاً تخصيص الصحف العبرية الكبرى مساحات كبيرة للكلمة التي ألقاها ممثل فلسطين لدى الأممالمتحدة ناصر القدوة وللمرافعات القانونية وحتى بعض ما جاء في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله قبل بدء الجلسة الأولى. شارون: جلسات المحكمة مهزلة ونفاق ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون وصفه جلسات محكمة العدل الدولية بأنها "مهزلة ونفاق". وقال شارون في حديث مقتضب الى الصحيفة "تجري حملة نفاق في الايام الاخيرة في سيرك لاهاي الدولي". واضاف أن "ما يجري في لاهاي هو محاولة لحرمان اسرائيل من حقها الطبيعي في الدفاع عن نفسها، الا اننا لن نتراجع". وتابع: "ستواصل اسرائيل بناء الجدار الامني وستنهيه بناء على قرارات الحكومة". وقال نائبه يوسف لبيد ان المشورة القانونية التي تلقتها الحكومة بعدم المشاركة في المرافعة الشفوية كانت خاطئة "وقد اتضح حجم الخطأ أمس بعد أن ظهرت نتائج المعركة الاعلامية". وزاد ان "من غير المعقول ان تكتفي اسرائيل بإرسال مذكرة خطية وتترك المنصة لأربعة من كبار رجال القانون الدولي عملوا على اقناع العالم بصحة ادعاءات الفلسطينيين". وكتب المعلق البارز في "يديعوت احرونوت" ناحوم برنياع انه "في مقابل التعادل المشرف الذي حققته اسرائيل في معركتها الاعلامية مع الفلسطينيين، فإنها تلقت ضربة قاضية، على الجبهة القضائية لعدم ظهورها". وتابع انه يتوقع ان يكون مصير التظاهرات النسيان، لكن الأمر بالنسبة إلى مداولات المحكمة مغاير "فبعد 37 عاماً من حرب العام 1967 تقف اسرائيل اليوم أمام محاولة دولية جدية لتقييد حرية نشاطها في المناطق الفلسطينيةالمحتلة. جدار مقابل جدار. الجدار المادي الذي تبنيه اسرائيل مقابل الجدار القضائي الذي تضعه أمامها المحكمة الدولية". واضاف ان تقديم الفلسطينيين ادعاءاتهم كان ممتازاً وفصيحاً ومشفوعاً بالقرائن ولامعاً "ثلاثة نواب عرب في الكنيست لم يدعوا الفلسطينيين يديرون معركتهم وحدهم. عزمي بشارة اكثرهم تطرفاً، قال في تظاهرة خارج المحكمة ان الاحتلال هو عنف ضد مواطنين والارهاب، هو عنف ضد مواطنين والنتيجة، وسط تصفيق حار من الجمهور، ان الاحتلال هو ارهاب". وفي مقابل هذه المواقف تحدت اسرائيل المجتمع الدولي مجدداً بإعلانها أمس انها باشرت بناء جزء آخر من الجدار يمتد من مستوطنة الكانا حتى معسكر عوفر على طول 42 كيلومتراً، وانه سيتم حتى نهاية العام الحالي بناء 200 كيلومتر من الجدار تضاف الى 180 كيلومتراً تم بناؤها بالفعل، واستكمال بناء "غلاف القدس" الذي يبتر القرى الشرقية عن القرى الفلسطينية القريبة، وعن الضفة الغربية كلها. وبدأت اسرائيل صباح أمس، بناء قسم جديد من الجدار الفاصل في قرية بيت سوريك في الضفة الغربية شمال غربي القدس كما افاد مراسل وكالة "فرانس برس". وجرت مواجهات عنيفة بين عناصر شرطة الحدود ونحو مئة من القرويين في المنطقة القريبة من بيت سوريك حاولوا من دون جدوى الوقوف بأجسادهم أمام الجرافات التي كانت تشق الارض وتقتلع اشجار الزيتون. وأطلقت الشرطة قنابل صوتية واستخدمت الهراوات في تفريق القرويين. وقال شهود ان قوات الامن الاسرائيلية أصابت عشرين من الفلسطينيين وجاءت المواجهة الجديدة أمس. وقال الشهود ان مزارعين فلسطينيين ومؤيدين من الاسرائيليين في بيت سوريك حاولوا منع جرافات الجيش من تدمير مزرعة زيتون لافساح الطريق للقطاع الجديد من الجدار. وقال جيل كليمان المتحدث باسم الشرطة الاسرائيلية ان قوات الامن استخدمت قنابل مسببة للصدمات والغاز المسيل للدموع في تفرقة الحشود. وذكر شهود أن المحتجين العشرة الذين أصيبوا نقلوا في سيارات اسعاف. وأضاف كليمان أن ثلاثة من رجال الشرطة أصيبوا بجروح طفيفة وان خمسة فلسطينيين واسرائيلياً واحداً اعتقلوا.