الشيء الوحيد الواقع، وسط الغموض المحيط بمستقبل العراق السياسي من كل جانب، أن قليلاً من العراقيين يريدون أن يقودهم مجلس الحكم الذي عينته الولاياتالمتحدة. قال مجيد سالم 21 عاماً، وهو طالب يعيش في حي مدينة الصدر الشيعية الفقير في بغداد: "نرفض المجلس. ليسوا سوى عملاء للأميركيين. إنهم لا يمثلون الشعب العراقي". وأضاف: "المجلس يؤيد الأميركيين، والأميركيون يعتقلون المعارضين. يفعلون ما فعله صدام ويتحدثون عن الديموقراطية". وأيد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الموقف الأميركي القائل إن اجراء انتخابات مبكرة ليس ممكناً. وقال بعد اجتماع مع 46 سفيراً انه ليس قادراً بعد على تقديم اقتراح لاختيار الحكومة الانتقالية في 30 حزيران يونيو. ويتركز الاهتمام بشكل متزايد على مجلس الحكم كقيادة موقتة وهناك مشاورات لتوسيعه. لكن الفكرة لا تلقى تأييداً في الشارع، حيث غالباً ما ينظر الى أعضاء المجلس باعتبارهم دمى تحركها أميركا، أمضوا سنوات في العواصم الغربية، فيما كان العراقيون يعانون تحت حكم صدام حسين. وعملياً فإن أعضاء المجلس، وعددهم 25، هم الوحيدون الذين اكتسبوا خبرة قيادية منذ أن عينتهم الولاياتالمتحدة في تموز يوليو الماضي. لكنهم فشلوا في كسب تأييد العراقيين الذين حل محل فرحتهم بسقوط صدام الغضب من المحتلين الأميركيين، وغياب الشرعية. ويتخذ المجلس قراراته بعد تشاور مع سلطة الاحتلال الأميركية. وذلك الترتيب جعل غالبية العراقيين تشكك في أي وعود بالديموقراطية تقدمها الولاياتالمتحدة منذ أن غزت العراق في آذار مارس الماضي. قال حسين علي 28 عاماً، وهو واحد من كثير من العراقيين العاطلين عن العمل: "هذا الاحتلال لن ينتهي أبداً. كل هذا الحديث عن الانتخابات والسيادة ومجلس الحكم يهدف إلى تهدئة العراقيين". بل تنظر الشرطة العراقية التي تساندها الولاياتالمتحدة نظرة معادية للعملية السياسية التي يجري فرضها. وأعرب الشرطي أحمد طالب عن شكه في قدرة المجلس على تحسين الأوضاع في العراق، بينما كان يحملق عبر أسلاك شائكة في جدار نسف في مركز الشرطة في الفلوجة حيث لقي 22 شرطياً حتفهم في هجوم شنته المقاومة المسلحة. وقال طالب: "نريد زعيماً مشرفاً. المجلس الحاكم لا يفعل شيئاً سوى تلقي الأوامر من الأميركيين. لا نريدهم". وأضاف: "لا يستطيع أناس مثل أحمد الجلبي قيادة العراق. إنهم موجودون فقط من أجل مصالحهم وللحفاظ على استمرار الاحتلال الأميركي". وقال أحد سكان مدينة الفلوجة السنية انه سينتخب واحداً من الذين يحتجزهم الأميركيون. وهذا يسلط الضوء على مدى الصعوبة التي قد تظهر لاختيار قادة في بلد يعاني من صراعات عرقية. وقال جمال الجميلي، وهو تاجر عملة: "نريد صدام حسين. نحب صدام. المجلس الحاكم يضم الكثير من الشيعة".