في الوقت الذي بدأت مؤسسة الحزب الديموقراطي تسلم بترشيح جون كيري لمواجهة الرئيس جورج بوش في الانتخابات الرئاسية، بعثت نتائج الاقتراع الاولي في ولاية ويسكونسن شمال رسالة تفيد بأن ما زال من المبكر تتويج كيري مرشحاً بلا منازع. وعلى رغم فوز كيري بغالبية اصوات الولاية 39.7 في المئة، فاجأ المرشح جون ادواردز المراقبين وتحدى استطلاعات الرأي بحصوله على 34.3 في المئة من الاصوات، ليفرض نفسه خصماً لا يستهان به قبل اقل من اسبوعين من الجولة الانتخابية الاكثر اهمية في "الثلثاء الكبير" في الثاني من الشهر المقبل، والتي ستشمل التصويت في عشر ولايات من بينها كاليفورنيا ونيويورك ذات الكثافة السكانية. وبدا امس، ان السباق الى ترشيح الحزب الديموقراطي تحول فجأة الى معركة بين رجلين بعد تدخل الناخبين المستقلين ونسبة كبيرة من الناخبين الجمهوريين لمصلحة ادواردز، في اشارة الى رفضهم التسليم بفوز كيري، الذي حصد 16 ولاية من اصل 18 شهدت انتخابات حتى الآن. وكان كيري يأمل في ان تجعل منه انتخابات ويسكونسن مرشح الامر الواقع ليتفرغ مبكراً للتركيز على حملته لإطاحة الرئيس بوش. بدلاً من ذلك، منحت ويسكونسن ادواردز مبرراً للقول إن الناخبين بدأوا يعيدون النظر في خيارهم، فضلاً عن دخول المستقلين واعداد من الجمهوريين على الخط، في شكل مؤثر، لم تتوقعه الاستطلاعات التي اقتصرت على رصد آراء الناخبين الديموقراطيين الملتزمين. وكانت الاستطلاعات توقعت فوز كيري بفارق 20 نقطة عن اقرب منافس له. نهاية دين؟ وتسربت انباء امس، عن قرب اعلان المرشح هوارد دين، الذي لم يتمكن من تجاوز نسبة 18 في المئة من اصوات الولاية، انسحابه من السباق وترك الساحة لكيري وادواردز. وقال 40 في المئة من الناخبين الذين صوتوا في ويسكونسن انهم ليسوا اعضاء في الحزب الديموقراطي، علماً أن قانون الولاية يسمح لأي ناخب، بغض النظر عن انتمائه الحزبي، بالتصويت في الانتخابات الاولية والنهائية لأي من الحزبين. وحقق ادواردز تقدمه في الايام الثلاثة الاخيرة قبل التصويت، ما اظهر مهاراته الشخصية في خوض حملة، قدمته على انه البديل الافضل لمن لا يريد التصويت لكيري. واستفاد ادواردز ايضاً من حملة دين، التي ركزت على اقناع الناخبين بألا يسلموا بالخيار الذي انحاز اليه الناخبون في الولايات التي اقترعت حتى الآن. الجمهوريون مع ادواردز! ولا يخفي الجمهوريون سعادتهم بإنجاز ادواردز الذي يفضلونه منافساً لبوش في ضوء انعدام خبرته السياسية والعسكرية مقارنة بكيري، ما يسهل عليهم المهمة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. كما سيستفيد الجمهوريون من استمرار المعركة بين كيري وادواردز ما قد يستنزف كليهما لفترة اطول بدلاً من ان يتفرغ كيري للهجوم على بوش. ومن المتوقع ان يستفيد ادواردز من انسحاب دين الذي استأثر بأصوات الديموقراطيين غير المقتنعين بترشيح كيري. وفيما ركز ادواردز حملته على انتقاد الوضع الاقتصادي والهوة بين الاغنياء والفقراء، ركز كيري على مهاجمة بوش وسياساته المرتبطة بالامن القومي. ولوحظ في الاسبوعين الاخيرين تراجع اهمية الوضع في العراق بالنسبة الى الناخبين الذين اعطوا الاولوية للأوضاع الاقتصادية ومشاكل التأمين الصحي وضرورة اضعاف نفوذ المصالح الخاصة في واشنطن. وساعد على تراجع اهمية العراق في الحسابات الانتخابية ان افراد الشرطة والامن العراقيين باتوا الهدف الاول للعمليات التي تشنها المجموعات المتطرفة في العراق بدلاً من القوات الاميركية.