يرسم عراقيون يترددون بين البصرة والكويت صورة قاتمة عن اوضاع السنّة في المحافظاتالعراقيةالجنوبية، اذ في حين تتركز الاضواء الاعلامية الاجنبية والعربية على انشطة متطرفين ومقاومين من السنّة في وسط العراق وغربه، يقول هؤلاء إن الميليشيات الشيعية في الجنوب تباشر "حملة للتطهير الطائفي أدواتها الاغتيالات والخطف مصادرة المساجد والأوقاف السنية وادارة مؤسسات الدولة وعلى رأسها الاجهزة الامنية على اساس مذهبي وحزبي". وبحسب معلومات استقتها "الحياة" من ناشطين سنّة فإن الفترة منذ دخول القوات الاميركية والبريطانية العراق وحتى الآن شهدت اغتيال عشرات من وجهاء السنة من شيوخ عشائر وأئمة مساجد ومثقفين وتجار وأطباء ممن لا صلة لهم بنظام صدام حسين، وتمت الاغتيالات على يد فرق قتل مدربة لا تترك خلفها اي آثار. لكن بصمات الميليشيات المدعومة من ايران واضحة عليها. كذلك استولت الميليشيات على 40 مسجداً سنياً في محافظاتالجنوب وصادرت مبنى الاوقاف السنية في البصرة وكثيراً من وثائقه. وهيمنت هذه الميليشيات على الدوائر الرسمية كافة وأقصت معظم القياديين السنة عنها ولا سيما المدارس، وصبغت مدن الجنوب بساحاتها وشوارعها ومبانيها بشعارات وأسماء وصور ذات لون مذهبي وحزبي فاقع. وقال "أبو محمد"، وهو من مثقفي السنة في البصرة، ل"الحياة" ان هذه الممارسات "لا يمكن ان تكون عشوائية او فردية، بل تبدو مخططاً لها وهدفها تفريغ الجنوب من السنة واجبارهم على النزوح عنه". وأضاف: "لا الحكومة المركزية في بغداد مهتمة بمواجهة هذه التجاوزات ولا الحكومات العربية مدركة لهذا الوضع ولا وسائل الاعلام منتبهة لما يحدث". وكشف عن شكوك لدى السنة في الجنوب في فائدة المشاركة في الانتخابات المقبلة "فالدوائر التي ستشرف على الانتخابات كلها في يد الميليشيات ولا ضمانات تذكر بسلامة تلك الانتخابات ونزاهتها خصوصاً مع استمرار التوتر الامني". أقليات مهمة وخلافاً للاعتقاد السائد خارج العراق بأن محافظاتالجنوب شيعية خالصة، فإن التقديرات الاحصائية تكشف عن وجود مهم للسنة في عدد من المحافظات والمدن. ففي مدينة البصرة لا تقل نسبة السنة عن 35 في المئة، وهم في الزبير نحو 45 في المئة، وفي الفاو 40 في المئة وفي الناصرية نحو 17 في المئة، وحتى في النجف وكربلاء، المدينتين الاقدس عند الشيعة، هناك اقلية سنية تتراوح بين 5 و10 في المئة. وكانت محافظة البصرة حتى قبل نحو خمسين عاماً سنية بمعظمها لكن هجرة كثير من السنة الى دول الخليج واوروبا ونزوح الشيعة من ارياف جنوبالعراق وحتى من ايران الى البصرة طلباً للعمل قلبا المعادلة السكانية. ويصف "ابو محمد" ما يتردد من انه كانت للسنة حظوة ومكانة في ظل نظام صدام حسين بأنها "خرافة اختلقتها بعض احزاب المعارضة"، وقال: "نظام البعث بدأ استبداده عام 1968 بضرب التيار الاسلامي السني وعلى رأسه الاخوان المسلمون وأغلق جمعياتهم والمدارس الدينية السنية قبل الشيعية، وكان اول من اعدم من رجال الدين عالماً سنياً هو الشيخ عبدالعزيز البدري عام 1970، ثم وجه اجرامه نحو الاخوة الاكراد خلال السبعينات، ولم يظهر قمعه للشيعة الا بعد قيام الثورة الايرانية والحرب مع ايران". وتابع: "صدام حسين ليس طائفياً بل دينه الولاء، فمن والاه كان على دينه ومن عارضه سحقه سواء كان شيعياً او سنياً او مسيحياً"، ويدلل على ذلك بأنه "حتى لحظة سقوط النظام عام 2003 كان كثير من قيادات النظام في الجنوب من الشيعة، فمثلاً مدير أمن الزبير ويسمونه الاستاذ سعد كان شيعياً، ومسؤول حزب البعث في الزبير وينادى الاستاذ خلف كان شيعياً مع ان السنة يشكلون نصف سكان هذه المدينة، ومدير غرفة تجارة وصناعة البصرة ابان النظام واسمه غالب كبة كان شيعياً، ومدير التربية في البصرة كان الاستاذ احمد جاسم وهو شيعي، بل لم يعين نظام البعث طوال حكمه احداً من سنة البصرة في منصب محافظ او مساعد محافظ البصرة فيما عين مساعدين للمحافظ من شيعة المدينة، وكان الشيعة يمثلون 58 في المئة من الكوادر الحزبية للبعث في المحافظاتالجنوبية". ويصف ابو عبدالله - الذي طلب عدم ذكر اسمه - وهو تاجر من سنة البصرة ل"الحياة" تسلسل الاحداث منذ سقوط النظام فيقول: "بعد دخول القوات البريطانية البصرة صارت الحدود مع ايران من غير رقابة، وخلال اسابيع بدأت عناصر من قوات بدر وميليشيات شيعية اخرى تتوافد من هناك الى البصرة وهي مشحونة بنفس طائفي غير موجود اساساً بين سكان البصرة، واستولت هذه الميليشيات المسلحة على الدوائر الحكومية المهجورة وبدأت بادارتها باسم الدولة العراقية ولكن على اساس اجندتها الطائفية والحزبية". ويضرب مثالاً على ذلك مقر مديرية التربية في حي الخليج "اذ اقتحم شخص معمم قادم من ايران يدعى احمد المالكي مع مسلحين المقر وعين نفسه مديراً عاماً للتعليم لشهور عدة وأقصى من يريد اقصاءهم من مديري المدارس وأكثريتهم من السنة وامتنع عن تعيين اي مدرس سني طوال فترة سيطرته على المديرية الى ان ابعد وتولى مكانه مدير آخر ينتمي لحزب الدعوة وكان اكثر اعتدالاً، لكن التمييز ضد المدرسين السنة استمر، بل ان التعيين في الوظائف الحكومية عموماً صار يتطلب احضار تزكية من الحوزة الشيعية او من يمثلها في المدينة". ويضيف ابو عبدالله: "جرى تغيير اسماء المدارس الى اسماء ذات لون مذهبي فاقع مثل مدرسة كربلاء المقدسة او الزهراء او اسماء قيادات الاحزاب الشيعية، وكذلك الامر مع الشوارع والساحات والمرافق العامة التي غطتها جداريات وصور لقادة التيارات الشيعية، وجرى احضار مقرئين ومقرئات الى المدارس لقراءة المراثي الحسينية على الطلبة مع انه لا علاقة لها بالمنهج الدراسي". أما الاجهزة الامنية فكانت هدفاً اول للميليشيات، "فجهاز استخبارات الشرطة في البصرة تديره الآن عناصر من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية - "قوات بدر" التي اعادت بناء قوة الامن بحسب توجهاتها. ولا يزيد عدد المنتسبين لقوة الشرطة حالياً من السنة عن سبعة في المئة، وهذه النسبة الصغيرة للسنة تحققت فقط بعدما اصبح التعيين في الوظائف الحكومية مركزياً من بغداد، ولكن بعد ماذا؟ بعدما آلت قيادة وادارة كل الدوائر الحكومية للميليشيات التي صارت ترتدي رداء الدولة وتنطق باسمها". ولكن ماذا عن القوات البريطانية؟ يجيب ابو عبدالله: "البريطانيون يعلمون بكل ما يجري وأحياناً يتدخلون عندما تقع ممارسات خارجة عن الحدود، لكنهم لا يتدخلون في ما يحدث داخل الاجهزة الرسمية العراقية وهم اختاروا غض النظر عن تصرفات الميليشيا وسير عناصرها في الشوارع بسيارات مسلحة". اغتيالات مبرمجة! غير ان أخطر ما يرويه سنة البصرة من تجاوزات يتعلق بمسلسل الاغتيالات التي قالوا انها بدأت بعد ثلاثة اشهر من سقوط النظام ولم تتوقف حتى الآن. ويقول ابو عبدالله: "ان اول موجة من الاغتيالات كانت موجهة ضد المتدينين السنة على الطريقة السلفية ممن يطلقون لحاهم ويلبسون "دشاديش" قصيرة بعدما اصدر بعض المعممين القادمين من ايران فتوى بتكفير هؤلاء واستحلال دمهم، "ومن اول ضحايا هذه الفتوى عائلة من عشيرة بن حسين في مدينة ابو الخصيب مع اقرباء لهم من عشيرتي الغانم والدواسر دخل عليهم مسلحون من الميليشيات واعتقلوهم واقتادوهم الى مكان مجهول وتأكدنا بعد ذلك من قتلهم. وكذلك استهدفت التصفيات بعض الشيعة الذين تحولوا الى المذهب السني باختيارهم وقتل شابان في الزبير بسبب ذلك احدهما يدعى عباس والآخر محمود، علماً ان الانتساب المذهبي مختلط جداً في جنوبالعراق وأحياناً داخل العشيرة والعائلة الواحدة ولم نكن نستشعر هذه المذهبية قبل ان تدخل علينا الميليشيات من ايران". ويتابع: "بعد ذلك بدأت الاغتيالات تستهدف البعثيين السابقين ولاحظنا ان اكثر المستهدفين بالقتل كانوا من البعثيين السنة مع انهم اقلية في فروع الحزب في الجنوب، وفي كل الاحوال كان كثير من البعثيين سنة وشيعة منتمين للحزب كرهاً لا عن رغبة منهم ولم يكن هناك مبرر لاستهدافهم ولكنها كانت حجة لقتل السنة، وان كانت التهمة انهم بعثيون فلم لم يحاكموا". ويضيف ابو عبدالله: "ثم تلت ذلك موجة استهدفت وجهاء السنة مثل عميد كلية الهندسة الدكتور الشريدة الذي كان خارجاً من عمله بسيارته فأرداه مجهولون، والطبيب عبدالله الفضلي الذي اقتحموا عليه عيادته في مدينة ابو الخصيب وأطلقوا عليه النار، والشيخ عبدالمجيد الجناعي عضو هيئة علماء المسلمين والناشط في العمل الخيري ترصدوا له وهو خارج من المسجد مع سائقه قصي الدهاس قبل أربعة شهور وقتلوهما، كما قتلوا اربعة اشخاص من عائلة الزامل في قضاء ابي الخصيب، وكذلك الامر مع امام مسجد في الناصرية، والأمثلة على ذلك بالعشرات، وكل هذه الاغتيالات سجلت ضد مجهول. لكن بصمات الميليشيات كانت واضحة عليها، وصرنا نعتقد ان كل سني يبرز ويكون نشاطه الاجتماعي والسياسي ملفتاً للنظر يتم استهدافه، بل لدينا معلومات عن قوائم اغتيالات جاهزة للتنفيذ عند بعض الميليشيات. ويروي البصريون السنة - وجميعهم يطلبون عدم نشر اسمائهم لسبب مفهوم - قصصاً حول فرق الاعتقالات والسجون "التي شابهت ما كان يتم في عهد صدام حسين" كما يقول ابو محمد "فالاعتقال تعسفي وتقوم به الميليشيا باسم الشرطة والقانون ولكن لا قانون سوى الاستفزاز والاستهداف الطائفي، مثل ما جرى قبل الأسبوع الماضي، حين دهمت الشرطة الميليشياوية في حضور مدير الأمن الداخلي، وهو من قوات بدر وجاء حديثاً من ايران، عشرة منازل في مدينة الأمن الداخلي في البصرة واعتقلت 40 رجلاً من السنة الى معتقلات غير معلومة، ثم افرج عن بعضهم وتبين انهم نالوا قسطاً وافراً من التعذيب، وهذه الممارسات هدفها اجبار السنة على الرحيل، بل اقتبست بعض الميليشيا الأسلوب الصهيوني في هدم منازل المستهدفين مثل ما حدث لعائلة الحزبة في منطقة ابي الخصيب بعد خلاف بينهم وبين جيران لهم من الشيعة قبل بضعة شهور فجاءت الميليشيا وهدمت منازل العائلة لتجبرها نهائياً على ترك الأرض، ويتابع "كثيراً ما يجعلون من قصة الانتماء للبعث او ايواء ارهابيين حجة للاعتقالات، لكنهم لم يمتنعوا مثلاً عن اعتقال الشيخ عدي السعدون، وهو امام مسجد ضرير في الناصرية وتعذيبه مع إمام مسجد آخر، وهما لا علاقة لهما بالبعث ولا بالسياسة، ومن التصفيات التي استهدفت وجهاء السنّة قتل شيخ اكبر عشيرة سنّية الشيخ علي السعدون". ويزعم بعض السنّة انه باتت للاستخبارات الإيرانية قيادة في كل محافظة من محافظاتالجنوب "وبعض هذه القيادات في مبان معروفة ويتردد عليها ضباط يتحدثون الفارسية، هذا والقوات البريطانية لا تحرك ساكناً امام هذه الاختراقات، و"كل شيخ معمم من الشيعة بات يعد نفسه الوصي على المنطقة التي يعيش فيها وممثلاً للحوزة". مصادرة المساجد والأوقاف ومما كان اكثر الاستفزازات الطائفية وضوحاً قيام مسلحين شيعة باقتحام مبنى إدارة الأوقاف السنية بالبصرة في تموز يوليو 2003 والاستيلاء على ما في داخله من وثائق وصكوك تتعلق بممتلكات قيمتها مئات الملايين من الدولارات موقوفة من محسنين من اهل السنّة في العراق والخليج والجزيرة العربية ويعود بعضها الى 300 عام، وأدى ذلك الى استنفار سني في اليوم التالي - وصادف الجمعة - وإلى صلاة جماعة حضرها الآلاف ساروا بعدها الى مبنى الإدارة فوجدوه فارغاً مما كان فيه، ثم عادت الميليشيا بعد ايام الى الاستيلاء على المبنى ولا زالت تسيطر عليه، اما المشرفون على الوقف فاتخذوا مبنى آخر مقراً للأوقاف، وجمعوا ما استطاعوا من صور عن الصكوك الوقفية المفقودة. ويقول ابو محمد "ترددت في بعض وسائل الإعلام اخيراً انباء عن قيام متطرفين من السنّة في وسط العراق بالاستيلاء على مسجدين او ثلاثة من الشيعة لكن وسائل الإعلام لا تذكر شيئاً عن استيلاء الميليشيات الشيعة على 36 مسجداً سنّياً في جنوبالعراق، لعل اهمها مسجد الخطوة في مدينة الزبير الذي هو مسجد الحسن البصري وجدد بناؤه عام 2002 فقط، والآن استولى عليه المتطرفون وصار مسجداً للشيعة، وهناك مسجدان للسنّة في الفاو اقتحمتهما الميليشيات ومنعت السنّة من الصلاة فيهما وصارا مسجدين للشيعة، وكذلك مساجد اخرى في الناصرية وغيرها". ويتابع "المعروف في الفقه الشيعي عدم جواز الصلاة على ارض مغتصبة، فكيف بمساجد مغتصبة؟". ويشير الى ان الاغتصاب بوضع اليد صار يشمل البساتين والعقارات "إذ استغلت الميليشيا غياب الدولة وحرق الدوائر المسؤولة عن الضبط العقاري لتحاول وضع اليد على عدد من البساتين المملوكة للسنّة - وكثير منها لكويتيين وسعوديين - في ابو الخصيب ومناطق اخرى غير ان الأوصياء عليها حالوا دون ذلك في حالات كثيرة". وحالياً لا يمثل السنّة في الجنوب وفي مدينة البصرة رسمياً سوى ثلاث هيئات هي: مديرية الوقف السنّي وهيئة العلماء المسلمين والحزب الإسلامي العراقي، في مواجهة حضور هائل لعشرات الهيئات والمنظمات والأحزاب الشيعية بأنواعها "والتي كثير منها يمثل اجهزة ايرانية تمويلاً وتوجيهاً" كما يقول ابو عبدالله، ويتابع "لا يستطيع السنّة في الجنوب مجاراة المجموعات الشيعية فهذه تدعمها دولة اقليمية كبيرة هي ايران بالخبرة والتنظيم والتمويل والدعم السياسي، اما السنّة فمشتتون لا خبرة لهم وهم بالكاد استفاقوا من سنوات الحظر السياسي الطويلة في ظل النظام السابق". ويضيف: "إعلامياً لا يملك السنّة وسائل تذكر فيما للشيعة أربع فضائيات تلفزيونية ومثلها من الإذاعات وعشرات الصحف والمجلات، وللأسف هذه الوسائل تساهم في التحفيز الطائفي وتغذيه". ويوضح: "من وسائل التمييز الحالية ان الرقابة على الكتب الواردة من اي بلد سوى ايران تواجه برقابة وتدقيق صارمين قبل دخولها البصرة فيما تدخل علينا آلاف الكتب المطبوعة من ايران وتخدم الفكر المتطرف من غير رقيب، والأمر نفسه بالنسبة الى الوافدين، فالقادمون من الخليج او الدول العربية يعاملون كإرهابيين مشتبهين فيما الحدود الإيرانية مفتوحة على مصراعيها للقادمين من ايران راجلين وركباناً من غير تدقيق في هوياتهم، وعلمنا ان كثيراً منهم وهم غير عراقيين يحصلون على هويات عراقية من الدوائر التي باتت تحت سيطرة الميليشيات". ويرى البصريون هذه النقطة حساسة جداً بالنسبة الى مشروع الانتخابات المقررة في 30 كانون الثاني يناير المقبل، ويقول ابو محمد "لا يستشعر السنّة في الجنوب بأن لديهم فرصة تذكر في هذه الانتخابات، فحتى لو قيل انها تحت إشراف دولي فإنها ستتم بإدارة الأجهزة التي باتت تحت سيطرة الميليشيا، وفي الانتخابات البلدية التي جرت في الزبير في حزيران يونيو الماضي فاز سني واحد بمقعد من اصل 26 مقعداً مع ان السنّة يمثلون نصف سكان الزبير تقريباً ثم عينوا سنياً آخر وقالوا: هذا تصدقنا به عليكم! اما المجلس الاستشاري لمحافظة البصرة فلم يسمحوا إلا بعضو سني واحد من اصل 40 عضواً"، ويضيف "لم يقرر السنّة في الجنوب موقفاً من الانتخابات بعد لكن موقفهم سيرتبط على الأرجح بموقف بقية السنّة في العراق". الحياة اليومية ويؤكد الجنوبيون من السنّة ان الحياة اليومية لهم ولعوائلهم باتت محفوفة بالمخاطر والتوتر والقلق. ويقول احدهم: "سلاحنا الوحيد هو ضبط النفس امام الاستفزازات التي لا تنتهي والتي تبدأ بممارسات المسلحين وتنتهي بما يسمعه ابناؤنا في المدارس من عبارات جارحة تمس الرموز الدينية. وفي كثير من الأحيان وجدنا ان الروابط العشائرية خير ملاذ لنا من الدولة او سلطات الاحتلال في رد الظلم لأن كثيراً من العشائر الجنوبية مختلطة بين سنّة وشيعة، وهذه الوشائج تفيد احياناً، لكن الروابط العشائرية لم تعد في قوتها القديمة فقد ضربها صدام حسين وهذه من مساوئ عهده الكثيرة". وعلى رأس المخاطر التي تخشاها الأسر السنّية ظاهرة خطف الشبان السنّة ومساومة اهاليهم على فدية مالية كبيرة مقابل إطلاقهم والتي صارت احد اساليب التمويل الذاتي لدى بعض الميليشيات التي هي اقرب للعصابات منها للتنظيمات السياسية. وقال ابو محمد: "نحن السنّة في الجنوب لا نريد عراق المحاصصة الطائفية، فهذه لم يعرفها العراق منذ نشوئه الحديث ثم في العصر الملكي الهاشمي، وكانت الصلات العشائرية والدينية والقومية ظاهرة صحية في مجتمعنا العراقي. ما نريده هو ان يلتفت اخواننا العرب وخصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي الى احوال اخوانهم السنّة في جنوبالعراق وأن يبادروا الى مداراة جراحهم التي بدأت في ظل نظام البعث وزاد نزيفها بعد سقوطه".