لا يقترب قيس الزبيدي وهو مونتير ومصور ومخرج إلا من ظاهرة تسمى باسمه، او تقترن به. وهي ظاهرة تلفت الانتباه لكثرة مشاغلها التي تكاد تفارق صفاته الثلاث، فآخر فيلم روائي"أول فيلم في الواقع"هو"اليازرلي"- من انتاج المؤسسة العامة للسينما في سورية - 1974، وبعدها التفت الى الافلام التسجيلية التي انتجت عبر مؤسسة السينما الفلسطينية. الدوران في الامكنة، اعطى لهذه الظاهرة، آفاقاً تتلون بها، فهو عراقي مقيم في المانيا ودمشق، وهذا اتاح له ان يعمل لفترة طويلة مثلاً على ارشيف السينما الفلسطينية، وهو نواة ارشيف مودع في الارشيف الاتحادي في برلين، تحت اسم الارشيف السينمائي الوطني الفلسطيني... وقدم الزبيدي مشروع بناء الارشيف في فلسطين مساحة ارض - موقع - تقنيات، لكن المشروع برمته متوقف منذ فترة، فثمة صعوبات جمّة تعترضه، منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف. ثمة ما هو جديد اذن في هذه الظاهرة، اذ تمكن الزبيدي من اعداد كتاب"فلسطين في السينما"، وسيصدر قريباً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ربما في غضون شهر، وقد استغرق العمل عليه اكثر من اربع سنوات، وكتب له المقدمة د. فيصل دراج، وهو يضم بين دفتيه ارشفة ل750 فيلماً لفلسطينيين وعرب وأجانب، منهم جماعة الحاضر الايطالية الجديدة، التي تضم 30 سينمائياً، قدموا في العام 2003 فيلم"رسائل من فلسطين". ولا يبتعد قيس الزبيدي عن أمكنته، إلا ليكشف ما هو متربع فيها وقائم بما يشبهها، فهو انتهى من كتاب جديد سيصدر قريباً باللغتين العربية والالمانية بعنوان الفاشية في السينما الالمانية، وفيه يتم الحديث عن اكثر من 180 فيلماً رصدت موضوعة الفاشية بمستويات مختلفة، حتى ان كلاسيكيات السينما الالمانية، تعتبر تلك الموضوعة مثالاً كبيراً لها. ويرى الزبيدي ان العمل على تيمة الفاشية في الفن في أوروبا وأميركا اللاتينية والعالم العربي لا يزال حيوياً، ففكرته عن الافلام التي اخرجها ألمان من الضروري الاطلاع عليها في منطقتنا. ويقوم الزبيدي حالياً، بمراجعة كتابين احدهما لسيد فيلد، وهو من ترجمة احمد الجمل، والكتاب بعنوان"رحلة شخصية"، وهو كتاب جديد يتحدث فيه المؤلف عن ثلاثة عقود من العمل في كتابة السيناريو، كما ان الكتاب الثاني يحمل عنواناً لافتاً"الشاشة الشيطانية"للكاتبة الألمانية لوتا أيزنر، وهو يعد من اهم الكتب عن السينما الالمانية الصامتة، اذا ما جمعنا اليه كتاب سيغفريد كراكاور"من كاليغاري الى هتلر". وعن سبب انشغاله في مراجعة الكتابين، يصر الزبيدي على ان المراجعة هي محاولة للوصول الى صيغة امينة للتعبير الادبي وأمينة للنص نفسه. كما انه الآن في صدد الانتهاء من كتابين عن المونتاج والسيناريو، وهو يردهما الكتابين الى تجارب شخصية ومصادر عالمية مهمة، والى خبرة في تدريس المونتاج والسيناريو بمعية أناس مختصين. وبذهابه الى مهرجان الاسماعيلية بهدف تكريم مهرجان لايبزيغ"الذي لعب دوراً بارزاً في تطوير السينما التسجيلية العربية، وقد عرض منذ عام 1960وحتى عام 1989 اكثر من 180 فيلماً تسجيلياً عربياً، منها افلام للأخضر حامينا، وصلاح التهامي وآخرين برزوا لاحقاً في هذا المجال". بالذهاب الى هناك، يكون الزبيدي اكمل قوس الظاهرة او يكاد، فهو يسافر ويؤلف ويكتب مقدمات لكتب، او يراجعها، ويؤسس، ويقدم مشاريع... وعندما تسأله عن مشروع فيلم من اخراجه هو، كي تكمل القوس من بعد كل هذا العناء يقول:"عندي الآن مشروع فيلم تجريبي عن الرسام العراقي المقيم في روما جبر علوان". لكن هذا لا يمنعه من مواصلة الحديث عن استعداده لمونتاج فيلم للمخرج العراقي قاسم عبد عن ناجي العلي... وهو ذاته اخرج فيلماً صوره في فلسطينرام الله على مدى فترات زمنية متقطعة موضوعه هو حاجز اسرائيلي يكشف في تصويره ومراقبته الدائمة له عن طبيعة الاحتلال... ولديه نسخة من الرشز، اي المادة المصورة، لمعاينتها والاستعداد للشغل عليها. ما ان تكمل القوس حتى ينفتح ثانية... هذه هي حال قيس الزبيدي، وهو يحاول اقناع جهة انتاج سورية بضرورة تصوير فيلم عن الرسام العراقي الذي يرسم في روما ودمشق، لوحة هنا... ولوحة هناك... والألوان عنده تختلف في اللوحتين.