إن لعملية السلام العربية - الإسرائيلية تأثيراً بعيد المدى على نظرة العرب داخل اسرائيل الى مسألة الهوية وعناصرها. ويمكن القول ان مسألة القومية الفلسطينية تحمل في نظرهم طابعاً اسرائيلياً محلياً، وان الحركات والتيارات السياسية العربية تتمحور حول النضال من أجل المساواة المدنية، والمسائل القومية على الصعيد الداخلي في قضايا مثل أملاك الوقف، ومشكلة اللاجئين في وطنهم أي السكان الذين تم تدمير قراهم في حرب عام 8491 وظلوا داخل اسرائيل ولكن تم ضمهم لقرى أخرى، ومسألة الأراضي العربية المصادرة. ويتم ذلك مع ازدياد حجم التنازلات التي تقدمها السلطة الفلسطينية عن أربعة ثوابت أساسية وهي المطالبة بإزالة كل المستوطنات، وتنفيذ حق العودة للاجئىن، والسيادة الفلسطينية على القدسالشرقية، واقامة الدولة الفلسطينية على جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حزيران يونيو عام 7691. وهناك أهمية قصوى لعدم التعامل مع اليهود المتعصبين بأي شكل من الأشكال، ولا سيما انهم بدأوا مرحلة التفكير في الانسحاب من قطاع غزة من طرف واحد، أي لا يريدون التعامل معنا إلا بما يخدم مصالحهم فقط. وبناء على ما يفكرون به، وما يعملون من أجله، علينا ألاّ ننخدع مرة أخرى بقيادات اسرائيلية جديدة تكون مرنة في التعامل مع جيرانهم العرب. ولكن كل الأمل يذهب أدراج الرياح عندما يصطدم بالمصالح المادية والأمنية. فعلى رغم قوة اسرائيل الا انها تتخيل حجم الدول العربية المجاورة لها من ناحية العدد والعدة بعد السلام المنتظر. فينتابها القلق والخوف لأنها دولة احتلال، ومصيرها الى زوال. كمن يظلم يكون لديه إحساس قوي بالخوف من جراء ما ظلم. وكذلك هم يؤمنون بأنهم زائلون. ولا أحد منا، ولا منهم، يعرف متى هذا الزوال. والحكومة الصهيونية عقدت اجتماعات سرية في شأن التفكير بمطالبة العرب بدفع تعويضات عن ممتلكات اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل. فهي تعتزم مطالبة حكومات العراق ومصر واليمن والمغرب والبحرين بما لا يقل عن 55 بليون دولار نظير ممتلكات المهاجرين والديون التي تركها اليهود بعد هجرتهم الى فلسطين. والسؤال هو: هل تستطيع أن تثبت اسرائيل ذلك؟ وهل هي بحاجة لمثل هذا الاثبات؟ بعدما اقتنعت بعض القيادات العربية بدفع تعويضات لهم بعدما فتحوا باب التعويضات على مصراعيه. وهل الدول العربية تمتلك ما يثبت عكس ذلك ببيع اليهود لممتلكاتهم قبل الهجرة الى فلسطين؟ وكيف لبلد مثل العراق الآن أن يثبت بيع اليهود لممتلكاتهم، بعد كل هذا الدمار الذي لحق به تحت شعار تحرير العراق، والبحث عن أسلحة الدمار الشامل. وفي أعمالهم ما يثبت عكس أقوالهم. فالهدف غير المعلن هو تدمير العراق تدميراً شاملاً حتى يتمكن اليهود من المطالبة بالتعويضات المستحقة عن ممتلكات اليهود المزعومة. فهي تعادل كما يدعون 03 في المئة من حجم التعويضات المطلوبة من العالم العربي. وعندما تنجح اسرائيل في مطالبة العراق بالتعويضات، ستنجح في تشكيل سابقة خطيرة لمطالبتها بالتعويضات المزعومة لدى بقية الدول العربية. كما هو الحال مع ليبيا عندما وافقت على دفع تعويضات لضحايا الطائرة الأميركية، لرفع الحظر عنها. واضطرت، تحت عصا"الفيتو"الفرنسي، الى الموافقة على دفع تعويضات لضحايا الطائرة الفرنسية. كذلك مطالبة المانيا بتعويضات عن ضحايا الملهى الليلي في المانيا. وهي، أقصد المانيا، أجبرها اليهود على دفع تعويضات مقدارها 4 بلايين دولار لأسرى يهود عملوا فيها خلال الحرب العالمية الثانية. وبهذا المبلغ تكون المانيا قد دفعت 042 بليون دولار كتعويضات لقاء ما عاناه اليهود خلال العهد النازي. ولا أحد ينظر الى ما عاناه العراقيونوالفلسطينيون خلال العهد الغازي الأنغلو أميركي للعراق. الرياض - مصطفى الغريب [email protected] moustafa Ghareeb