سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة اللبنانية تنال ثقة "أفضل الممكن": 59 مع و25 ضد و24 ممتنعاً ... والمتغيبون "سهلوا الأكثرية". السبع يشن هجوماً قاسياً على التمديد و"الجمهورية الأمنية" ومعوض ترى في الوزارة امعاناً في الانقلاب على الطائف
أجمع المراقبون في لبنان على اعتبار الثقة التي نالتها حكومة الرئيس عمر كرامي أمس في المجلس النيابي 59 صوتاً الأضعف بين الحكومات التي تشكلت بعد اتفاق الطائف في العام 1989. وإذ تميزت جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة منذ يوم الخميس الماضي، بهجوم عنيف على التمديد للرئيس اميل لحود من جانب المعارضة، فإن كتلاً نيابية عدة ونواباً مستقلين أيدوا التمديد، لم يمنحوا الثقة للحكومة، إضافة الى المعارضين الرئيسيين الذين حجبوا الثقة عنها ممن عارضوا التمديد أساساً. وتشكل النواب ال59 الذين منحوا الثقة للحكومة والذين شكلوا أكثرية نصاب الجلسة، على رغم انهم أقل من نصف عدد أعضاء البرلمان 64 نائباً، من الكتل الآتية: "التنمية والتحرير" التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، "تكتل نواب الشمال" الذي يترأسه وزير الداخلية سليمان فرنجية، "كتلة نواب المتن الشمالي" الذي يترأسه نائب رئيس المجلس النيابي ميشال المر، "كتلة نواب البقاع الغربي"، "الكتلة الشعبية" في زحلة، "كتلة القرار الشعبي" في كسروان، وعدد من النواب المستقلين. أما الذين حجبوا الثقة فهم: كتلة "اللقاء الديموقراطي" برئاسة النائب وليد جنبلاط، نواب "لقاء قرنة شهوان" الذي يضم المعارضة المسيحية، كتلة "التجدد الديموقراطي" و"التكتل الطرابلسي"، وبلغ عدد هؤلاء 25 نائباً. أما الذين صوتوا بالامتناع عن اعطاء الثقة فمثلوا كتلة "قرار بيروت" برئاسة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، كتلة "الوفاء للمقاومة" حزب الله وبعض المستقلين. وبلغ عدد الممتنعين 24 نائباً. وتغيب 20 نائباً عن الجلسة بعضهم بعذر مثل نائب رئيس الحكومة عصام فارس وجورج فرام، إلا ان الآخرين فعلوا ذلك تجنباً للاحراج الذي قد يسببه لهم قرار كتلهم مع الحكم أو مع دمشق بالامتناع مثل نادر سكر الذي كان قرار حزبه الكتائب الامتناع وناصر قنديل كتلة الحريري اللذين كانا خارج قاعة الجلسات في المجلس النيابي أثناء التصويت... وكان أبرز المتغيبين الرئيس حسين الحسيني على رغم انه من حلفاء الرئيس كرامي الأساسيين. كما ان بعض نواب "حزب الله" تغيبوا وهكذا فعل آخرون. وقيل ان الهدف كان خفض نصاب الجلسة، كي تتمكن الحكومة من الحصول على أكثر من نصف الحضور 108 من أصل 128 وكي لا تحصل مفاجأة تؤدي الى عدم حصول الحكومة على الثقة. لكن البارز ان النائب بطرس حرب امتنع عن التصويت على رغم انتمائه الى "قرنة شهوان" التي حجبت الثقة، فيما منح النائب موريس فاضل الثقة مقابل حجبها من زملائه في "التكتل الطرابلسي". ومع هزالة الثقة، رفض كرامي مقولة ضعفها قائلاً عمل الحكومة سيكون أكثر ثقة للمواطنين". كانت الجلسة الأخيرة بدأت بكلمة للنائب غسان مخيبر الذي شدد على ضرورة تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية، داعياً الى برمجة انسحاب القوات السورية من لبنان. ولاحظ النائب باسم السبع ان "الشعور السائد بأن العمل السياسي في لبنان قد تحوّل في معظمه الى مسرح للدمى المتحركة التي يسهل التلاعب بخيوطها وتبديل مواقعها، بات أمراً مشيناً يجرى تداوله في المجالس الخاصة والعامة، وموضع تهكم"، ورأى ان "التشكيلة العجيبة لهذه الحكومة هي نتيجة طبيعية لواقع غير طبيعي في نظامنا السياسي وهي كائن يستحيل الا ان يكون على صورة العهد الذي ولدت فيه بكل تشوهاته السياسية والدستورية". وعندما وصف بعض الوزراء ب"أشباه الوزراء"، اعترض رئيس الحكومة وطلب الرئيس نبيه بري شطب العبارة فاعتذر السبع، وتابع ان "عدداً من الوزراء دفعوا ثمن حقائبهم، ورئيس الحكومة تعرض لعملية غش كبرى. فثمة أقاويل تتردد عن وجود وزير لكل مكتب استخبارات أو وزير لكل جهاز أمني، ووصل التجريح بالحكومة وصورتها الى حدود اعداد لائحة من عشرة وزراء تخصصوا في كتابة التقارير وتوزيغ نسخ عنها على غير جهاز من الأجهزة الأمنية". ودعا الى "رفع الصوت عالياً، حيال ما يتهدد النظام الديموقراطي في لبنان، وحيال ما يتعرض له من انتهاكات صارخة شكلت عملية التمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود، فصلاً أخيراً من فصولها المريعة". ورأى ان "النظام الديموقراطي، وقع في قبضة النظام الأمني، منذ اللحظة الأولى لحصول التمديد للرئيس الياس الهراوي. وكان على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والمالية، أن تشارك مجتمعة في دفع الأثمان الباهظة لتلك اللحظة، وان تجري المقايضة بين الأمن والسياسة على حساب القانون والمؤسسات، فيصبح التمديد مشروعاً لرئيس الجمهورية إذا تأمنت ظروف التمديد للعماد اميل لحود في قيادة الجيش. وهكذا أتيح لنا في المجلس النيابي، ان نشهد على مهزلة دستورية وقانونية جديدة، أمدت بعمر قائد الجيش، الذي أصبح منذ تلك اللحظة المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية المقبلة، وأعدت له في سبيل ذلك المناخات السياسية والأمنية والمالية المناسبة لوصوله آمناً الى سدة الرئاسة". وأضاف: "منذ الانتقال الدستوري في العام 1998 من ولاية الرئيس الهراوي الى ولاية الرئيس لحود، تدار الدولة بكل مقدراتها السياسية والاقتصادية والديبلوماسية، من خلال ثقافة أمنية، أحرزت نجاحاً استثنائياً في النفاذ الى الساحات، والتموضع في الأمكنة التي تمكنها من ادارة الدولة بواسطة مفاتيح متعددة المصالح". وقال: "وهكذا، وجدنا ان أجهزة الاستخبارات تتسلل من حين الى آخر الى البرلمان لتشارك في توجيه العملية التشريعية وفقاً لمصالح السلطات العليا ومتطلباتها. وهي ممثلة بمندوبين دائمين في الحكومات يتعاقبون على تولي الحقائب. ولها فروع ثابتة ومتحولة في مختلف الوزارات والإدارات، لا سيما في تلك التي تتحرك بأوامر مباشرة من غرف الأوضاع في القصر الجمهوري وبعض المراكز الأمنية والعسكرية". "على هذا المنوال، صار من الطبيعي لأجهزة الاستخبارات أن تصبح شريكاً مضارباً للقضاء اللبناني في اصدار الأحكام وتطبيق القوانين، وتجاوزت حدود الصلاحيات المعطاة لها من الباب العالي في بعبدا، لتوسع انتشارها في اتجاه القطاع الخاص، وهذا من خلال المعطيات الآتية: "اختراق الأجهزة لحرم القطاع المصرفي، ولجوء عدد من المصارف الى تبادل الخدمات مع بعض الأجهزة الأمنية، وربما كانت فضيحة بنك المدينة من الفضائح المريبة التي يربط البعض بينها وبين عوامل التمديد لرئيس الجمهورية. - "اختراق الأجهزة لقطاع الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع، وهو الاختراق الذي يستحيل، لحسن الحظ، أن يحقق أهدافه الكاملة، في ظل المناعة الديموقراطية التي يتميز بها هذا القطاع. غير ان الأجهزة نجحت، ولو في حدود معينة، في انشاء مرابض اعلامية لها، في أكثر من مؤسسة، وان كانت تعكس في وجهها السلبي، قيام رؤساء الأجهزة أحياناً بدور رؤساء التحرير في اعداد العناوين والمقالات ومقدمات الأخبار. - "اختراق الأجهزة للقطاع السياحي، وهو ما نشهد عليه من خلال تصدير الخبرات الأمنية في الحرس الخاص لكبار المسؤولين الى الفنادق والأسواق والمراكز التجارية والمساهمة في افتتاح وادارة المرافق". جروح مروان حمادة وقال ان "هذه الدولة تحوّلت الى اقطاعية للاستخبارات ورجالها وغرفها المتعددة". وسأل: "من يدير لبنان منذ العام 1996 حتى الآن؟ من يحكمه فعلاً من سنوات طويلة؟ من يصنع الفساد في هذه الجمهورية ويتمتع بمحاصيله؟". وقال: "إسألوا عن الفساد في الأوكار المخبأة للجمهورية الأمنية العظمى". داعياً الى مكافحة "الجراد الأمني" ورأى السبع انه "كما ولدت هذه الحكومة من رحم التمديد، فإن التمديد للرئيس لحود، ولد من رحم مخالفة الدستور. بل من رحم الاقطاع الأمني، الذي اشرف على صياغة المخالفة وتسويقها واستدراج الكثيرين عنوة للتصويت عليها". وأضاف: "غير ان أحداً في المعسكر التمديدي، لا يريد ان يعترف بحقيقة الخسائر التي نجمت عن تعديل الدستور، بل انهم، خلاف ذلك، يصرون على الامعان في الخطأ، بالمستوى الذي يصرون فيه على استدراج لبنان وسورية الى مزيد من تقديم التنازلات للادارة الأميركية، او ما يمكن أن اسميه، مناقصات سياسية وأمنية، وقد هالني في هذا الشأن، ان تشمل المناقصات استدراج العروض المقدمة من بعض المسؤولين اللبنانيين، نظرية تحاول مقايضة الوجود السوري في لبنان برأس المقاومة في الجنوب، وبرؤوس التنظيمات الفلسطينية في المخيمات. ورأى ان "لبنان يمشي حالياً عكس السير في كل اتجاه، وقائد المسيرة الوطنية المظفرة يمشي بنا عكس السير، والتمديد هو رافعتنا الى المجهول". وأكد ان "التمديد ضرب هيبة المجلس النيابي في الصميم وهو يساوي التخريب على كل الصعد داخلياً وخارجياً". وأعلن انه باسم "اللقاء الديموقراطي وما يمثل من تضامن وطني، وباسم الجروح التي اشعلت وجه مروان حمادة وباسم الصمت المدوي لوليد جنبلاط، أحجب الثقة". وأكد النائب أسامة سعد أن "غياب الحوار الوطني يكشف الساحة لاختراقات كثيرة كما حصل مع محاولة اغتيال الوزير حمادة"، وقال ان "البيان غير كافٍ لمنح الحكومة الثقة". ودعا النائب عباس هاشم الحكومة الى "لم الشمل وتحقيق الوئام الوطني وهذا يتم بمد الأيدي". واعتبر النائب مصباح الأحدب ان "النظام الأمني السياسي القضائي الذي يقبض على السلطة الفعلية في البلاد منذ سنوات يستغفر سلفاً لهذه الحكومة ذنوبها واخفاقاتها". وأشار إلى غياب محاولة اغتيال مروان حمادة عن البيان الوزاري، سائلاً: "ألا تعني هذه الجريمة السياسية الكبرى أي شيء لحكومة لبنان الديموقراطي؟". وأكد ان هذه "الحكومة لم تقنعنا لا بآلية تشكيلها ولا تركيبتها". ودعا النائب أنور الخليل الى "توفير الدعم للحكومة من أجل تنفيذ ما تعهدت به". "شراكة سورية" وكانت المداخلة الأخيرة للنائب نايلة معوض التي أعلنت أنها تحجب الثقة عن الحكومة "لأنني على قناعة بأنكم تجازفون برصيدكم وعلى حسابكم لمصلحة "الدولة الأمنية" التي تختبئ وراء هذه الحكومة - وفي داخلها - بهدف التمديد ليس فقط لرئيس البلاد بل للنهج الانقلابي على النظام الديموقراطي في لبنان والذي أوصلنا الى الانهيار". وأضافت: "في وقت تدعون الى الوفاق والحوار، تواجهنا حكومة تحد واستفزاز ومحاصرة للأخصام وهذا ما يعكسه التمثيل السياسي والخطاب والرسائل التي ينقلها بعض الوزراء لتهديد المعارضة وتخوينها ومحاولة تدجين الإعلام - وهنا نتمنى على الوزيرين ايلي الفرزلي وعاصم قانصوه ان يلعبا دوراً أرقى في الحياة السياسية". ورأت ان "حكومة بهذا النمط هي حكومة التمديد للانقلاب على الطائف، وحكومة محاصصة وتقاسم لمواقع النفوذ والمصالح التي تتحكم فيها مافيات النظام. وهذه الحكومة لا يمكن ان تكون حكومة انتخابات عادلة وشفافة، فطلائع الوزارات المعنية بالعملية الانتخابية لا تبشر بسلطة نزيهة وحيادية". وقالت ان "عمق المشكلة في مكان آخر، فمنذ اغتيال الرئيس رينه معوض، تمّ اغتيال وثيقة الوفاق الوطني بهدف التأسيس "للدولة الأمنية" وتسخير كل المؤسسات لهذه الغاية. واعتبرت ان "الدولة الأمنية التي تستمد قوة استمرارها من تعميم ثقافة القمع والفساد، لا تتردد في الانقلاب على الدستور وفي قمع المعارضين وكبت الحريات وانتهاك كل الحرمات والتنكيل بالطلاب وتنظيم الاغتيالات السياسية كالمحاولة الأخيرة ضد الوزير حماده التي نعتبرها حتى اشعار آخر رسالة واضحة الى كل رأي حرّ في هذا البلد". ورأت ان "استمرار وجود هذه "الدولة الأمنية" مرتبط عضوياً بالفساد السياسي، وشبكاته منظمة ومحمية من أعلى المستويات". وأكدت ان "الانقلاب هذا على الطائف كما تغليب هذا النظام الأمني تم بحماية ورعاية وشراكة سورية التي أمعنت في التدخل في مفاصل شؤوننا الداخلية مما نقل سلطة القرار حتى في أدق التفاصيل من بيروت الى دمشق". وقالت ان "هذا النمط في العلاقات اللبنانية - السورية القائم على الوصاية المباشرة وعلى حساب سيادتنا يلحق الضرر بالبلدين معاً، إذ يحوّل لبنان الى ساحة مستباحة مفتوحة على كل التجاذبات والاحتمالات ويدخل العلاقات اللبنانية - السورية في لعبة التوازنات الدولية الظرفية". ورفضت ان "يتحول لبنان الى مجرد ساحة أو صندق بريد لنقل الرسائل الى أميركا أو فرنسا أو المجتمع الدولي أو للضغط على سورية". وقالت: "نحن نريد لبنان وطناً سيداً حراً مستقلاً ملتزماً طوعاً بعروبته، وبعلاقات مميزة ومتوازنة مع سورية". وأكدت ان "العمل على الوحدة الوطنية لا يكون بقمع الأصوات المعارضة ولا بإرسال السيارات المفخخة ولا بمحاولات اغراء المعارضة لاستيعابها في لعبة المحاصصة ولا بإطلاق حملات التخوين من قبل أبواق الخط الوطني". ورأت ان "الخروج من المأزق بتطبيق اتفاق الطائف واصلاح جذري للعلاقات اللبنانية - السورية، والمبادرة الى المصالحة الوطنية وترسيخ الوفاق وفكفكة مافيات الدولة الأمنية ونظام الفساد، واحترام الحريات واستقلالية القضاء، والمبادرة الى الإصلاح السياسي وتنظيم انتخابات حرة قوامها قانون عادل وسلطة محايدة". فرنجية: لن نزوّر الانتخابات لأحد وفي المواقف أكد وزير الداخلية سليمان فرنجية لدى خروجه من الجلسة قال: "ليس المهم حجم الثقة انما المهم ان الحكومة نالت الثقة". ووعد بانتخابات نزيهة، "وأنا ضميري مرتاح بهذا الموضوع ولسنا مضطرين لكي نزوّر الانتخابات أو أن نزوّر لأحد، وهذا الكلام يعني كل الدولة والحكومة ولا يعنيني وحدي، وسأنقل هذا الرأي الى البطريرك صفير وأقول له ان هناك بعض الحاقدين يجربون جرّه الى خلاف في منطقة الشمال". وقال وزير العدل عدنان عضوم: "جئنا الى الوزارة للعمل وسنرد على كل الافتراءات غير الصحيحة التي وردت". حادث يمنع فتفت من التصويت وأكد النائب أحمد فتفت في بيان أنه "أثناء عودته الى المجلس النيابي للتصويت" بلا ثقة، تعرض لحادث سير طفيف منعه من الوصول في الوقت المحدد.