يتباين وضع تجارة العقارات في العاصمة العراقية بغداد من منطقة الى منطقة ومن حي الى حي. ففي مناطق حديثة، واخرى تجارية خارج المدينة القديمة، تتميز هذه التجارة بالازدهار والنمو وبارتفاع الاسعار. الا ان الحال تختلف في مناطق اخرى تراجعت تجارتها واسعارها على نحو مطرد، مع تراجع الامن وغياب القانون فيها منذ الايام الاولى التي تلت الحرب الاخيرة عام 2003. ففي احياء منطقة الشورجة القديمة، التي تحيط بشارعي الكفاح والجمهورية، وتشكل جزءاً مهماً من مدينة بغداد القديمة، يعاني المواطنون من ظاهرة طرأت على حياتهم بعد سقوط النظام السابق، وتتعلق بانتشار زمر السلب والسرقة فيها نهاراً. وتشتد الحالة مساء، على رغم حملات الدهم التي نفذتها الاجهزة الامنية في اكثر من مرة هناك لمنع ذلك. وكان من نتائج استمرار تلك الظاهرة انحسار النشاط التجاري وتراجع حركة التسوق السلعي بشكل دفع تجار المنطقة واصحاب المحال الى مغادرتها الى مناطق اخرى في بغداد بحثاً عن الأمان. ويشير صاحب عمارتين تجاريتين في منطقة الشورجة القديمة الى ان"الاوضاع الامنية التي تسود المنطقة منذ سقوط النظام السابق في نيسان ابريل 2003، خلقت ظروفاً قلقه لدى الاوساط التجارية واصحاب المحال، ومنعت المواطنين من ارتياد المنطقة لغرض التسوق خوفاً من تعرضهم للاعتداء والسرقة، فهناك عصابات، معظمها من سكان المنطقة، تجوب فيها، وهي ظروف ساعدت على كساد العمل في المنطقة وبالتالي اضطرار اصحاب المحال الى مغادرتها والبحث عن مناطق اخرى بديلة". ويقول انه كان يأمل بأن"تتحسن الظروف الامنية في المنطقة لاحقاً، الا ان ذلك لم يحصل"، الامر الذي دفعه الى عرض العمارتين للبيع. ويضيف:"على رغم ان اسعارهما مشجعة، الا انني لم اجد احداً يرغب في الشراء بسبب تفاقم الحالة الامنية في المنطقة وبسبب تمادي هؤلاء السارقين في ممارساتهم، ما يؤدي غالباً إلى انقطاع المارة داخل ازقة الشورجة القديمة واضطرار المحال إلى اغلاق ابوابها منذ الثانية ظهراً". ويشير صلاح احمد، صاحب مكتب لتجارة العقار في المنطقة، الى ان سجله يحتوي على معلومات حول عشرات العمارات التجارية والسكنية في منطقة الشورجة القديمة يعرض اصحابها بيع عقاراتهم، والسبب هو يئسهم من عدم حصولهم على عائد منها. ويلفت الى ان"بعضهم يأس من الحصول على مبالغ الايجار من المستأجرين طوال الفترة التي تلت سقوط النظام". ويحذر قاسم احمد، وهو صاحب محل تجاري في منطقة الشورجة القديمة، من ان"استمرار تردي الوضع التجاري والامني والخدمي في المنطقة قد يقضي على امال المواطنين الذين ظلوا يمارسون نشاطهم على رغم هذه المصاعب"، ويضيف:"ان هذه المنطقة جزء مهم من تاريخ بغداد القديمة، وتشكل عنواناً للازدهار الذي كانت تعيشه طوال سنوات، والناس في بغداد والمحافظات كانوا يعشقون المجيء الى الشورجة القديمة للتسوق والحصول على سلعهم المختلفة". ويأسف احمد على الحالة التي انتهت اليها هذه المنطقة العريقة، التي تحولت من مركز تجاري مهم إلى بؤرة للخوف والسرقة، ما جعلها خالية من الحياة والحركة التي كانت عليها سابقاً.