تبنّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاجماع التسوية الأوروبية - الايرانية في شأن تجميد طهران لجميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، لكن هذه الخطوة لم تبعد الملف الايراني عن خطر "مقصلة" مجلس الأمن، اذ سارعت رئيسة الوفد الأميركي لدى الوكالة الى الاعلان "ان واشنطن لا تستبعد اللجوء الى مجلس الأمن". وفيما ذكر ديبلوماسي كبير في فيينا ان مجلس حكام الوكالة الدولية وافق على قرار "يرحب بوقف الأنشطة النووية الحساسة بصفته اجراء غير ملزم قانوناً لبناء الثقة"، وهو قرار مخفف عن نسخة سابقة كانت تلزم طهران بوقف التخصيب، سارع البيت الأبيض الى التعليق على قرار الوكالة بدعوة العالم الى "ان يبقى متيقظاً في شأن تطلعات ايران النووية". وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان: "ان تطبيق الاتفاق والتحقق من ذلك أمر مهم، لقد أخفقت ايران في تطبيق التزاماتها مرات عدة على مدى العام ونصف العام الماضي وكي ينجح الاتفاق على الأوروبيين والوكالة الدولية ومجلس حكامها وكل اعضاء المجتمع الدولي ان يبقوا متيقظين". وكان المتحدث باسم الوكالة الدولية مارك غوزديكي أوضح ان قرار تبني التسوية الأوروبية - الايرانية "اعتمد باجماع الدول ال35 في مجلس الحكام وهو الهيئة التنفيذية السياسية للوكالة". وما جعل اعتماد القرار ممكناً عدول ايران في رسالة مساء أول من أمس عن طلب استثناء 20 جهازاً للطرد المركزي من عملية تجميد التخصيب. وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان "ترويكا الاتحاد الأوروبي - بريطانيا وفرنسا وألمانيا - ستحمّل ايران مسؤولية الاتفاق الذي تم التوصل اليه في شأن برنامجها النووي". وأمل ان يساعد الاتفاق على تقليص مخاطر أسلحة الدمار الشامل. وقال: "فرسا وألمانيا وبريطانيا تتعاون في شكل وثيق جداً في شأن ذلك الاتفاق، كانت مهمتنا الحصول على التعهدات من ايران مع ادراك تأكدنا في نهاية الامر بضمان جدية الالتزام بهذه التعهدات امام السلطة الصحيحة، وهي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذه الحال". وأعرب بلير عن تعاطفه مع الموالين للديموقراطية في ايران، وعن قلقه ازاء برنامج كوريا الشمالية النووي الذي سيناقشه، كما قال، مع رئيس هذا البلد غداً في لندن. وكان المدير العام للوكالة الدولية محمد البرادعي أعلن ان الوكالة تحققت من ان وقف ايران أنشطة التخصيب قد اكتمل وان الايقاف يشمل الآن 20 جهازاً للطرد المركزي، قائلاً: "تحققنا بالفعل من هذه الاجهزة وهي تحت رقابة الوكالة". وفي مقابل التأكيدات بوقف عمليات التخصيب، صرح مرشد الثورة الايرانية آية الله علي خامنئي للتلفزيون الايراني الرسمي بأن "الشعب والمسؤولين الايرانيين لا يخشون التهديدات السياسية التي تتفوه بها الدول القوية التي تعمل في خدمة القمع، وايران لن توقف ابداً برنامجها النووي وهذا خطنا الاحمر". وأضاف خلال لقائه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز: "الولاياتالمتحدة والقوى الاخرى تعلم ملياً ان ايران لا تسعى الى امتلاك اي سلاح نووي، لكن اتهاماتها تسهم في الضغط على ايران كي تتخلى عن التكنولوجيا النووية". وقال: "اذا امتثلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قراراتها ومواقفها لضغوط الولاياتالمتحدة وحلفائها فإنها ستفقد صدقيتها". واعتمد الناطق باسم الوفد الايراني الى فيينا حسين موسويان مشروع القرار الأوروبي بأنه "الوثيقة الاكثر ايجابية" منذ عرض الملف النووي الايراني على الوكالة الدولية. وأوضح "ان الفارق الرئيس بين مشروع القرار والمشاريع السابقة هو ان الملف الايراني لم يعد مدرجاً على جدول اعمال مجلس الحكام وان من مسؤولية المدير العام البرادعي رفعه الى المجلس عندما يرى في الامر ضرورة". وقال: "بالنسبة الى القرارات الاخرى فقد اخذت وجهة النظر الايرانية اكثر في الاعتبار". وأكد ان "مبدأ اعتماد آلية لرفع الملف الى مجلس الأمن في حال أخلت ايران بتعهداتها اختفى تماماً من المستودع الأوروبي، وان النص يؤكد عدم وجود اتجاه في النشاطات الايرانية لانتاج السلاح النووي". كما يشير المشروع ايضاً الى "الطابع الطوعي والرامي الى ارساء الثقة لتعليق التخصيب وتطبيق بروتوكول اضافي لمعاهدة الحد من الانتشار النووي ويخضع ايران لنظام مراقبة معزز من جانب الوكالة الدولية". وعن الاجهزة العشرين قال موسويان انها "لن توضع تحت الاختام لكن تحت مراقبة الوكالة". وقال: "ان الأميركيين الذين يتهمون ايران بالسعي الى امتلاك السلاح النووي ويريدون رفع ملفها امام مجلس الأمن الدولي غاضبون من النص الأوروبي لكنني لا أعتقد بأن في وسعهم معارضة تبنيه لأن ذلك سيزيد من عزلتهم".