ربما كانت تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش حول لعبة كرة القدم نادرة، ربما برع المرشح الديمقراطي جون كيري في هواية صيد الاوز، أكثر من دحرجة الجلد المدور، نرجو أن يبقى الوضع على حاله، فاهتماماتهما السياسية تكفي لإبعادهما عن اللعبة الشعبية الأولى في العالم.. ومع ذلك فقد شهد زخم الحملات الانتخابية الرئاسية الحامية -لاعتماد الرئيس المترشح- قانوناً سيكون له تداعيات جدية على اللعبة والرياضة عموماًُ في علاقتها بالمسابقات الكروية وبؤرة الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط. إن اعتماد الرئيس جورج بوش، القانون الذي صادق عليه الكونغرس -والذي يقضي بأن تتولى الولاياتالمتحدة مراقبة الأقوال والأفعال التي تعادي اليهود في أي مكان في العالم، ويلزم وزارة الخارجية بوضع تقرير سنوي حول معاداة السامية ونشره في إطار تقريرها حول حقوق الإنسان، كما ينص على إنشاء دائرة داخل الوزارة تكلف بأحط الأعمال المعادية للسامية ووضع استراتيجيات لمكانتها، بالإضافة إلى عدة إجراءات أخرى- يعد تمويلاً نوعياً، سيلقي بظلاله على مشاركة العرب والمسلمين والإسرائيليين في المسابقات والدورات الرياضية، التي ستشهد لقاءهما.. لا شك في أن هذا القانون مثل كل القوانين سيمتد قوته من عموميته وشموليته، لا شك بأن مسألة التطبيع لا تزال تراوح مكانها ما بين الاجتهادات الرسمية وأوجه عدة للمقاطعة الشعبية، لا يهمنا هنا المجال السياسي" فهذا ليس نصنا، وربما تدثرت المبادلات التجارية والاقتصادية بالستر والتكتم، ولكننا نعتقد بأن كرة القدم خاصة وفي المجال الرياضي عامة سيكون فضاء مثيراً في معركة معاداة السامية وتطبيقات القانون الأميركي. تنوعت اجتهادات الرياضيين العرب والمسلمين عند مواجهة نظرائهم الإسرائيليين.. فإذا كانت العلاقات التي سبقت اتفاقيات السلام، تميزت بالمقاطعة الصارمة، فإن نهاية العقد الماضي وبداية الألفية الثالثة، شهدت تنوعاً في تعامل الهيئات الرياضية له والأندية والمنتخبات العربية والإسلامية عندما تواجه باستحقاق مواجهة الاسرائيليين، فقد أصرت بعض الدول على مواصلة سياسة المقاطعة وتحفظت بشدة على مواجهة "العدو" وأوعزت للاعبيها ومنتخباتها بالانسحاب، في حين أن اطرافاً عربية أخرى، لم ترغب في حضور الوفد الإسرائيلي لكونغرس الفيفا الأخير بالدولة، واستقبلت تونس مدرب المنتخب الإسرائيلي على هامش كأس أمم أفريقيا الأخيرة، كما سبق لمنتخبها الوطني لكرة اليد أن واجه نظيره الإسرائيلي في مونديال الشباب التي أقيمت في قطر عام 1999.. في حين اختارت هيئات أخرى الالتفاف بذكاء على المسألة، حيث التزم المعلقون لاتحاد الإذاعات العربية، وعن دورة أثينا الأخيرة الصمت والسكوت عند ظهور متسابق إسرائيلي على الشاشة، واختار المصارع الإيراني خسارة مباراته بالغياب بدعوى زيادة في الوزن. ربما كانت هذه الاجتهادات ممكنة في السابق، إلا أن صدور القانون الأميركي والذي يستتبعه قانون آخر فرنسي، سيجعل من مسألة اللقاء العربي-الإسلامي بالمنتخبات والرياضيين الإسرائيليين في دائرة لا تقبل أنصاف الحلول أو الفتاوى الذكية، فإما القبول بقانون اللعبة أو مواجهة تداعيات المقاطعة. وفي الحقيقة، فإن هذه القضية الشائكة التي تواجه العقل العربي، كانت أثيرت في الخريف الماضي، عندما نظرت الاتحادات الكروية ال 205 المنظومة تحت لواء الفيفا في تعديل دستور كرة القدم، وباقتراح شخصي من الرئيس جوزيف بلاتر عدلت ديباجة الدستور في فصله السابع، حيث أكد في منطوقه على قضية ربما بدت عادلة، لا احد يزايد عليها، إلا أنها تخفي ما بين السطور، تشريعاً جازماً يقصي من اللعبة كل مظاهر التعصب أو الحض على الكراهية.. وقد اعتبر الرئيس أن مقاطعة الإسرائيليين كروياً أو رفض استقبال الأندية والمنتخبات الإسرائيلية في الدورات الرياضية التي تنظمها الدول العربية، يدخل تحت طائلة الحض على الكراهية ونشر التعصب. لنكن أكثر وضوحاً.. فإن هذه الكلمات، لا تسعى للانحياز للاجتهادات العربية في مواجهتها لهذا الاستحقاق الشائك، ولا تدعو للتطبيع أو المقاطعة، ولكننا نعتقد بأن صدور القانون الأميركي وتعديل دستور الفيفا، لم يعد يسمح بالمنزلة ما بين المنزلتين والاجتهادات الذكية، فإما المشاركة أو انتظار العقوبات!