كرست الازمة الحادة في اوكرانيا انقساماً في الموقف الدولي هو الاعمق منذ الحرب على العراق. وردت موسكو على رفض الولاياتالمتحدة الاعتراف بنتائج انتخابات الرئاسة الاوكرانية، برسالة وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى مرشح السلطة فيكتور يانوكوفيتش المدعوم من موسكو، هنأه فيها بفوزه وأشار الى دخول العلاقات بين البلدين "مرحلة جديدة من الشراكة والتعاون". وتعمد الكرملين الاعلان عن رسالة بوتين قبل بدء اعمال القمة الروسية - الاوروبية التي سيشغل الملف الاوكراني محوراً اساسياً للبحث خلالها، على رغم عدم إدراجه رسمياً على جدول الاعمال، في ما اعتبر رسالة مباشرة الى الاوروبيين الذين انتقدوا سير العملية الانتخابية. وتجاهل الرئيس الروسي الاشارة في رسالته الى الجدل الساخن في شأن نتائج الانتخابات، واكتفى بالتشديد على ان الشعب الاوكراني "اختار الاستقرار وتعزيز الدولة والتطور الديموقراطي والاقتصادي". ورجح خبراء روس ان تواصل موسكو اصرارها على الاعتراف بنتائج الانتخابات حتى لو اسفر ذلك عن توتر في العلاقات الروسية - الاوروبية، وأشارت مصادر قريبة من الكرملين الى ان روسيا "ستدافع بحزم عن موقفها". وقال رئيس صندوق "السياسة" فيتشسلاف نيكونوف انه "لا يمكن السماح بإلغاء نتائج الانتخابات"، معتبراً ان ذلك سيحول اوكرانيا الى "جمهورية موز ويسفر عن عواقب وخيمة على موسكو". وحدد خبراء روس من "مخاطر ستحيط بروسيا في حال نجحت المعارضة في اطاحة النظام الشرعي في اوكرانيا". وذكر رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية سيرغي ماركوف ان نجاح المعارضة سيسفر عن تقارب شديد مع حلف الاطلسي واميركا. ولم يستبعد في تلك الحال، نشر قوات غربية في اوكرانيا، ما يعني إحكام طوق عسكري صارم حول روسيا. ولفت المحللون الروس الى ان اوكرانيا تتميز عن جورجيا التي شهدت احداثاً مماثلة اطيح خلالها النظام الحاكم مطلع العام الجاري، بقربها جغرافياً وسكانياً من روسيا، ما يعني ان اي تطور سياسي في اوكرانيا ستكون له انعكاسات مباشرة داخل روسيا. ويشبه البعض تأثيرات الاوضاع الداخلية في اوكرانيا في الروس، بعلاقات الولاياتالمتحدة مع كندا والمكسيك. وتلعب التركيبة السكانية للاوكرانيين دوراً اضافياً في تأجيج المخاوف الروسية، اذ تعود اصول زهاء 45 في المئة منهم الى روسيا، في وقت تعهدت المعارضة مكافحة اللغة الروسية وإحلال الاوكرانية بدلاً منها. ويصل تعداد الناطقين بالروسية في اوكرانيا الى نحو 55 في المئة من المواطنين، ما يمنح العلاقات مع موسكو بعداً استراتيجياً بالنسبة اليهم.