في ضوء غياب المعطيات الكاملة عن اسباب وفاة الرئيس ياسر عرفات والتشخيص النهائي لمرضه، ووسط الاستياء الشعبي والشكوك والتكهنات والاشاعات والاجتهادات المتواصلة عن اسباب الوفاة، شكلت السلطة الفلسطينية لجنة تقصي حقائق وقررت ارسال وفد الى باريس لتقديم طلب رسمي للحكومة بتسليمها الملف الطبي للرئيس الراحل. راجع ص 4 و5 وتواصلت امس التكهنات في شأن اسباب وفاة الرئيس الفلسطيني، اذ قال طبيب عرفات الشخصي اشرف الكردي في مقابلة مع صحيفة "الباييس" الاسبانية انه لا يعتقد ان عرفات تعرض للتسمم، موضحاً: "اذا كان الامر يتعلق بسم، فلا بد انه كان سماً قوياً جداً بسبب قدرته على القتل بهذه السرعة. ما زلت لا اؤمن بهذه الفرضية". لكنه أضاف انه غير راض عن التوضيحات الرسمية القليلة عن سبب الوفاة، و"لا خيار امامي إلا التفكير بأنهم يخفون شيئاً". وأكدت مصادر فرنسية مطلعة ان الوفاة نجمت عن انهيار متعدد الاسباب، اذ كان عرفات رجلاً مسناً يعيش في ظروف حصار صعبة جداً اساءت الى وضعه الصحي. واضافت ان احداً لن يتمكن يوماً من ان يؤكد رسمياً بأن عرفات لم يسمم رغم أن كل الفحوص التي أجريت لم تظهر أثراً لأي سم، لكن سيكون هناك دائماً من يقول ان هناك مواد سامة لا تكشفها الفحوص. ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن اطباء قولهم أن عرفات أصيب في ما يبدو بمرض "تجلط الدم المنتشر داخل الاوعية"، وهو مرض يحدث نتيجة تحفيز عملية التجلط في كل الجسم وليس في مكان جرح فحسب، مما يؤدي الى تكون تجلطات صغيرة في كل الجسم واستنفاد عوامل التجلط مثل الصفائح الدموية. وكانت صحيفة "لوكانار انشينيه" أفادت أن عرفات كان مصاباً بتشمع في الكبد، لكنها أشارت ايضاً الى انه لم يكن يتناول الكحول التي تسبب هذا المرض. وعلى الصعيد الرسمي، قال الناطق باسم الحكومة الفرنسية جان فرانسوا كوبيه أنه "لو كان لدى الاطباء أدنى شك لأحالوا الامر علي الشرطة. وألاحظ ان تصريحاً صدر بدفنه". وتمنى وزير الصحة الفرنسي دوست بلازي ان تُحترم السرية الطبية للمريض، مكرراً ان القانون الفرنسي يحظر نشر أي تفاصيل عن المريض، إلا لأحد اقاربه. وفي هذا الصدد، تدرس ابنتا الرئيس الفلسطيني الراحل بالتبني لينا ياسر عرفات وزينة ياسر عرفات الاجراءات القانونية اللازمة لمطالبة السلطات الفرنسية بإطلاعهما على فحوى التقرير الطبي الخاص بوالدهما الذي منحهما اسمه من بين 65 رضيعاً فلسطينياً نجوا من مجزرة صبرا وشاتيلا الرهيبة.