أعلن مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع مساء امس الاثنين ان الاخير طلب من فرنسا تسليمه تقريرا طبيا عن الاسباب التي ادت الى وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وجاء في بيان صادر عن قريع: نطالب رسميا باطلاع القيادة الفلسطينية على التقرير الطبي حول وفاة الرئيس واسباب هذه الوفاة. واعتبر الناطق باسم الخارجية الفرنسية هيرفيه لادسو أمس ان السرية المهنية لا تزال قائمة بالنسبة لمرض الرئيس الفلسطيني ووفاته. وفي تطور آخر، طالب مركز سايمون ويزنتال الامريكي أمس الاثنين بتصحيح وثيقة وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات التي اصدرتها بلدية كلامار قرب باريس في 11 نوفمبر والتي اشارت الى ان مكان ولادة عرفات هو في القدس، وباضافة اسباب الوفاة الى الوثيقة. وفي رسالة موجهة الى وزير العدل دومينيك بيربن، طلب المركز التحقيق حول وثيقة الوفاة الخاطئة وغير الكاملة وتصحيح الاشارات المخادعة المتعلقة بمكان ولادته وتوضيح اسباب وفاته. ويتخذ الفرع الاوروبي لمركز ويزنتال، وهي منظمة امريكية متخصصة في مكافحة العداء لليهود، من باريس مقرا له. وتشير وثيقة الوفاة التي وضعت استنادا الى وثيقة عائلية اصدرتها وزارة الخارجية الفرنسية في 1996، الى ان الزعيم الفلسطيني الراحل ولد في القدس في 3 اغسطس 1929. واكد المركز في بيانه ان المؤرخين والسلطات المصرية تعترف بان مكان ولادة عرفات هو في القاهرة، مشيرا الى ان الغموض الذي ابقاه المستشفى في شأن تشخيص مرض عرفات اثار اتهامات بالقتل لا يمكن الا ان تؤدي الى تغذية العنف مستقبلا في الشرق الاوسط. ويرى عدد كبير من واضعي سيرة ياسر عرفات ان هذا الاخير، المولود باسم عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، ولد في القاهرة في اغسطس 1929، كما اكدت المفوضة العامة لفلسطين في فرنسا ليلى شهيد الاحد عبر تلفزيون تي في 5 الفرنسي. ولم يعلن عن سبب موت عرفات بموجب مبدأ السرية الطبية. وترك الامر لعائلته وحدها للكشف عن ذلك ام عدمه. الا ان بعض المسؤولين الفلسطينيين لم يستبعدوا، نتيجة غياب المعلومات حول تشخيص مرضه، ان يكون تعرض للتسميم من جانب اسرائيل. ورأى مركز ويزنتال ان كل غموض او اخفاء لا يمكن الا ان يشجع التكهنات او بناء خرافة لا تخدم القانون الفرنسي ولا آمال السلام في مرحلة ما بعد عرفات. ويأتي الطلب الفلسطيني الرسمي اثر الشكوك القوية التي أثيرت فلسطينيا وعربيا بشأن تعرض الرئيس عرفات للتسميم ما ادى الى وفاته في باريس الخميس الماضي. حيث شقت فرضية تسميم الزعيم التاريخي طريقها في اوساط الرأي العام العربي رغم صدور تصريحات رسمية تنفي هذا الامر بما في ذلك من الجانب الفلسطيني الرسمي. وتبدو الوفاة الناجمة عن تسميم تفسيرا رائجا في العالم العربي خصوصا اذا ما كانت لزعماء تاريخيين مثل عرفات وتحديدا اذا جاء الموت مفاجئا. وكانت فرضية التسميم طرحت بعد وفاة جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970 نتيجة الارهاق في سن مبكرة عندما كان يقوم بوساطة بين الفلسطينيين والعاهل الاردني الراحل الملك حسين اثر ايلول الاسود الدامي في الاردن. وكانت فرضية مماثلة طرحت بعد وفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين في 1978 عن 52 عاما الذي دخل في غيبوبة عميقة دامت ثلاثة اشهر ادت الى وفاته. أما بالنسبة لعرفات فقد عزز فرضية التسمم، طلب طبيبه الخاص الأردني أشرف الكردي من القيادة الفلسطينية فتح تحقيق رسمي حول اسباب وفاته اضافة لطلب تشريح الجثة. ومساء الاحد عزز فاروق القدومي، الذي انتخب على رأس حركة فتح كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، هذه الفرضية في مقابلة مع قناة العربية مؤكدا ان عرفات توفي نتيجة عملية تسميم حمل اسرائيل مسؤوليتها. واضاف بالنسبة لي: دس له السم وكان علينا الحصول على دواء مضاد لهذا السم وهو ما لم نحصل عليه. ومضى يقول اكد لنا اطباء انه سم بطيء. وللاسف لا نعرف متى تم دس هذا السم البطيء المفعول له. وخلال برنامج تلفزيوني بثته قناة العربية الفضائية السبت ومقرها دبي، رأى 83.2 بالمئة من المشاهدين الذين اتصلوا للاشتراك في البرنامج انهم يعتقدون بفرضية التسميم في مقابل 16.8 بالمئة يرفضونها. واخذت هذه الفرضية على محمل الجد في المنطقة حتى ان صحفا عربية عدة اتصلت باخصائيين للتحقق من ذلك. واكد خبراء من المركز الوطني للابحاث المتعلقة بتأثير السم لصحيفة الاهرام المصرية انه يمكن استخدام نوع جديد من السم لا يترك آثارا. وقال هؤلاء الخبراء انه من الممكن ان يكون عرفات تناول على فترة طويلة كميات محدودة ومنتظمة من السم غيرت تركيبة دمه. وقال كاتب فلسطيني طلب عدم كشف هويته ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون توعد بتصفيته جسديا. وقد يكون قام بذلك منذ ثلاث سنوات في غياب فيتو من الرئيس الامريكي جورج بوش. لكن منذ بضعة اسابيع شعرنا انه تنصل عن وعوده السابقة مضيفا حجة سياسية الى الحجة الطبية. واستند المشككون بهذه الفرضية الى تصريحات مفوضة فلسطين العامة في فرنسا ليلى شهيد التي أكدت فيها انه حتى وان لم يسمم الاسرائيليون جسديا عرفات لقد سمموا حياته بمحاصرته طوال ثلاث سنوات في مقره العام في رام الله بالضفة الغربية، ما أدى الى نقص في الأوكسجين الذي كان يتنشقه بين الجدران الأربعة لغرفات المبنى. واعتبر وزير الصحة الفرنسي فيليب دوست بلازي الاحد ردا على اسئلة اذاعة راديو جي اليهودية: ليس هناك اي عنصر يوحي بعملية تسميم الرئيس الفلسطيني الذي توفى في 11 نوفمبر في مستشفى بيرسي العسكري في ضاحية كلامار الباريسية. وقال الوزير ردا على سؤال حول الشائعات بشأن التسميم للرئيس الفلسطيني: لقد اجريت كل الاعمال الطبية والعلاجات على الصعيد الطبي والعلمي والتكنولوجي وليس هناك اي عنصر يوحي بعملية تسميم.