اعتادت ميليشيات عربية في منطقة دارفور، غرب السودان، مهاجمة القرى التي يقطنها سكان من اصول افريقية في الايام التي تقام فيها اسواق حيث تمتلئ الأكشاك بالبضائع التي يمكنها نهبها. ومن هذه الاهداف بلدة طويلة، وهي نقطة عبور استراتيجية، تبعد نحو 70 كيلومترا غرب الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وروت اخلاص ابو بكر 26 عاماً التي كانت تشتري طعاماً ان معركة اندلعت حين هاجم نحو 12 مسلحاً السوق وشرعوا في نهبه يوم الثلثاء الماضي. وقالت اخلاص التي هربت ورضيعها الى الفاشر على متن شاحنة متهالكة: "حين بدأ اطلاق النار ركضت فحسب". وتقول الاممالمتحدة إن أربعة من أفراد الميليشيا قتلوا في المناوشات، رغم ان قرويين يقولون ان ستة مهاجمين لقوا حتفهم في المعركة التي استخدمت فيها البنادق والعصي والمدي والهراوات. وتفرق سكان طويلة الذين يخشون ان تشن الميليشيات هجمات انتقامية في الصحراء، قرب المخيمات المكتظة حيث يتلمسون قدرا ضيئلا من الامن لم يعد متاحا في قراهم. ويفترص ان تحمي الشرطة والقوات الحكومية هذه البلدات، لكن سكان طويلة، وهم من قبيلة فور، يقولون ان السلطات تنحاز الى الميليشيات العربية المعروفة باسم "الجنجاويد". وقال القرويون ان المتمردين الذين يتنقلون في الصحاري المحيطة بالبلدات، هم وحدهم الذين يرغبون في مساعدتهم. وذكر تقرير أمني للأمم المتحدة ان بلدة طويلة "تبقى محل اهتمام العمليات الانسانية لقربها من الاطراف المتصارعة واهميتها كطريق تجاري". واضاف ان الاممالمتحدة اعلنت المنطقة المحيطة بطويلة "منطقة يجب عدم الاقتراب منها"، بسبب خطر نشوب اعمال عنف جديدة. ويقول آدم بشارة 47 عاماً، وهو زعيم قبلي يقيم في كوخ في مخيم قرب الفاشر: "لم تسفر ثلاث او اربع جولات من المفاوضات عن أي اتفاق مؤثر. فلماذا تختلف الحال هذه المرة؟"، في اشارة الى البروتوكول الامني الذي وقعته الحكومة مع حركتي التمرد في دارفور. وتواجه بعثة الاتحاد الافريقي في دارفور عقبات مالية واخرى تتعلق بالامدادات في جهودها لاعادة النظام للمنطقة الفقيرة من حيث الاتصالات. ويقول كثيرون ان القوة المؤلفة من اكثر من ثلاثة الاف فرد لن تكون كافية. وقال بشارة "المشكلة معقدة. لا يمكن للحكومة وحدها ايجاد حل. وهي تحتاج الى المزيد من المساعدة من المجتمع الدولي والاممالمتحدة"، مكررا طلبا شائعا بان ترسل الاممالمتحدة قوة حفظ سلام كبيرة. وقال يان برونك موفد الاممالمتحدة الى السودان، خلال زيارة لدارفور في الاسبوع الماضي: "يجعل الاقتتال القبلي تحقيق السلام صعبا بسبب الهجمات المضادة والاعمال الانتقامية". ويقول سكان طويلة الذين فروا الى الفاشر ان الشرطة ساعدت عناصر "الجنجاويد" لدى مهاجمتهم البلدة، من خلال تسهيل فرارهم، بعدما تفوق عليهم الحشد الذي كان متجمعا في السوق في المناوشات التي وقعت الاسبوع الماضي. وروى أحد أفراد قبيلة فور، كان هرب الى مخيم قرب الفاشر وطلب عدم نشر اسمه خشية تعرضه للانتقام: "حين جاءت الشرطة انحازت الى الجنجاويد واطلقت النار في الهواء لتفريق الحشد". وقال الرجل، كما غيره من القرويين، ان الشرطة والجيش وعدا بحماية البلدة ولكن الميليشيا تسللت من جديد في مساء اليوم نفسه ونهبت متاجر اخرى واطلقت النار على اثنين. واكد احد سكان البلدة الذي يقيم الان في معسكر في الفاشر: "لا يوجد سكان في طويلة الآن، لأننا نخشى العودة اليها" بسبب هجمات "الجنجاويد".