استمر القتال في اقليم دارفور بالسودان حتى امس الأول الجمعة رغم انذار مدته 24 ساعة من الاتحاد الافريقي لكل من المتمردين والحكومة بانهاء جميع انتهاكات وقف اطلاق النار. وقال قائد الشرطة العسكرية في ولاية جنوب دارفور أمس ان القتال أعقب هجمات للمتمردين ألحقت خسائر فادحة بالجيش السوداني. وقالت الحكومة السودانية منذ يومين انها ستوقف العمليات العسكرية في دارفور اذا توقف المتمردون عن انتهاك وقف اطلاق النار لكن قائد الشرطة عابدين الطاهر قال ان القتال استمر حتى مساء الجمعة شرقي نيالا عاصمة الولاية. وقال لرويترز ان المتمردين هاجموا قافلة كبيرة للجيش وألحقوا بها خسائر فادحة في الأسبوع الماضي. ويقول الاتحاد الافريقي انه تجمعت حشود عسكرية كبيرة في المنطقة في الاسبوعين الماضيين وانه سيبلغ عن انتهاكات وقف اطلاق النار إلى مجلس الامن الدولي اذا لم يتوقف القتال بحلول الساعة 1700 بتوقيت جرينتش أمس السبت. وحتى الان كان الاتحاد الافريقي مسؤولا عن محاولة تنفيذ وقف اطلاق النار من خلال مراقبين في دارفور. واحالة الموضوع إلى الاممالمتحدة سيزيد المخاطر. وقال الطاهر «كانت توجد قوة مسافرة في ذلك الاتجاه (لابادو) وحاصرها المتمردون وهاجموها .. وكان مازال يوجد قتال حتى قبل الليلة الماضية لكن صباح أمس ليس لدي معلومات في هذا الشأن.» وقال ان القوة المؤلفة من نحو 500 جندي كانت في طريقها إلى لابادو التي تبعد 65 كيلومترا شرقي نيالا للتحقيق في سرقات مسلحة على الطرق تمنع قوافل المساعدات والقوافل التجارية من نقل السلع. وقال في تصريحات ادلى بها في مقره في نيالا «توجد مشاكل كثيرة على الطريق وذهب الجيش ليرى ما يحدث وحاصر المتمردون الجيش وألحقوا به خسائر فادحة.» ويتدفق مدنيون من القرى الواقعة بين نيالا ولابادو على معسكر كالما شرقي نيالا هربا من القتال. ويأتون بتقارير عن قصف حكومي في قراهم بطائرات هليكوبتر واشار تقرير إلى انه يتم اسقاط قنابل من طائرات انتونوف. وقالوا ان الجيش انشأ قواعد في قراهم. وقال الطاهر انه لا يعرف ما اذا كانت طائرات الانتونوف تستخدم لكن طائرات هليكوبتر تنقل الجرحى من الجيش إلى المستشفى للعلاج. وقال ان حركات المتمردين تفتقر للانضباط وقيادتهم التي تتخذ من اسمرة عاصمة اريتريا قاعدة لها لا تسيطر على قواتها على الارض التي كانت مسؤولة عن العديد من الهجمات التي تشن بهدف النهب على الطرق في جنوب دارفور. وأغقلت الاممالمتحدة العديد من الطرق الرئيسية في جنوب دارفور امام الترحال يسبب هذه الحوادث ومن بينها هجوم وقع في الأسبوع الماضي قتل اثنين من موظفي المساعدات. وقال «امس وقع هجوم على مدنيين في الطريق بين نيالا والفاشر. واضاف «فتحوا النار وقتلوا طفلين وامرأة ورجلا.» واضاف ان خمسة اشخاص اصيبوا بجروح. ولم يتسن على الفور الاتصال بمسئولين حكوميين في الخرطوم للتعقيب على انذار الاتحاد الافريقي. وفي تقرير لوكالة (رويترز) من مخيم الصريف للاجئين يقول: عند المرور بسيارة في الضواحي الفقيرة لنيالا البلدة الرئيسية في ولاية جنوب دارفور يلوح في الأفق بحر من الخيام البيضاء الكبيرة التي تنتشر في صفوف مرتبة بانتظام. ويستضيف مخيم الصريف الذي أقامته الحكومة السودانية على بعد عشرة كيلومترات غربي نيالا حوالي تسعة آلاف من ابناء دارفور الذين فروا من ديارهم خلال الحرب الدائرة منذ 22 شهرا في الإقليم النائي في غرب السودان. ويقول سكان المخيم إنهم أسعد حالا من سكان المخيمات الأخرى ويشعرون بالأمن. لكن تاريخ مخيم الصريف لم يكن كله هادئا. ففي الشهر الماضي حاصرت الشرطة العسكرية مخيم الجير على مشارف نيالا ونقلت السكان المشردين لمخيم الصريف. وعندما رفض البعض الانتقال تحول المزاج السائد للعنف عندما ضربت الشرطة الناس واستخدمت القنابل المسيلة للدموع. قالت حليمة عيسى أحمد «كانت فوضى. الشرطة كانت تطارد الناس وتضربهم.» ومضت تقول «لكن الوضع هنا أفضل بكثير.. لا توجد هجمات.» وقال علي حسن (52 عاما) إنه يشعر بالأمن في الصريف لكنه جائع. وقال وهو يلوح بذراعيه الطويلتين «في الجير الشرطة نفسها هاجمتنا واعتادت على ضربنا.» ومضى يقول وهو يشير إلى معدته «هنا أمن جيد لكن لا يوجد طعام.» وتجمع حشد من النسوة يتشحن بعباءات ملونة وكن يرددن جميعا «الطعام.. الطعام» ويقمن بحركات الأكل. وقال حسن «الأجانب هناك... والهيئات كانوا طيبين جدا وقدموا لنا الطعام.» ومضى متسائلا «هنا نحصل على طعام قليل. أين الأجانب.» وتعمل جمعية الهلال الأحمر السعودي في الصريف. والجمعة كان يوم توزيع الطعام لكن الكثيرين يقولون إنهم لا يملكون بعد بطاقات للحصول على طعام. وقال أحمد علي مدير المخيم إن تسجيل سكان المخيم لدى الهلال الأحمر السعودي يتطلب وقتا لمنحهم خيمة ثم بطاقة للطعام. وأضاف أن منظمات أخرى وعدت بالمجئ والقيام بعمليات لتوزيع المعونات في المخيم. وخلافا للوضع في كثير من المخيمات الأخرى التي أقيمت لاستيعاب أكثر من 1,6 مليون مشرد في دارفور حيث يعامل مسؤولو الحكومة بكراهية بل ويتعرضون للهجوم سار علي بين سكان مخيم الصريف بحرية ومتمهلا وكان يتوقف للحديث مع العائلات. وقال إن إنشاء المخيم المزود بصهاريج مياه ومضخات استغرق ثلاثة أشهر. واضاف أنه سيوسع لاستيعاب 18 ألفا بنهاية العام. لكنه يتزايد يوما بعد يوم مع فرار المزيد من المشردين من القتال في ولاية جنوب دارفور والتي اصبحت اكثر المناطق اضطرابا في الإقليم النائي. وحمل المتمردون السلاح أوائل العام الماضي بعد سنوات من الصراع القبلي على الموارد الشحيحة متهمين الحكومة في الخرطوم بتجاهل الاقليم واستخدام ميليشيات عربية تعرف باسم الجنجويد في سلب وحرق القرى غير العربية وسرقة ماشيتهم وطردهم من أراضيهم. وتعترف الخرطوم بتعبئة بعض الميليشيات للقتال ضد المتمردين لكنها تنفي أي صلة لها بالجنجويد وتصفهم بانهم قطاع طرق. ولم تر زهرة حامد زوجها منذ اليوم الذي هوجمت فيه بلدتها بورام جنوبينيالا. وفرت إلى نيالا مع أطفالها السبعة وانتقلت إلى مخيم الصريف قبل عدة أسابيع.