يشهد الوضع الاقتصادي الهولندي عموماً نوعاً من الركود الواضح الذي رمى بثقله على مختلف جوانب الحياة، ومنها قضية إندماج الجاليات العربية والأجنبية في هولندا. وهذا ما أكدته الخطوات العملية للحكومة الهولندية الجديدة، التي قلصت الدعم المادي لبعض خدمات الصحة والتعليم، مما انعكس سلباً على المنح والمخصصات المالية للفاعليات الاجتماعية والثقافية ومنها دعم مؤسسات الجاليات. وتشهد الساحة السياسية الهولندية منذ فترة ليست القصيرة حركة دؤوبة من بعض الأحزاب الهولندية تجاه اللاجئين، خصوصاً الأحزاب التي تتكون منها الحكومة الحالية. وهذا التوجه لم يكن وليد اليوم بل هو نتيجة للموجة اليمينية التي اجتاحت أوروبا خلال السنوات الثلاث الماضية، بدءاً بفرنسا لتستقر الآن في هولندا. ومعالم هذه السياسة الجديدة بدأت في الظهور بصورة واضحة وعلنية بعد القرارات التي اتخذتها الحكومة الجديدة تجاه اللاجئين: قرار ما يسمى "العفو" الذي سمح ببقاء 2200 لاجئ من مجموع 7200. وتسبب هذا القرار بإحباط كبير طاول أوساط اللاجئين وأدانه كثير من الشخصيات والأحزاب والمنظمات الهولندية وسارت تظاهرات رافعة لافتات وصوراً للاجئين خصوصاً الأطفال المطلوب مغادرتهم. والواقع ان معظم هذه العائلات العربية الأصل نشأت في هولندا وأصبح لها أكثر من طفل يدرس في المدارس الهولندية ولا يجمعها مع البلدان التي قدمت منها إلا الانتماء اللفظي، فلا بيت ولا عمل ولا أساس مالياً يمكن ان تعتمد عليه مستقبلاً. واستمرت الحكومة الهولندية الجديدة بمنهجها الجديد معللة أسباب هذا التصرف بان الحكومة السابقة هي المسؤولة عن الوضع المتردي وغير القانوني لكثير من طالبي اللجوء الذين تجاوزت مدة بقائهم عشر سنوات ولم يحصلوا على رد. ولهذا بدأت الحكومة الجديدة حملتها بالعديد من القوانين التي حددت فترة قصيرة للنظر بطلبات اللاجئين. وصارت ترفض الكثير من طلبات اللجوء وبخاصة لمواطني دول مثل العراق و يوغوسلافيا السابقة وأفغانستان وإيران، بل ان الحكومة الجديدة بدأت بناء مجمع كبير في مدينة روتردام لجمع اللاجئين المرفوضة طلباتهم الذين يجب ان يغادروا الأراضي الهولندية، على ان يستقروا فيه فترة لا تزيد على 28 يوماً وبعدها يسفرون الى البلد الذي أتوا منه.