بعد استبعاد اصابة الرئيس ياسر عرفات بسرطان الدم لوكيميا، يعكف الأطباء في مستشفى بيرسي الفرنسي على تركيز الفحوص على حالتين تسببان النقص الحاد في عدد الصفائح الدموية الذي يعاني منه عرفات، وهما الالتهاب الفيروسي الحاد والتسمم، وسط تأكيد فلسطيني ان الفحوص تدرس امكان اصابته بتسمم "مقصود أو غير مقصود"، ما يفتح الباب امام التكهنات في شأن وجود مؤامرة لقتله. راجع ص4 جاء ذلك في وقت أعلن وزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول اتصل به هاتفياً للاطمئنان على صحة الرئيس عرفات. ونقلت عنه وكالة "فرانس برس" قوله خلال جلسة استثنائية للمجلس التشريعي ان باول "عبر عن سعادته بالضمانات الاسرائيلية بعودة الرئيس الى المقاطعة بعد علاجه... ويريد ان يكون الاتصال بيننا دائماً للاطمئنان على صحته". من جانبه، أقر رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون انه اعطى ضمانات بالسماح بعودة عرفات بعد الشفاء، لكنه تعهد امام وزرائه عدم دفنه في القدس "ما دمت في منصبي". وفيما دعا الجيش الى ضبط النفس، قال انه في حال ظهور قيادة فلسطينية "جادة وتتحلى بالمسؤولية وتفي بالتزاماتها"، فإنه من الممكن ان تنشأ فرصة مناسبة للتنسيق مع قيادة كهذه واستئناف المفاوضات السياسية على اساس "خريطة الطريق". ورد مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل أبو ردينة على تصريحات شارون قائلاً إن "عرفات هو العنوان الوحيد للشعب الفلسطيني، وان القيادة الفلسطينية مجتمعة تسير على نهجه وخطه الوطني، وهذا ما يجب ان يفهمه شارون وحكومته". من جهة اخرى، قال ابو ردينة ان الوضع الصحي لعرفات "افضل مما اعتقدنا... وهو قابل للشفاء"، مضيفاً: "لكننا لا نستبعد أي عنصر أو احتمال، بما فيه التسمم". وفي هذا الصدد، قال مصدر فلسطيني موجود مع عرفات إن الاطباء يتابعون الفحوص لمعرفة ان كانت هناك "التهابات حادة او ميكروبات او تسمم مقصود او غير مقصود". ويفتح هذا التصريح باب التكنهات بوجود مؤامرة لتسميم عرفات، وهي تكهنات لها تفسيرات طبية. فحسب اطباء ومختصين، فإن للنقص الحاد في عدد الصفائح الدموية ثلاثة اسباب، هي سرطان الدم والالتهاب الفيروسي والتسمم. وبعد استبعاد سرطان الدم، يبقى احتمال الاصابة بالالتهاب أو التسمم. وفي حالة التسمم، فإن جهاز المناعة يبدأ بالتعامل مع الأنسجة والخلايا مثل الصفائح الدموية وكريات الدم البيضاء والحمراء على انها "اجسام غريبة" فيفرز اجساماً مضادة لمحاربتها. وهو يتعرف على "الاجسام الغريبة" من خلال "علامات" ملتصقة على اسطح الخلايا الصفائح الدموية. لذلك فإن السؤال الذي ستجيب عليه الفحوص الطبية في فرنسا هو "ما هو السبب أو العلامة الطارئة على اسطح الصفائح، هل هي بروتين مضاف أو مادة كيماوية؟". أو بعبارة اخرى: "ما هو العقار او المادة الغريبة التي التصقت بأسطح الصفائح الدموية وحفزت جهاز المناعة على افراز أجسام مضادة لمحاربتها". على ان الوضع الصحي لعرفات في تحسن مستمر حسب المصادر الفلسطينية، إذ قالت المفوضة الفلسطينية في باريس ليلى شهيد ان وضعه جيد، وبدأ يأكل قليلاً ويتحدث الى الاشخاص الموجودين حوله، مضيفة ان الاطباء مرتاحون لاستقرار حالته. وأوضح مصدر فلسطيني ان الرئيس أفاق عند السابعة صباحاً وتوضأ وصلى وقرأ القرآن بعد توقف دام عشرة أيام، ثم التقى الاطباء الذين ابلغوه انه غير مصاب باللوكيميا، مشيراً إلى ان الرئيس مازحهم باللغة الفرنسية. وأضاف المصدر ان عرفات طلب الاتصال بوزير المال سلام فياض، وقال له انه قلق على رواتب موظفي السلطة، داعياً إلى تأمينها بسرعة للداخل والخارج، خصوصاً مع اقتراب عيد الفطر. وتابع ان فياض سأل الرئيس عن صحته، فأجابه: "لا تقلق"، وانه اتصل لاحقاً بابنته زهوة للمرة الثانية، وحالته اليوم أحسن بكثير. ومن المقرر ان تظهر نتائج الفحوص والتحاليل بعد غد، وهو موعد وصول محمود عباس ابو مازن الى باريس لزيارة عرفات الذي منع عنه الاطباء أي زيارة قبل هذا الموعد.