دعا المسؤول الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس في رام الله (الضفة الغربية) جميع قوى الشعب الفلسطيني الى التكاتف مؤكدا استمرار التواصل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتلقي تعليماته، فيما استبعد أطباء إصابته بسرطان الدم كما زعمت بعض وسائل الاعلام.وجاء كلام عباس امام الصحافيين في ختام اجتماع في رام الله للجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية يعقد للمرة الاولى بغياب ياسر عرفات (75 عاما) الذي نقل الجمعة الى باريس بعد تدهور حالته الصحية. واضاف: ندعو الله العلي القدير ان يمن عليه (عرفات) بالشفاء وان يعيده الى شعبه وقضيته ومسيرته التي لا تزال في امس الحاجة اليه.وقد نفى مسؤولون فلسطينيون أمس السبت معلومات صحافية تشير الى أن عرفات مصاب بسرطان في الدم (لوكيميا) أو أنه فاقد الوعي.وقال طبيب فلسطيني يرافق عرفات في باريس تم الاتصال به من رام اللهبالضفة الغربية ان هذه المعلومات خاطئة. كذلك نفى جبريل الرجوب مستشار عرفات للامن القومي متحدثا في رام الله ان يكون الرئيس الفلسطيني مصابا بسرطان الدم وفاقد الوعي، كما اعلنت شبكة سي ان ان التلفزيونية الاميركية. وقال: قيل لي ان حالته تحسنت واؤكد لكم ان هذه المعلومات (السرطان) كاذبة وانها مجرد ادعاءات واكاذيب، مشيرا الى انه تكلم هاتفيا الى الوفد المرافق لعرفات في باريس. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان الاطباء الفرنسيين طلبوا منا ان ننتظر 48 ساعة والا نستخلص استنتاجات متسرعة. واضاف عريقات ردا على اسئلة (سي ان ان) سيقدموا لنا تقريرا كاملا حين ينتهون من اجراء الفحوصات. وفي باريس، اعلن مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة: ننفي ما افادته (سي إن إن) بشأن الرئيس عرفات، الاطباء الفرنسيون يجرون كل الفحوصات الضرورية ولم تظهر اي نتيجة سلبية حتى الان، حتى ان النتائج الاولية بدت افضل مما كان متوقعا، لن يصدر اي تقرير طبي قبل صباح الاربعاء. وقال أبو ردينة: سنعرف حالته الصحية بعد 48 ساعة وسنعرف ما ينبغي القيام به، التحاليل جارية، رافضا التعليق على الشائعات، مضيفا ان الرئيس عرفات بين ايدي اطباء فرنسيين منذ وصوله (الجمعة) وهو يخضع لمراقبة متواصلة ووضعه مستقر. ووصل عرفات امس الجمعة الى مستشفى بيرسي العسكري في كلامار غرب باريس برفقة زوجته سهى، وقد نقل من العاصمة الأردنية عمان في مروحية عسكرية أردنية ومن ثم في طائرة فرنسية الى باريس. ويرافق عرفات وفد نزل في احد الفنادق الكبرى بوسط باريس، ويضم الى ابو ردينة ووزير الشؤون المدنية جميل الطريفي ووزير الامن الداخلي السابق محمد دحلان ومستشار الشؤون الاقتصادية محمد رشيد. واعلنت وزارة الدفاع الفرنسية في بيان صدر أمس ان الاطباء المكلفين بمعالجة الرئيس الفلسطيني في مستشفى بيرسي اتفقوا مع موافقة العائلة والبعثة العامة لفلسطين في فرنسا على عدم السماح بالزيارات خلال الايام المقبلة، حفاظا على راحته. واضافت الوزارة في بيان لها ان تقريرا حول وضع عرفات الصحي سيصدر فور انتهاء التشخيص. من جهتها، قالت ليلى شهيد المندوبة الفلسطينية في فرنسا للصحفيين في مستشفى بيرسي ان الرئيس الفلسطيني أمضى ليلة مريحة واستيقظ في وضع جيد ومعنوياته مرتفعة. وأكدت النفي الفلسطيني عن اصابته بسرطان الدم، وقالت ان عمليات الكشف متواصلة ويستبعد الأطباء أي أثر لسرطان الدم. واضافت ان عرفات تحدث لابنته زهوة في الهاتف بينما كانت زوجته سهى الى جانبه في مستشفى بيرسي. وقالت اذا استمرت الامور على ما هي عليه فذلك يدعو الى الاطمئنان مؤكدة انها ستعقد يوميا لقاء مع الصحافيين حول الوضع الصحي للزعيم الفلسطيني. وقد دأب عرفات على تكرار المثل العربي (يا جبل ما يهزم ريح)، عندما يسأل عن التهديدات الاسرائيلية بقتله أو إبعاده أو امتناع القوى الكبرى عن التعامل معه. كما استبعد حسني العطاري، أحد الأطباء الفلسطينيين الذين شاركوا في الفحوصات الطبية التي اجريت لأبي عمار في رام الله، أن يكون مصابا باللوكيميا، موضحا ان نقله الى فرنسا تم من أجل البحث في نوع غير معروف من الامراض التي تصيب الدم. واضاف ان مرض اللوكيميا يمكن معرفته بسهولة من خلال فحص دم عادي، حيث يكون هناك ارتفاع في عدد كريات الدم البيضاء، لكن كريات الدم البيضاء لدى الرئيس طبيعية، وهو غير مصاب بهذا المرض. وتابع ان عرفات يعاني انخفاضا في عدد الصفائح الدموية، رغم انه تم اعطاؤه صفائح جديدة لكنها تتكسر، وأجرينا مختلف الفحوصات المخبرية التي نستطيعها لمعرفة السبب، لكننا لم نخرج بنتيجة. والاجابة التي يبحث عنها الاطباء الان في فرنسا، حسب العطاري، هي بشأن سبب تكسر الصفائح الدموية، هل هو من مصدرها في النخاع الشوكي، او انه تتم مهاجمتها من قبل فيروس، او انها تخرج ضعيفة اصلا؟. واعتبر ان الصفائح اذا كانت تتعرض للتكسير فان هناك توقعا طبيا بان يكون ذلك بسبب تسمم ما. واضاف: اجرينا كافة الفحوصات المخبرية لمعرفة ان كان هناك تسمم ما بواسطة الادوات المخبرية المتوافرة لدينا، لكن النتيجة التي خلصنا اليها انه لا يوجد اي تسمم معروف لدينا على الاقل. وقال: التسمم العادي تصاحبه مؤشرات، كارتفاع درجة الحرارة وقيء متواصل واسهال، الا ان هذا غير موجود لدى الرئيس الفلسطيني. وختم الطبيب العطاري: الا اذا كان هناك تسمم غير معروف ولم تكتشفه مختبراتنا، لكن من الممكن ان يتم اكتشافه في مختبرات فرنسا. ومن على سرير المرض، عاد ياسر عرفات لجذب الاهتمام اليه، مثلما كان يطير في أجواء الدبلوماسية في الأيام الخوالي. بل يبدو أن اسرائيل تواجه مشكلة حقيقية من مشاكل عدة في حال وفاته وذلك إذا أصر الفلسطينيون على دفن جثمانه في القدس عاصمتهم المنشودة. فقد نقلت اذاعة اسرائيل عن مسؤول اسرائيلي كبير قوله ان الحكومة لن تسمح بدفن عرفات في باحة المسجد الاقصى في حال وفاته. وسارع ما يسمى الاتحاد القومي الاسرائيلي (يمين متطرف) منذ الخميس الماضي الى اعلان معارضته لدفن عرفات في القدس، مطالبا بان تعلن اسرائيل موقفها بهذا الصدد منذ الان. وفي الاول من يونيو 2001، شارك حشد غفير في تشييع الزعيم الفلسطيني فيصل الحسيني في باحة المسجد الاقصى، فيما ندد اليمين المتطرف الاسرائيلي بالامر معتبرا انه اساءة الى ما زعموه، سيادة اسرائيل على القدس. ورأت صحيفة معاريف ان دفن عرفات في القدس لن يطرح مجرد مشكلة امنية على اسرائيل، بل سيجسد طموح الفلسطينيين لجعل هذه المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية المقبلة. وبحسب الصحيفة، فان السلطات الاسرائيلية تخشى ان يتحول دخول مئات الاف من الفلسطينيين الى القدس لتشييع عرفات الى تظاهرة ضد الاحتلال، وتعمل الشرطة منذ الان على بحث هذا الاحتمال. وقال يهوشع بور الناطق باسم وزير الداخلية جدعون عزرا اننا جاهزون لاي احتمال واتخذنا تدابيرنا. غير ان هناك حلا بديلا يقضي بدفن عرفات في ابو ديس، الضاحية الواقعة خارج حدود بلدية القدس. ويقضي احتمال آخر ايضا بدفن عرفات في غزة حيث دفن افراد من عائلته، او في رام الله حيث حاصره الجيش الاسرائيلي منذ ديسمبر 2001 وحتى رحيله الى باريس يوم الجمعة. وتحدث باري روبن احد كاتبي سيرة حياة عرفات عن احتمال دفنه في موقع مؤقت في بادئ الامر، على ان تنقل جثته فيما بعد الى مرقدها النهائي بعد اقامة دولة فلسطينية. وقال اعتقد انها حقا النهاية بالنسبة لعرفات، سيفاجأ الناس حين يرون انه سرعان ما سيدخل طي النسيان بعد وفاته.