سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين انتهت باخفاق ومن دون تحديد مكان الاجتماع المقبل : اقتراحات مالية قوية وقرارات مؤجلة التنفيذ وخلافات على اعادة تقويم "رصيد الذهب"
أخفق محافظو صندوق النقد والبنك الدوليين في ختام دورة سنة 2004 من اجتماعاتهم السنوية المشتركة في التوصل الى اتفاق في شأن أي من المسائل الرئيسية المطروحة، وفي مقدمها زيادة المساعدات الانمائية لانقاذ"أهداف الألفية للتنمية"من فشل محدق وتحرير الدول الأكثر فقراً من أعباء الديون ومنح الدول النامية، خصوصاً الدول العربية ذات الحقوق المهدورة، درجة تمثيل أكثر انصافاً في المؤسسات الدولية. وحتى مكان انعقاد الدورة المقبلة بدت مسألة غير محسومة عندما اتضح أن الاجراءات الأمنية المشددة، التي اتخذتها السلطات الأميركية وشملت احاطة مبنيي صندوق النقد والبنك الدوليين، اللذين لا يبعدان سوى مئات الأمتار عن البيت الأبيض وسط العاصمة واشنطن، بغابة من الحواجز الاسمنتية ومراكز التفتيش، تحولت الى مصدر ازعاج للوفود المشاركة وعنصر ضغط على المداولات مثيرة تكهنات في شأن احتمال التفكير بعقد عدد أكبر من الاجتماعات السنوية بعيداً عن الولاياتالمتحدة. وأكد المدير العام لصندوق النقد رودريغو دي راتو وجود"مشاكل أمنية"، وان امتنع عن الحديث عن تداعياتها، وقال:"لقد كانت استضافة هذه المدينة والحكومة الأميركية الاجتماعات السنوية المشتركة تقليداً على الدوام والشيء الوحيد الذي أستطيع أن أقوله في هذا الشأن هو تقديم الشكر الى المواطنين والسلطات في كل من المدينة والبلد". وتستضيف واشنطن دورتين متتاليتين من كل ثلاث دورات لهذه الاجتماعات منذ تأسست المؤسستان الدوليتان بموجب اتفاق"بريتن وودز"قبل 60 عاماً. الارهاب و"اللحظة المرحة" لكن الحواجز الاسمنتية، التي أشار اليها رئيس البنك الدولي جيمس وولفنسون بقوله في بيان نشر باللغة العربية:"لقد وصل الارهاب الى عتبة دارنا"، كانت موضوع"اللحظة المرحة"الوحيدة في مؤتمر صحافي عُقد في وقت متأخر من ليل الأحد لعرض نتائج الاجتماعات المشتركة التي ناقشت"عدداً من المسائل ذات الأهمية الحيوية للاقتصاد الدولي وأسعار النفط واعفاء الدول الأكثر فقراً من الديون وكذلك المساعدات الانمائية وتمثيل الدول الأعضاء في صندوق النقد والبنك". وقال دي راتو الذي حضر المؤتمر الصحافي مع وولفنسون ان"الدول الأعضاء في المؤسستين الدوليتين اتفقت، عبر ممثليها من المحافظين، مع توقعات صندوق النقد بأن سنة 2004 تشكل لحظة قوة للاقتصاد الدولي، وأن 2005 هي سنة واعدة، وأن العالم أصبح أكثر قدرة على مواجهة الصدمات الخارجية، وشددت على الحاجة الى الاستفادة من الانتعاش الاقتصادي من أجل التصدي للمخاطر القصيرة الأجل وكذلك المتوسطة المدى. وبالتأكيد أشار كثير من المحافظين الى الاختلالات في الاقتصاد العالمي وآثار أسعار النفط". الاعتراف بالفشل واعترف دي راتو بفشل الاجتماعات السنوية في التوصل الى اتفاق بخصوص أي من المسائل الرئيسية، وقال:"بالنسبة لسياستنا في الدول المنخفضة الدخل والحاجة الى زيادة المساعدات لهذه الدول، جرت مناقشات مثمرة جداً، رسمية وغير رسمية، ونأمل بأن تؤمن هذه المناقشات الاجماع السياسي الذي تحتاج اليه." وأضاف:"هذا هو أيضاً الوضع بالنسبة لزيادة المساعدات الانمائية وكذلك بالنسبة لتحديد اطار سياسي للتوصل الى اتفاق في شأن تمثيل الدول الأعضاء في الصندوق والبنك". لكن الدول المنخفضة الدخل، لا سيما الدول الأكثر فقراً، لم تخرج من الاجتماعات خالية الوفاض، اذ عززت تصريحات أميركية واقتراح بريطاني آمالها بالتوصل الى قرار، في موعد قريب، ربما في الدورة المقبلة من الاجتماعات السنوية، يتيح اسقاط كامل ديونها الى المؤسسات الدولية التي سبق أن أقرت اعفاء هذه الدول من 50 في المئة من ديونها، اي ما يصل الى 54 بليون دولار، في اطار"مبادرة الدول الفقيرة الأكثر ديوناً". اعادة تقويم رصيد الذهب وأعلن وزير الخزانة الأميركي جون سنو في مؤتمر صحافي السبت أن بلاده"تؤيد اسقاط 100 في المئة من ديون الدول الأكثر فقراً". وعلى الفور تضارب الموقف الأميركي مع تصريحات صدرت عن وولفنسون ودي راتو تحذر من حرمان المؤسستين، والبنك خصوصاً من السيولة اللازمة لتمويل المساعدات للدول غير المدينة، لكن وزير الخزانة البريطاني غوردن براون طرح ما اعتبره"مخرجاً عملياً لهذه المسألة"، مقترحاً على صندوق النقد اعادة تقويم رصيده من الذهب. ولن تكون عملية اعادة التقويم المقترحة، التي تحتاج الى اجماع سياسي، أي الى موافقة الدول الأعضاء، هي الأولى من نوعها، الا أن الفارق الضخم بين السعر المعتمد من قبل المؤسسة الدولية 50 دولاراً للأونصة والسعر الحالي للذهب أكثر من 400 دولار للأونصة سيضخ في رصيد صندوق النقد ما يزيد على 30 بليون دولار من السيولة الجاهزة التي يمكن استخدامها في تمويل ازاحة الديون عن كاهل الدول الأكثر فقراً. وأشار دي راتو في المؤتمر الصحافي الى تحقيق"بعض التقدم"في شأن اقتراحات تعد بابتكار آليات جديدة لزيادة المساعدات الانمائية وانقاذ أهداف التنمية من الفشل، وان كانت كلها تتطلب اجماعاً سياسياً، وأهمها اقتراح بريطاني يدعو لتأسيس"هيئة تمويل دولية"تعمل على توفير المساعدات عبر اصدار سندات مدعومة بالتزامات الدول المانحة، وكذلك اقتراح فرنسي يدعو لجباية ضرائب خاصة على الصفقات الدولية، اضافة الى اقتراح توظيف تحويلات عمال الدول النامية لأغراض التنمية. الفجوة وتعاني المساعدات الانمائية من فجوة دأب البنك الدولي على التحذير من أن بقاءها من دون ردم سيقضى على آمال الدول النامية بتحقيق أهداف التنمية، وفي مقدمها خفض عدد الفقراء الى النصف وتحقيق تحسن ملموس في خدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. ويؤكد البنك أن المطلوب مضاعفة حجم المساعدات التي تصل حالياً الى نحو 50 بليون دولار سنوياً. والتزمت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بزيادة مساعداتهما بمقدار 16 بليون دولار سنوياً اعتباراً من سنة 2006، ما سيعني بقاء الجزء الأكبر من الفجوة من دون تمويل. وطبقاً لالتزام رؤساء دول العالم في مؤتمر الألفية يؤمل بأن يتم تحقيق أهداف التنمية بحلول سنة 2015، لكن وزير الخزانة البريطاني حذر من أن فشل المجتمع الدولي في توفير التمويل الاضافي المطلوب سيُمدد الفترة التي ستحتاجها الدول الفقيرة لتحقيق هذه الأهداف الى 120 سنة في أقل تقدير. وأكد دي راتو وولفنسون أن مسألة تمثيل الدول الأعضاء في صندوق النقد لا تقل عن مسألتي الديون والمساعدات حاجة الى قرار سياسي، وأعربا عن أملهما بالتوصل الى حل سريع. رفع تمثيل الدول النامية وكان محافظ المصرف المركزي في الامارات سلطان بن ناصر السويدي شدد في كلمة أمام اجتماع اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية على ضرورة رفع درجة تمثيل الدول النامية وأصواتها لتعزيز الصفة الدولية لصندوق النقد واضفاء المزيد من الشرعية على توصياته، ونبه في هذا المجال الى الشرق الوسط، لا سيما المنطقة العربية، هو الأقل تمثيلاً في طاقم موظفي الصندوق، سواء على المستوى العام أو على مستوى المناصب العليا. وفي اطار الاجتماعات، حصل وزير المال اللبناني فؤاد السنيورة على وعد من رئيس البنك الدولي ب"تمويل مشاريع مشتركة في المنطقة العربية الى جانب استمرار الدعم الذي يقدمه البنك في تمويل مشاريعه في لبنان". وأجرى السنيورة مشاورات مع مسؤولي البنك بشأن متابعة العمل على دعم الاصلاحات مثل تحسين ادارة الدين العام واصلاح نظام التقاعد في القطاع العام.