اقترح رئيس البنك الدولي جيمس ولفنسون "توازناً جديداً بين الفقراء والاغنياء في العالم" وحذر من عواقب اتساع الفجوة بين الجانبين ومن "ان تصبح الهجرات مسألة خطرة على الامن العالمي ومن اخطار انفاق الدول الفقيرة 200 بليون دولار على الدفاع وهو مبلغ يفوق ما تنفقه على التعليم". وعبّر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمشاركون في اجتماعات مجالس محافظي المؤسستين الدوليتين في اجتماعات "دبي 2003" عن اعتقادهم بأن الاقتصاد الدولي بدأ يستعيد قدراً من التعافي سيظهر في الشهور المقبلة. إلا أنهم حذروا في الوقت ذاته من المخاطر التي يواجهها الاقتصاد في العالم. سمح اليوم الأول لاجتماعات مجالس المحافظين في "دبي 2003" بتسليط الأضواء على أوضاع الاقتصاد الدولي في أعقاب الحرب على العراق وتداعياتها، بالإضافة إلى اقتصاد العالم العربي والعراق. وقال كاسبار فيليغر رئيس مجلس المحافظين محافظ سويسرا لدى الدوليين إن "الاقتصاد الدولي لا يزال محاطاً بأجواء عدم اليقين التي سببتها الآثار اللاحقة لانفجار فقاعة أسعار الأسهم والافراط في الاستثمار واستمرار انعدام الاستقرار السياسي - الجغرافي". وأضاف: "يبدو الآن، على رغم ذلك، ان الانتعاش في طريقه إلى التحقق كما أن ميزان المخاطر بدأ يميل الى التحسن الواضح. فأداء الاقتصاد الأميركي جيد نسبياً، وهناك دلائل مشجعة في اليابان، كما أن الكثير من الدول الأوروبية بدأ اجراء بعض الاصلاحات التي تأخرت لفترة طويلة. ويجب الآن على صانعي السياسات في كل أنحاء العالم أن يعمدوا الى تحويل هذه البوادر الأولية لتعافي الاقتصاد إلى انتعاش حقيقي قابل للاستمرار". وأعرب عن أسفه "لأن أوروبا لا تستطيع القيام بدورها الكامل في دعم الانتعاش الدولي"، مشيراً إلى أن "الانتعاش في الأسواق الصاعدة ظل قوياً على رغم حدوث مجموعة متنوعة من الصدمات، ويعود ذلك جزئياً إلى زيادة إقدام المستثمرين الدوليين على المخاطرة، نظراً إلى انخفاض العائد في الدول المتقدمة". وقال فيليغر إن "الاقراض من صندوق النقد الدولي ازداد في الاعوام الماضية في تركيزه على بعض أعضاء من دول الأسواق الصاعدة … وللأسف يبدو أن هذه البرامج المدعمة بموارد الصندوق ستطول مدتها لسنوات عدة، ما يمكن أن يؤدي إلى الحد من توافر المساعدات المالية من الصندوق للبلدان الأخرى". ودعا إلى تحسين الاطر التي يعتمدها الصندوق لمنع وقوع الأزمات وحلها والاستمرار في تعزيز الرقابة للاستمرار في تحمل الدين وزيادة الشفافية. وأضاف: "النمو الاقتصادي الدولي القوي شرط مهم لتحقيق تقدم في الوفاء بالالتزامات التي تعهدنا بها بموجب إعلان الألفية الجديدة، لكن النمو وحده لا يكفي. وقد انشأنا شراكة لتحقيق هذه الأهداف العام الماضي في مونتيري، واتفقنا على أن النجاح في تخفيف حدة الفقر يعتمد على التعاون النشط بين ثلاثة شركاء أساسيين: الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في الدول منخفضة الدخل، والأطراف الفاعلة من القطاعين العام والخاص في الدول المانحة، والمؤسسات متعددة الأطراف". واشار فيليغر إلى "حقيقة مؤلمة هي أن هذا التقدم الهائل الذي حققته أفضل الدول أداء لا يكفي لخفض معدلات الفقر إلى النصف بحلول سنة 2015 … وتخفيف حدة الفقر على أساس قابل للاستمرار يتطلب قدراً أكبر من المساعدات الانمائية". واصفاً عدم توصل اجتماع كانكون إلى اتفاق الأسبوع الماضي، بنكسة لنا جميعاً: "البلدان المتقدمة منا والنامية على حد سواء". أما رئيس البنك الدولي جيمس ولفنسون فاعتبر أن "اجتماع منظمة التجارة الدولية في كانكون كان بمثابة نداء للاستيقاظ، لأن الدول الفقيرة التي تمثل أكثر من ثلاثة بلايين نسمة رفضت اقتراحات التجارة الموضوعة من قبل الدول الغنية". وأضاف: "لقد ارسلت هذه الاجتماعات إشارة قوية بضرورة وجود توازن أكبر بين الأغنياء والأقوياء من جهة، والفقراء والغالبية من جهة أخرى. وأشارت الاجتماعات إلى أنه حتى تتوافر تنمية دولية وسلام على هذا الكوكب لا بد من إعادة ترتيب للأولويات". وقال في افتتاح الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي "ان الطريق المسدود، الذي وصلنا اليه في كانكون، صيحة يقظة فثلثا سكان الدول الفقيرة يعتمدون على الزراعة في معيشتهم من وجهة نظر الدول النامية، بينما عرضت الدول الغنية اقتراحات لا تلبي المطالب الرئيسية للفقراء في هذا المجال الحيوي". واضاف ولفنسون "ان الدول النامية اعتبرت انه من غير المقبول ان يكون متوقعاً منها ان تكتفي بالقبول باقتراحات الدول الغنية ... واعلنت عزمها على الدفع من اجل توازن جديد واكبر بين الاغنياء والاقوياء من جهة والفقراء واعدادهم الكبيرة من جهة اخرى". وكانت المفاوضات المتعددة الاطراف في كانكون تعثرت في شأن مسألة الدعم الذي تقدمه الدول الغنية الى قطاع الزراعة وتطالب الدول الفقيرة بالغائه. ورفضت الدول النامية التفاوض حول ملفات اخرى في هذه المفاوضات ما لم تلب مطالبها في الزراعة. ويحض البنك الدولي منذ فترة طويلة على خفض الدعم على الزراعات في الدول الغنية الذي يقضي على تنمية هذا القطاع في الدول الفقيرة. واوضح ولفنسون ان هذه الدول اشارت الى انه "لا بد من اعادة ترتيب الاولويات لتوافر التنمية الدولية والسلام". واكد على ضرورة "مواجهة القوى التي تؤثر في شكل عالمنا... هذه القوى التي ساهمت في نواح كثيرة في عدم التوازن الحاصل". وقال: "في عالم يضم ستة بلايين نسمة هناك بليون منهم يملك 80 في المئة من اجمالي الناتج المحلي الدولي بينما يكافح بليون شخص آخر للبقاء بأقل من دولار في اليوم... هذا عالم فقد توازنه". وتوقع ان يزيد سكان الدول الغنية في السنوات ال25 المقبلة خمسين مليون نسمة بينما يزيد عدد سكان الدول الفقيرة بليون ونصف البليون نسمة. وشدد على ان كثيرين سيعانون من الفقر والبطالة والاحباط من النظام الدولي غير المتكافئ وان يزيد عدد المهاجرين وان تصبح الهجرة "مسألة خطرة". وقال ولفنسون: "هناك اختلال متزايد في التوازن بين ما تنفقه الدول الغنية على مساعدات التنمية 56 بليون دولار سنوياً و300 بليون دولار تنفقها على دعم الزراعات و600 بليون دولار تنفقها على الدفاع". واضاف: "ان الدول الفقيرة تنفق 200 بليون دولار على الدفاع وهو مبلغ يفوق ما تنفقه على التعليم. وهذا خلل رئيسي آخر في التوازن". مرونة اسعار الصرف من جهة ثانية جدد المدير العام لصندوق النقد الدولي هورست كولر الدعوة الى اعتماد المرونة في اسعار الصرف كما فعلت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. وحض على تعاون بين القوى الاقتصادية الكبرى "يشمل تعزيز اسس النمو الداخلي للدول عندما تكون هناك حاجة وامكانية حصول مرونة اكبر في اسعار الصرف عندما يكون ذلك مناسباً". في حين قال وزير الخزانة الاميركي جون سنو ان اقتصاد الولاياتالمتحدة سينمو بوتيرة سنوية ستراوح نسبتها بين 5.3 و4 في المئة في الفصول المقبلة وعلى اساس مستديم ايضاً. واوضح سنو "يمكنني القول اننا بتنا اخيراً على طريق نمو سيجعل الاقتصاد الاميركي يسجل نسب نمو افضل بكثير". واقر بان مستوى العجز في الموازنة الاميركية يثير القلق. لكنه اكد ان بالامكان خفض العجز بمقدار النصف في السنوات الخمس المقبلة ليعود الى اقل من 2 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وتعاني الولاياتالمتحدة من عجز قياسي في الموازنة وحساباتها الجارية. وسجلت عجزاً بنحو 138.7 بليون دولار في حساباتها الجارية في الفصل الثاني من السنة الجارية وهو رقم قياسي. ويُتوقع ان يصل العجز الى 480 بليون دولار سنة 2004، وهو مستوى قياسي ايضاً. واعترف هورست كوهلر رئيس المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أن "أجواء عدم اليقين في الاقتصاد الدولي لا تزال سائدة، لكن بوادر الانتعاش الاقتصادي المتنامية في عدد من المناطق تعتبر مؤشراً طيباً على أن الاقتصاد الدولي ربما يكون قد تجاوز المنعطف الحرج". وحذر من "خطورة التراخي"، معتبراً أن "الانتكاسة التي منيت بها محادثات التجارة الدولية في كانكون لم تساعد في تعزيز الثقة الدولية"، وأن "تعزيز الانتعاش سيتطلب اليقظة والإدارة الحاسمة للسياسات الاقتصادية". وأضاف: "يجب أن ندرك اننا جميعاً في قارب واحد، وان معالجة مشاكلنا المشتركة تستوجب منا العمل معاً لمكافحة ضغوط العودة إلى الوراء واعتماد منهج التغيير في كل مجتمعاتنا". الدين العام وعبر عن قلقه "ازاء تصاعد مستويات الدين العام في شتى أنحاء العالم أمام التحديات الديموغرافية الخطيرة في الاقتصادات المتقدمة وإمكان التعرض إلى الأزمات المالية بسبب مستويات الدين المرتفعة في اقتصادات الأسواق النامية". وحض على "قيام الولاياتالمتحدة بانشاء إطار موثوق لإستعادة توازن المالية العامة في الدورة الاقتصادية باعتباره اسهاماً أساسياً لاستمرار النمو العالمي وتسوية الاختلالات العالمية". وقال الشيخ حمد بن راشد آل مكتوم، وزير المال والصناعة في دولة الإمارات، إن "أشعة الأمل بدأت تظهر لمجتمع حر قائم على حكم القانون في العراق. وعراق مستقر في سلام مع نفسه ومع جيرانه هو مصلحة جماعية، لا سيما أولئك الذين هم في هذه المنطقة". وأضاف ان "العراق يجب أن يعود مرة أخرى مستقراً ومزدهراً وشريكاً مسؤولاً في المجتمع الدولي". واعتبر وزير الشؤون الاقتصادية والمال الإيراني تحمسيب مزاهيري أن التصورات "السالبة" في العراق لها تأثيرات في الدول المجاورة والاقتصاد الدولي ككل، ما أدى إلى تقلص تدفقات رؤوس الاموال الأجنبية والاستثمارات إلى المنطقة. أما حاكم المصرف المركزي الإسرائيلي ديفيد كلاين فألقى كلمة باهتة في المؤتمر قيل ان بعض الوفود العربية قاطعها، في حين عمد الوفد الإماراتي إلى تأخير مكان جلوسه صفين من المقاعد.