فقدت المملكة العربية السعودية، أحد ألمع شعرائها وأدبائها، محمد حسن فقي، أول من أمس في منزله في جدة بعد صراع مرير مع المرض. وتوفي فقي عن عمر يناهز ثلاثة وتسعين عاماً بعد أن صنع لنفسه مكانة مرموقة بين المثقفين والأدباء والشعراء خلال مسيرة حافلة بدأها في العلاقة مع الأدب منذ سن صغيرة، وهو لم يتجاوز الثانية عشرة. وللراحل مؤلفات أدبية وثقافية وشعرية كثيرة منها: "المجموعة الشعرية" سبعة مجلدات، ديوان "قدر ورجل"، "مجموعة الرباعيات"، "نظرات وأفكار في المجتمع والحياة"، "هذه هي مصر"، "الفلك يدور"، "ترجمة حياة"، "مذكرات رمضانية"، "فيلسوف". إضافة إلى اطلالاته الكثيرة في الصحافة من خلال المقالات والقصائد الشعرية والنصوص النثرية. أما شعره فيتفاوت بين الكلاسيكية المحدثة والرومانطيقية الندية الأجواء. وقد تنوعت قصائده بين النزعة الوجدانية والميل الى واقعية لا تتخلى عن الطابع الجمالي. وله أيضاً قصائد وطنية كثيرة كتبها في مناسبات عدة شاحذاً مخيّلته وقلمه ومسطّراً أجمل الأبيات. ونظراً الى انتمائه المزدوج كلاسيكياً وشعراً حراً فهو قد يسمى ب"الشاعر المخضرم" الذي ينتمي الى أكثر من جيل. وتقلد فقي في حياته مناصب مهمة عدة، منها: رئاسة تحرير صحيفة "صوت الحجاز"، وظيفة في وزارة المالية والاقتصاد الوطني، وتدرج حتى وصل إلى وظيفة مدير عام الوزارة. وعينه الملك فيصل بن عبدالعزيز سفيراً للمملكة في اندونيسيا، وكلفه الملك فيصل بتأسيس ديوان المراقبة العامة. ويعتبر محمد حسن فقي، أول مدير عام لمؤسسة "البلاد" الصحافية، وعمل فترة مستشاراً إعلامياً للمجلة العربية بتكليف من وزير التعليم العالي السعودي آنذاك حسن آل الشيخ. وفقي من مواليد مكةالمكرمة عام 1913، تلقى علومه في مدرسة "الفلاح" في مكةالمكرمةوجدة. وعمل فترة قصيرة مدرساً للأدب العربي والتاريخ. وساهم في برامج وندوات ثقافية في الإذاعة والتلفزيون. يصفه السعوديون والمثقفون العرب بأنه "شاعر غزير الإنتاج"، خصوصاً أنه فاز بجائزتي البابطين والعويس اللتين تمنحان الى أبرز الشعراء والأدباء العرب. ويذكر عن فقي أنه قال يرحمه الله، أنه قرأ في كل الجوانب الأدبية وأخذ من كل جزء نصيباً من القديم والحديث، وأنه أعجب بالكثير من القدامى والمحدثين لكن قراءاته لم تستطع أن تطمس شخصيته. ومن الذين تأثر بهم: الجاحظ، ابن زيدون، الغزالي، ابن خلدون، المتنبي، المعري، البحتري، إضافة إلى تأثره بأدباء المهجر وكبار الشعراء في مصر وسورية ولبنان. وأعرب وزير الثقافة والإعلام السعودي، فؤاد الفارسي عن بالغ حزنه لوفاة الشاعر فقي، مشيداً بدوره الكبير في خدمة الثقافة الوطنية وتعزيز قيم الأصالة في الشعر العربي المعاصر. وأبدى المثقفون والأدباء في المملكة حزناً على الشاعر الكبير، خصوصاً أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع كل الفئات في الوسط السعودي، ويصر على حضور المناسبات الاجتماعية للالتقاء بالآخرين.