جاء قرار حملة الرئيس الأميركي جورج بوش الانتخابية أمس، بمنع المقيمين خارج الولاياتالمتحدة من الدخول الى موقعها الاكتروني بعد تعطيله لمدة ست ساعات الأسبوع الماضي، دليلاً آخر على دور الانترنت المحوري في هذا السباق. اذ اعتاد ملايين الأميركيين على تسلم رسائل الكترونية يومية مباشرة من رؤساء سابقين مثل بيل كلينتون أو جورج بوش الأب، والتمكن ب"كبسة زر" من رصد فضائح سياسية واعلانات الكترونية عابرة للقارات، وذلك بنسب اقبال غير مسبوقة في تاريخ الحملات الانتخابية. ويساعد قرار حصر الموقع الجمهوري بأميركا الشمالية، المرشح الديموقراطي جون كيري في احتكار التواصل مع الناخبين الأميركيين خارج الولاياتالمتحدة، خصوصاً انه لا يفوت فرصة من دون التسويق لموقعه الالكتروني. وأشار مركز "نيلسن - نات رايزينغ" العالمي الى ان 1.9 مليون مشترك زاروا موقع حملة كيري - ادواردز www.johnkerry.com الشهر الماضي، في مقابل 1.5 لحملة بوش - تشيني www.georgewbush.com. وتشير ارقام مركز "بيو" الاحصائي الى أن 70 في المئة من الأميركيين مشتركون في شبكات الانترنت، و55 في المئة يجولونها يومياً، نظراً الى انخفاض الكلفة. كما يشير الى انفاق الحملة الديموقراطية 1.3 مليون دولار على الاعلانات الشهر الماضي، في مقابل 419 ألف دولار للجمهوريين. وتعدت الكلفة الاجمالية للحملتين ال3.9 بليون دولار ونفقاتهما الاعلانية ال500 مليون دولار. وساعدت الاعلانات الالكترونية الديموقراطية الفورية بعد المناظرات التلفزيونية والتي ركزت على أظهار كيري فائزاً، في تحسين حظوظه وتقدمه في استطلاعات الرأي يومها. كما جاءت غلطة تشيني التقنية في الخلط بين موقعي "فاكت تشيك دوت كوم" و"فاكت تشيك دوت أورغ"، هدية للبليونير الديموقراطي جورج سوروس الذي يملك الموقع الأول المخصص لانتقاد بوش. وجمعت حملة كيري 82 مليون دولار عبر الانترنت مقارنة ب14 مليون للحملة الجمهورية. كما نجحت منظمة "موف أون" الليبرالية والتي اوجدها وس بويد وخوان بلايدز في 1998، في كاليفورنيا، بجمع 44 مليون دولار، مقارنة ب20 مليون دولار لحملة "نادي التنمية" الجمهوري. واعتبرت الباحثة الانتخابية أليكس رايس من جامعة "جونز هوبكنز" ل"الحياة" أن "عراب فكرة" التبرعات الالكترونية هو جيسي فنتورا المرشح عن حاكمية ولاية مينسوتا عام 1998. وأكدت رايس أن فنتورا نجح على رغم ميوله المستقلة وعدم ارتباطه بأي من الحزبين الرئيسيين، في جمع 150 ألف دولار عبر الانترنت، وحسم بعدها السباق. كما حقق كل من المرشحين عن المقعد الجمهوري سابقاً جون ماكاين والمقعد الديموقراطي هوارد دين، أرقاماً قياسية في جمع تبرعات عبر الانترنت، وتمكن ماكاين من جمع مليون دولار خلال 24 ساعة عام 2000، فيما حصد دين مبلغ 40 مليون دولار ونجح في اجتذاب 500 ألف متطوع في الأشهر ألأربعة الأولى من حملته. وبرزت في السنوات الأخيرة مواقع ال"بلوغرز" أو الزوايا الشخصية الاكترونية. وأحصى مركز "بيو" للأبحاث نحو مليوني "بلوغر" سياسي أميركي، أهمها موقع "درادج ريبورت" لماثيو درادج والذي برز في أواخر التسعينات ونجح في نقل كامل لفضيحة "مونيكا غيت" أيام الرئيس السابق بيل كلينتون. كما تمكن الموقع المقرب من الادارة الجمهورية من كشف فضيحة "ميديا غيت" واتهام محطة "سي بي أس" بعرض وثائق مزورة تؤذي رصيد بوش في الحرس القومي. في حين نجحت "بلوغرز" معادية لبوش في السيطرة جزئياً على موقع "غوغل" وابراز سيرة بوش الذاتية في حال تضمن البحث كلمات "فشل وبائس" miserable failure. الاميركيون في الخارج ونوهت رايس بدور المواقع الالكترونية للحملات في استقطاب جمهور عالمي وناخبين أميركيين في الخارج. ويقيم 4.4 مليون أميركي خارج الولاياتالمتحدة بحسب الجداول الأخيرة لوزارة الخارجية. وساعدت المواقع الالكترونية للحزبين الديموقراطي والجمهوري في تسجيل الناخبين خارجاً وتأمين لائحة التصويت. واشار استطلاع مركز زغبي الدولي الى تفضيل 58 في المئة من الأميركيين الحاملي جواز سفر للمرشج الديموقراطي، في مقابل 35 في المئة للرئيس بوش. وتظهر قوة بوش في صفوف القوات الأميركية المنتشرة خارجاً والتي تصوت بكثافة في الانتخابات. وكشفت دراسة وطنية لآراء المنتسبين الى القوات المسلحة الاميركية وعائلاتهم نشرت امس، ان العسكريين يفضلون اعادة انتخاب الرئيس جورج بوش على انتخاب المرشح الديموقراطي جون كيري بنسبة 3 الى 1. ويبذل البنتاغون هذا العام جهوداً كبيرة لضمان تصويت الجنود العاملين في القوات المسلحة، علماً أن 94 في المئة منهم قالوا انهم ينوون الادلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، في مقابل 82 في المئة من غير العسكريين الذين قالوا انهم سيصوتون. وخلافاً لعشر دول أوروبية تحتضن أميركيين، اعتبرت اسرائيل الدولة الوحيدة المفضلة لبوش. ويعيش في اسرائيل وفي مستوطنات الضفة وغزة 150 ألف أميركي، يصوت بعضهم في ولايات متأرجحة مثل فلوريدا وبنسلفانيا. وكانت الحملة الديموقراطية ارسلت وفداً انتخابياً الى الدولة العبرية، ترأسه كاميرون كيري شقيق المرشح الديموقراطي والذي اعتنق اليهودية في الثمانينات وله تأثير قوي على الفئات الأرثوذكسية المنحازة لبوش. وتحتل السياسة الخارجية أولوية في مسائل التصويت لهذه الفئة، وفيما يعتمد الاسرائيليون على قوة بوش في الحرب على الارهاب. ويتخوف أميركيو أوروبا من ارتفاع في مشاعر العداء للأميركيين والسياسة الانعزالية للادارة.