بدأت الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة عمر كرامي سياسة "المواجهة" في الداخل والخارج منذ اليوم الأول لاجتماعها أمس، فشن وزير الاعلام فيها إيلي الفرزلي حملة على حديث نائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج الذي نشرته "الحياة" أمس والذي قال فيه ان "الحكومة الجديدة صنعت في دمشق ولا تنسجم مع القرار 1559"، فقال: "لسنا بحاجة الى دروس من هذا المسؤول الأميركي في مسألة صيانة الاستقلال والسيادة". راجع ص6 وذهب وزير الاعلام الى حد تحذير المعارضة الداخلية للحكومة بعد الانتقادات التي تعرضت لها بالقول: "هناك حملة اعلامية من الداخل والخارج على الحكومة وآمل ألا يكون هذا التناغم بين الداخل والخارج منسقاً لأنه يرسم علامات استفهام كبيرة...". واعتبر انه "يجب ألا يكون أحد من الداخل اللبناني حصاناً لتحقيق أهداف الضغوط الخارجية لأنها ستقحم لبنان في النار المحترقة في المنطقة". وعلّق على حديث أرميتاج عن "تعيين سورية عمر كرامي رئيساً للحكومة" بالقول: "السيد أرميتاج لا يعلم ان الرئيس كرامي هو ابن عبدالحميد كرامي أحد صانعي الاستقلال اللبناني". وتزامن كلام الفرزلي مع قول الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية هيرفي لادسوس: "لقد أخذنا علماً بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، وفرنسا صديقة لبنان، تعيد التذكير بتمسكها الثابت باستقلاله وسيادته ووحدة أراضيه". وأضاف ان فرنسا تشدد "على ضرورة وضع القرار 1559 يطالب القوات السورية بالانسحاب من لبنان وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية وحل الميليشيات الذي أعيد التذكير به عبر البيان الرئاسي لمجلس الأمن في 19 تشرين الأول اكتوبر، قيد التطبيق". وإذ اتهم الفرزلي المعارضة بشن هجوم استباقي على الحكومة، فإنه لم يوفر "حزب الله" تلميحاً، حين قال رداً على سؤال عن رأيه بوصف تلفزيون الحزب المنار الحكومة بأنها "محاصصة بين الرؤساء الثلاثة" ان هناك "اصحاب نيات حسنة وأنا ألفت النظر حتى لا يكون الموضوع استثماراً من هذه الجهة أو تلك". وكانت ملاحظات تلفزيون "المنار" مساء أول من أمس على الحكومة اثارت حفيظة مراجع لبنانية، أجرت اتصالات مع مسؤولين سوريين نقلوا الى قيادة الحزب أسئلة هذه المراجع. كما ان بعض النواب الموالين انتقدوا ملاحظات "المنار" لتناغمها مع مواقف معارضة أخرى كانت اعتبرت ان في الحكومة "نقصاً مهماً في التمثيل الماروني وان التمثيل الدرزي استفزاز لرئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" المعارض وليد جنبلاط وان تمثيل العاصمة بيروت ضعيف...". وأصدر "حزب الله" بياناً إثر الاتصالات معه، صيغ بلغة دقيقة، كرر فيه هذه الانتقادات. وأكد الحزب ان "لبنان يمر بمرحلة حساسة داخلياً وخارجياً وهو بحاجة الى أوسع حشد للطاقات في مواجهة الاستحقاقات المختلفة. وبنى اللبنانيون بعض التوقعات على آلية وكيفية ومضمون تشكيل الحكومة في هذه المرحلة". وأوضح الحزب انه مع علمه ان الحكومة لسبعة أشهر "تسبق الانتخابات النيابية، الا ان المهمات الملقاة على عاتقها من قانون الانتخاب الى الموازنة ومعالجة بعض الملفات الداخلية ومنع الفساد المستشري، اضافة الى مواجهة التطورات التي نشأت عن القرار 1559 المتناغم مع المشروع الاسرائيلي العدواني على المنطقة ومنها لبنان، كل هذا كان يفترض ان يتم تشكيل الحكومة بعقلية مختلفة عن المحاصصة في الشكل والمضمون، وبخصوصيات تكون أكثر رعاية لمتطلبات الواقع الداخلي وقواه الفاعلة، وكان بالامكان تحقيق صيغة أفضل مما وصلت اليه الأمور". وأضاف: "لذلك، فإننا لا نخفي انزعاجنا من الولادة القيصرية لهذه الحكومة، ومن التجاذبات التي أخّرت تشكيلها، ومن المضمون الاجمالي الذي يخشى ان ينعكس على الواقع العملي الداخلي". وخلص بيان الحزب الى التأكيد انه "على رغم الملاحظات التي أوردناها فإننا نمد يد التعاون وخصوصاً في المواضيع التي نرى فيها مصلحة وطنية عامة، ونتمنى للحكومة ان تتجاوز عقبات الداخل وأن تتمكن من معالجة الأمور المطروحة أمامها، وهي مسؤولية يتحملها المعنيون الذين اختاروا الحكومة على هذه الشاكلة وبهذه الكيفية".