سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان: المواقف الأميركية المتصلبة تثير استياء المسؤولين.. والسلطة تواجه إحراجاً من اتساع البعد الوطني للمعارضين قلق فرنسي من صفقة أميركية - سورية تنسف القرار 1559
لم يكن البيان الذي اصدرته السفارة الاميركية في بيروت على اثر زيارة قام بها السفير الاميركي الى رئيس الجمهورية اميل لحود والذي احدث ضجة كبيرة من حيث دلالاته ومضمونه سوى تعبير اميركي اضافي عن استمرار الخلاف السوري - الاميركي على رغم زيارة نائب وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج الى دمشق في الثاني من الشهر الجاري. فالارتياح الذي غالبا ما تعممه دمشق على اثر لقاءات مماثلة مع مسؤولين اميركيين ترمي من خلاله الى اشاعة اجواء حوار متجدد وبناء بينها وبين واشنطن توجه من خلاله رسائل في عدة اتجاهات ليس اقلها للرأي العام اللبناني من خلال ابراز الولاياتالمتحدة وكأنها مستعدة للتغاضي عن لبنان مجددا لقاء حصولها على اي امر اخر في العراق او فلسطين او الاثنين معا، ولو ان سفيرها في واشنطن قال ان لا صفقة بين بلاده والولاياتالمتحدة اخيرا حول لبنان، لم يرق للولايات المتحدة التي تعتبر ان دمشق تقول ما يشير الى عن نصف الكأس وليس عنه كله. لذلك وجه البيان الاميركي الى اللبنانيين اساسا كما الى السوريين على حد سواء من حيث عدم اقتصار ما جرى على وجهة نظر احادية غير معبرة كليا عما جرى. وهو بات يستهدف في الاونة الاخيرة فرنسا ايضا التي هي في وضع شبيه باللبنانيين من حيث تخوفها من صفقة اميركية سورية تنسف القرار 1559 التي تعتبر فرنسا شريكة فيه من دون حصولها على ما يبرر لها التخفيف من تشددها حيال تنفيذه. وهو قلق فرنسي تقول مصادر ديبلوماسية زارت بيروت اخيرا ان باريس عبرت عنه لدى لقاء وزير الخارجية الاميركي كولن باول نظيره السوري فاروق الشرع في شرم الشيخ على هامش اجتماعات دول الجوار للعراق. يضاف الى ذلك في التوجه بالتطمينات الى باريس حاجة الولاياتالمتحدة الى تأكيد تحالفها مع فرنسا التي يزور رئيسها جاك شيراك واشنطن هذا الشهر في اول زيارة له بعد التوتر الذي ساد العلاقات بين البلدين بسبب الحرب على العراق. وهذه الفرصة للرئيس الاميركي جورج بوش في اعادة التصالح مع الدول الاوروبية يحرص على عدم هدرها بالتراجع راهنا عن التشدد في شأن القرار 1559 المتعلق بانسحاب سوريا من لبنان واتاحة المجال امامه للتمتع بحرية قراره السياسي، علما ان على كتف الرئيس الاميركي ايضا في هذا الشأن مواقف متشددة مستمرة للكونغرس الاميركي ازاء سوريا بما لا يسمح له باي تهاون في موقفه ازاء دمشق وتحدي انجاح الانتخابات في العراق. فالبيان الذي اصدرته السفارة الاميركية لا يعبر عن موقف السفير بل عن موقف الادارة الاميركية وحمل في الجزء الكبير منه وجهة النظر الاميركية مما جرى في لقاء ارميتاج مع المسؤولين السوريين الذي تحدثوا طويلا في اليومين الماضيين عن قراءاتهم لما جرى في هذه اللقاءات. فاذا كان لبنان غائبا عن جولة ارميتاج في المنطقة فلا يجوز ان يكون اسير وجهة النظر السورية مما جرى والتي حصرت اللقاء بانه تركز بنسبة مئة في المئة على الموضوع العراقي في اشارة واضحة الى هامشية الموضوع اللبناني الذي لم ينل اي اهمية تذكر. فالبيان اورد ان السفير الاميركي اطلع رئيس الجمهورية على زيارة ارميتاج وما قاله للمسؤولين السوريين من «اهتمام الولاياتالمتحدة برؤية تطبيق كامل لقرار مجلس الامن الدولي 1559 مع انسحاب مسالم ومنظم للقوات السورية والاستخبارية من لبنان». كما ابلغ اليه ان ارميتاج شدد «على ان الولاياتالمتحدة وشركاءها الدوليين سوف يراقبون الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقررة في الربيع عن قرب واهتمام كبير وهي تأمل تماشيا مع روح قرار مجلس الامن ان تتمتع الانتخابات بالصدقية وان تكون خالية من التدخل الاجنبي وهي تؤمن بانه كي تتمتع بالصدقية يجب ان توفر الانتخابات فرصة عادلة لجميع المرشحين كي يتنافسوا بحرية بعيدا من التهويل او التهديد بالعنف». هذه المواقف الاميركية ليست جديدة، حتى في ما نقل من ان ارميتاج حذر سوريا من ان امن المعارضة في لبنان هو من مسؤوليتها اذ سبق لواشنطن ان ابلغت هذا الموقف الى دمشق قبل اسابيع قليلة حين اثيرت على نحو كبير مسألة الحواجز الامنية في محيط منزل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مما حدا بالمسؤولين السوريين الى الاتصال هاتفيا علنا بجنبلاط مؤكدين له حرصهم على امنه في رسالة غير مباشرة الى الاميركيين ان دمشق هي بدورها حريصة على امن المعارضين. لكن الجديد في هذه المواقف علنيتها ووضوحها على هذا النحو فضلا عما يعتبر تحذيرا من تبعات لانسحاب سوري قد يتسبب بمشاكل في لبنان بمعنى ان دقائق الوضع اللبناني وتفاصيله هي تحت مجهر المراقبة من جهة والمحاسبة من جهة اخرى فضلا عن التحذير العلني من تهديد المعارضين والتهويل عليهم. المواقف الاميركية اثارت استياء كبار المسؤولين من رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة اللذين رد كل منهما على اورده البيان الاميركي بالتأكيد على الحرص على نزاهة الانتخابات النيابية المقبلة وشفافيتها برعاية الحكومة الحالية. ومن غير المستبعد ان تثير المعلومات عن تحذير اميركي بالحرص على امن المعارضة جملة حملات واتهامات متزايدة للمعارضة بانها تنسق مع الاميركيين في الضغط على السلطة اللبنانية وعلى سوريا مع احتدام الجدل الداخلي في شأن الانتخابات النيابية خصوصا في ضوء عوامل اخرى اضافية غير العامل الاميركي وهي : - اتساع حجم المعارضة الداخلية مع انضمام تيار رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الى الاجتماعات التنسيقية التي تعقدها قوى المعارضة اولا مع مشاركة نائب بيروت غطاس خوري الذي صوت الى جانب قوى المعارضة ضد التمديد للرئيس اميل لحود ثم مع مشاركة النائب احمد فتفت في هذه الاجتماعات. مما يعطي المعارضة ليس حجما كبيرا فحسب بل بعدا وطنيا وثقلا شعبيا اكبر تخشى السلطة معه ان يترك اثره على المواقف الدولية الداعمة للقرار 1559 من خلال الاعتماد على شمولية المواقف الللبنانية المعارضة للتدخل السوري في الشأن اللبناني الداخلي وما الى ذلك. يضاف الى ذلك انضمام شخصيات كالرئيس السابق للحكومة سليم الحص الى المعارضين من حيث المطالبة باعادة الانتشار السوري وفقا لاتفاق الطائف وكف يد المخابرات السورية عن التدخل في الشأن اللبناني الداخلي علما ان الحص دعا قبل يومين الى احترام القرار 1559 ايضا والتنبه الى عدم تنفيذ القرارات الدولية. - استمرار بكركي حيث المرجعية المارونية الابرز في لبنان في توجيه الملاحظات والانتقادات في موضوع الانتخابات على رغم استهدافها من كبار المسؤولين بمجموعة من التطمينات كان اخرها ابان زيارة رئيس الجمهورية الى الصرح البطريركي ابان ذكرى الميلاد. وهذه الملاحظات اعاد تأكيدها مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهري امس. وهذه الملاحظات فضلا عن التوقيفات التي تصاعدت وتيرتها في الاسبوعين الاخيرين توفر مادة دسمة للدول التي تراقب الوضع اللبناني ومعنية بتنفيذ القرار 1559 من اجل زيادة الضغط على السلطة اللبنانية وعلى سوريا. - ازدياد الكلام على ارتباك حكومي لا بل على خلافات بين اركان الحكم على شكل التقسيمات الانتخابية التي يمكن ان تعتمد مما يظهر الحكومة بموقف ضعيف مما يشجع على تصعيد الحملات والانتقادات ضدها خصوصا في ظل استمرار الرئيس عمر كرامي في محاولة لملمة شتات مواقف الوزراء وتفردهم في مواقف محرجة للحكومة من حلال تأكيده انه الناطق الرسمي الوحيد باسم الحكومة. وهذه البلبلة الواضحة المعبر عنها في امور اخرى تراكم المزيد من المأخذ على الحكومة بحيث تزداد اكثر فاكثر الاوراق في ايدي المتحفزين الدوليين على مراقبة الوضع الداخلي.