لا ينتظر أهل قرية الهري السورية المحاذية للحدود مع العراق آذان المغرب لانهاء صيامهم في شهر رمضان، بل يترافق غروب الشمس مع أصوات القذائف واطلاق النار بين المتمردين العراقيين والقوات الأميركية المتمركزة في الجانب الآخر من الحدود. ونقلت صحيفة"نيويورك تايمز"عن المقدم علي أحمد الشمري المسؤول عن معبر البوكمال قوله:"ان التفسير الوحيد لهذه الظاهرة المستمرة منذ أسبوع هو أن المتمردين يطلقون النار عندما يتأكدون من أن المدنيين العراقيين يتناولون الطعام في منازلهم ولن يكونوا في مرمى النيران". وشكلت ادارة سورية لمثل هذه المعابر على حدودها الممتدة على مسافة 400 ميل مع العراق، سبباً رئيساً للتوتر مع الولاياتالمتحدة منذ انطلاق الحرب في آذار مارس العام الماضي. كما ترددت اتهامات أخيراً بأن القوات الأميركية في القائم تعرضت لقصف مدفعي من الجانب السوري للحدود. ويؤكد المقدم الشمري:"لدينا الآن دوريات مكثفة على طول الحدود وعدد الحواجز ازداد بقوة. اذا أطلقت رصاصة واحدة من الجانب السوري باتجاه العراق، سنقلب العالم بأسره". ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسيين غربيين ومحللين سياسيين في دمشق أن سورية فهمت بلا شك في الأسابيع الستة الماضية أن قلق واشنطن ازاء أمن الحدود عميق جداً وبدأت جهداً جدياً لتشديد الأمن. لكن هؤلاء المسؤولين يرون أنه من غير الواضح بعد ما اذا سورية وضعت كل العراقيل الممكنة في طريق المتمردين المناوئين لقوات التحالف. ويقول ديبلوماسي غربي في دمشق:"أصبحت الحدود بأكملها مكاناً أقل ترحيباً بالمتمردين، لكن السوريين يريدون أن يحصلوا على الأمر بالاتجاهين. يفعلون ما يكفي لاظهار أنهم يبذلون جهداً جدياً، لكنهم لا يريدون أن يبدوا وكأنهم باعوا"قضيتهم. لكن المشكلة الأساسية التي يواجهها الرئيس السوري بشار الأسد أن القتال ضد القوات الأميركية في العراق يتمتع بشعبية كبيرة. ففي خطبة الجمعة في البوكمال، ابتهل الخطيب الى الله ان يساعد المسلمين في هزم أعدائهم واستعادة أراضيهم المسلوبة. وفي خطبة أكثر صراحة في مدينة حلب، صرخ امام المسجد:"اللهم انصرنا على أميركا وحلفائها". ويلفت المحللون الى أنه بسبب الفساد المستشري والأجهزة السرية المختلفة، فان"شراء"أو تنظيم ممر عبر الحدود"ليس مستحيلاً". واضافة الى ذلك، هناك حوالي خمس عشائر سنية كبيرة منتشرة فروعها على جانبي الحدود تعتبر أن وجود الحدود"غير ملائم". ويلعن أهل القرى الحدودية اليوم الذي دخل الأميركيون فيه الى جوارهم، لافتين الى أنه لا يمر يوم الا ويصاب فيه أحدهم بشظايا قذيفة أو رصاصة. فمحمد العبيد 22 عاماً في قرية الهري أصيب بشظية أميركية في صدره ويلازم الفراش، ويقول شقيقه أحمد 21 عاماً:"كانت القرية بأكملها تتناول الافطار في الخارج، لكن اليوم الجميع يخشى الخروج أثناء النهار".