تلقى النظام السوري ضربة موجعة بخسارته السيطرة على معبر البوكمال الحدودي مع العراق نظراً لأهمية هذا المنفذ على الصعيدين الأمني والاقتصادي. وسيطرت المعارضة السورية المسلحة الجمعة على المعبر الذي يفصل مدينة القائم العراقية (340 كلم غرب بغداد) عن مدينة البوكمال السورية. وحاولت القوات النظامية استعادة هذا المعبر عبر قصف مكثف، لكن من دون جدوى. ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل لفرانس برس إن «معبر البوكمال يعد معبراً حيوياً بالنسبة لسورية التي تحتاجه أكثر من العراق، ربما للحركة التجارية مع جارها». ويرى أن «هذا الوضع سيؤدي إلى تعزيز موقف المعارضة ويضعف في المقابل موقف الحكومة السورية التي كانت تسعى لمواصلة السيطرة على المعبر بهدف منع وصول أي تعزيزات للمعارضة». وتشترك سورية مع العراق بحدود تمتد بطول حوالى 600 كلم يقع أكثر من نصفها تقريباً في محافظة الأنبار التي تسكنها غالبية سنية وكانت تعتبر في السابق مقراً لتنظيم «القاعدة» في العراق.ومعبر البوكمال الواقع في الأنبار هو أحد المعابر الرئيسية الثلاث بين العراق وسورية، إلى جانب معبري الوليد (التنف) في الأنبار أيضاً، ومعبر اليعربية شمال غربي بغداد الذي سقط في أيدي المعارضة المسلحة السبت قبل أن يستعيد الجيش النظامي السيطرة عليه صباح أمس. ويقول قائمقام مدينة القائم فرحان فرحان لفرانس برس إن «التجارة عند المعبر هنا توقفت منذ نحو شهر ونصف وكانت تشمل مرور 40 شاحنة من سورية إلى العراق يومياً يبلغ وزن حمولة الواحدة منها 27 طناً». ويضيف أن «هذه الشاحنات كانت تحمل على متنها الخضار والمواد الغذائية والملابس والأدوات الكهربائية، حيث أن سكان القائم البالغ عددهم 275 ألف نسمة يعتمدون على البضائع السورية كونها أرخص من تلك الآتية من بغداد». ويرى فاضل أن «سيطرة المعارضة على هذا المعبر تمثل ضربة موجعة للنظام في سورية وقد تتسبب ببروز عوامل جديدة خصوصاً أن المناطق العراقية الحدودية متعاطفة مع المعارضة». ويوضح أن «وجود بيئة مناسبة للمعارضة عند الحدود مع سورية... سيضعف النظام السوري الذي كان يسعى لقطع أي دعم للمعارضة». وتفصل مدينة القائم منطقة صغيرة عن مدينة البوكمال السورية، حيث يمكن بالعين المجردة مشاهدة المزارعين السوريين وهم يعملون في أراضيهم. وتسكن القائم عشائر تجمعها علاقات عمومة ومصاهرة مع عشائر أخرى في الجانب السوري، وبينها عشائر كبيرة مثل الراويين والعانيين والكرابله والبو محل والسلمان. ويشير شيوخ عشائر في القائم إلى أن صلة القرابة مع السوريين تمتد إلى مدن دير الزور وحمص وإدلب في سورية. ويرى المحلل السياسي إحسان الشمري أن «معبر البوكمال وإضافة إلى ما يمثله من نقطة رئيسية في العلاقات الأمنية والاقتصادية بين بغداد ودمشق، فان أهميته تكمن أيضا على المستوى الاجتماعي». ويعتبر أن «خسارة معبر البوكمال كبيرة ومؤثرة على النظام السوري ... لأنه قد يتحول إلى ممر لتهريب الأسلحة»، مضيفاً أن «المجاميع المسلحة في العراق تريد رد الجميل لمن ساعدها» في السابق. وتعرضت القائم عام 2005 إلى هجمات متلاحقة شنتها القوات الأميركية واستهدفت جماعات مسلحة فيها. ويؤكد أهالي المدينة أن السوريين في حينها «كانوا يقدمون كافة أشكال المساعدة، الغذائية والطبية وحتى السلاح». وينشغل سكان مدينة القائم اليوم بالعمل على «رد الدين والجميل» لجيرانهم السوريين إلا أن هؤلاء يشتكون من الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات العراقية منعاً للتهريب والتسلل. ويقول أبو يوسف (25 سنة) أنه «لو لم يكن الجيش العراقي يمنعنا لكنا قدمنا كل ما نستطيع تقديمه لأهلنا في البوكمال، فنحن نشعر بالحزن لرؤيتهم يتعرضون للقصف وسط نقص في الغذاء والدواء فيما نحن نعجز عن مساعدتهم». ويضيف: «نريد أن نقف إلى جانبهم كما وقفوا هم إلى جانبنا». ومنذ أن سيطر المسلحون السوريون على المعبر، انتشرت وحدات من الجيش والشرطة العراقيين على طول الحدود بين منطقتي البوكمال والقائم اللتين لا يفصل بينهما سوى سياج طويل تخرقه بعض البساتين الصغيرة. ويقول خالد الذي يعرف عن اسمه بأنه ملازم أول في الجيش السوري الحر المنتشر عند معبر البوكمال «إن الجيش العراقي يقوم بالتضييق على المنطقة كرمى لعيون الجيش السوري». ويضيف لفرانس برس عبر الهاتف: «جل ما نريده هو أن يسمحوا للعائلات بأن تغادر، وللمصابين بأن يعالجوا في الجانب الآخر، وبأن نحصل على الغذاء والدواء، أما السلاح فلا نريده، لدينا ما يكفينا منه».