على رغم ان الدستور العراقي لم يُحدد بوضوح عدد ولايات رئيس الحكومة، الا ان الخلاف السياسي والقانوني لا يزال قائماً حول النصوص الدستورية ذات الصلة خصوصاً بعد تمكن رئيس الوزراء نوري المالكي من الاحتفاظ بمنصبه لولاية ثانية، وتلويح بعض قادة كتلته الى نيته خوض ثالثة. وتعبر جهات سياسية من داخل وخارج الائتلاف الحاكم عن مخاوف من التمسك بمنصب رئاسة الوزراء لاكثر من ولايتين. وكانت مكونات «الائتلاف الوطني» المؤلف من «المجلس الإسلامي الأعلى» و «تيار الصدر» و «حزب الفضيلة» اول الاطراف المعترضة على تجديد ولاية المالكي بعد الانتخابات الاخيرة وحتى قبل اعتراض «القائمة العراقية». وبعد انقضاء ما يقارب عامين على ولاية المالكي الثانية يعود اليوم الجدل ذاته الذي اثير للمرة الاولى اثناء تشكيل الحكومة الحالية. وكان النائب المستقل في «التحالف الوطني» صباح الساعدي جمع تواقيع نواب لدفع مشروع قانون يُحدد عدد الدورات للشخصية التي تشغل منصب رئاسة مجلس الوزراء، الامر الذي اختلفت فيه آراء السياسيين والقانونيين حول مدى دستوريته وخصوصاً في ظل النظام البرلماني. ولم تتطرق التعديلات الدستورية التي كتبت في الدورة البرلمانية السابقة الى قضية ولاية رئيس الحكومة، فيما كان الدستور أشار صراحة في المادة 72 من الدستور العراقي على ان «تحدد ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات، ويجوز اعادة انتخابه لولايةٍ ثانيةٍ فقط» فيما تنص المادة 77 على انه «يشترط في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في رئيس الجمهورية، وان يكون حائزاً الشهادة الجامعية او ما يعادلها، واتم الخامسة والثلاثين من عمره». والخلاف حول مبدأ تعميم اشتراطات رئيس الجمهورية على رئيس الحكومة من ناحية فترة الولاية بدا واضحاً مع تلويح اعضاء في ائتلاف المالكي الى إمكان الذهاب مجدداً الى المحكمة الاتحادية للفصل في القضية. ويقول الخبير القانوني طارق حرب ل «الحياة» ان «مسألة تحديد ولايات رئاسة الوزراء لم ترد في دساتير الانظمة البرلمانية لأن انتخاب رئيس الوزراء يجري داخل البرلمان وليس بالانتخاب المباشر». ويضيف ان «رئيس الوزراء يتم انتخابه من قبل البرلمان وتسحب الثقة عنه ايضاً من البرلمان وبهذا لا يصح تحديد ولايات له». ويشير حرب الى ان «صاحب الصلاحية في النظام البرلماني رئيس الوزراء لكن من دون تحديد ولايته كما هي الحال مع النظام الألماني والإيطالي اما في النظام الرئاسي فرئيس الجمهورية هو صاحب الصلاحيات مع تحديد ولايتين له كما هو معتمد في الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا». وكان رئيس الوزراء نوري المالكي اقترح تحديد فترة رئاسة الوزراء وأعلن عدم نيته الترشيح مجدداً ابان انطلاق التظاهرات في شهر شباط (فبراير) الماضي غير ان كتلته ترى ان الالتزام بذلك يجب ان يكون اخلاقياً لا قانونياً. ويصف عضو «ائتلاف دولة القانون» سعد المطلبي مشروع القانون المقدم حول تحديد ولاية رئيس الحكومة ب «غير الدستوري» ويرى ان «الدستور العراقي ينص على أن نظام الحكم لا يحدد عدد الدورات الانتخابية لمنصب رئيس الوزراء». ويضيف المطلبي «الدستور ترك المسألة للناخب والشعب العراقي، فإذا اختار الشعب شخصاً فليس لأحد أن يمنعه من ذلك». وحتى موعد الانتخابات المقبلة ستحاول الاطراف المختلفة وضع تشريع يمنع التجديد للمالكي ويحدد ولاية رئاسة الحكومة بدورتين الا انها ستصطدم بالمعوقات الدستورية والقانونية فقد يرتبط الحل بتعديل الدستور او تحديد الولاية بعدد السنوات وليس بالدورات وفق الخبراء.