بدأت الحملتان الديموقراطية والجمهورية أمس، مراجعة حساباتهما الانتخابية بعدما أبطلت التحولات الأخيرة فرضيات سابقة في الخريطة الانتخابية، وأجبرت تعديلاً في الاستراتجيات وسط مخاوف من بروز "فلوريدا" جديدة في هذا السباق الرئاسي وحصول تلاعب انتخابي يستدعي تأجيل النتائج واستبعاد حسمها ليل الثلثاء المقبل. وأغرقت استطلاعات الرأي الأخيرة الأميركيين بأرقام تجمع على تغييرات في الخريطة الانتخابية وتحول في ميول بعض الولايات من الخط الجمهوري الى الديموقراطي والعكس صحيح في الأيام الستة الباقية من السباق. وأشار استطلاع مركز زغبي الدولي أمس الى تحولات في ولاية كولورادو 9 هيئات انتخابية المفترض حسمها للجمهوريين، وتقدم كيري فيها بنقطة واحدة ونسبة 48 في المئة بعدما كان متأخراً بسبع نقاط الأسبوع الماضي. وسجل الاستطلاع تفوقاً لبوش في ولاية نيو مكسيكو 5 هيئات انتخابية وبفارق 8 نقاط بعدما كان متأخراً بنقطتين في الاستطلاعات السابقة. كما رصد بوش تقدماً في ولايتي ويسكونسن وأيوا 17 هيئة انتخابية والتي فاز بها الديموقراطيون في الانتخابات السابقة، يقابلها تقدم لكيري في ولاية مينيسوتا ونيوهامبشير 14 هيئة والتي يحاول الجمهوريون قطفها. وساعدت عودة الرئيس بيل كلينتون الى خط الحملة الديموقراطية الى تحسين حظوظ كيري في ولاية أركنساو 6 هيئات، مسقط رأس كلينتون، والتي سجلت تعادلاً بين الفريقين أمس، بعدما كان بوش متقدماً بخمس نقاط في عطلة الأسبوع الماضي. وأجبرت هذه الأرقام الفريقين على توسيع رقعة الحملة. ونقضت الفرضية السائدة بأن الفوز بولايتين من ولايات بنسلفانيا 21 هيئة وأوهايو 20 هيئة وفلوريدا 27 هيئة الذهبيات لأي من الفريقين، سيحسم السباق، ذلك أن خسارة كيري للمثلث الفضي ويسكونسن، أيوا ومينيسوتا لن تفيده في جمع الاصوات ال269 المطلوبة، كما أن خسارة بوش لنيو مكسيكو وكولورادو وأريزونا أو أركنساو والمثلث الفضي معاً، تعرقل حظوظه في ولاية ثانية. "فلوريدا" جديدة وتحاول الحملة الديموقراطية المحافظة على تقدمها في ولاية بنسلفانيا وزيادة عدد طاقمها في ولاية أوهايو في ظل مخاوف من تحولها الى "فلوريدا" 2004 الثلثاء المقبل. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" ارتياحاً نسبياً للحملة الديموقراطية في أوهايو، نظراً الى نجاح مجموعات "أميركا كومينغ توغزر" و"موف أون" في تسجيل مئات الآلاف من الناخبين الجدد. انما قدمت الحملة الجمهورية اعتراضاً على تسجيل 35 ألف ناخب، بعضهم أسماء معادة أو فنانون راحلون مثل ماري بوبنز أو لاعب كرة السلة مايكل جوردان. وحشدت الحملتان انصارهما في الولاية لمراقبة العملية وتفادي عرقلة أي صوت قد يساعد الحملة الديموقراطية من جهة، أو عدم الانتباه الى أصوات غير شرعية من جانب الحملة الجمهورية. ويستفيد الديموقراطيون من تزايد الهموم المعيشية والاقتصادية في الولاية التي خسرت 230 ألف وظيفة منذ تولي بوش الرئاسة عام 2000، والتي كانت محور الاعلانات الديموقراطية. كما يحاول كيري التقرب من المتدينين في الولاية والانجيليين والتواصل مع بعض المجموعات المحافظة المعترضة على اداء الادارة والكلفة الاقتصادية والبشرية للحرب على العراق. ولن تكون مهمة كيري سهلة في الولاية التي اعتبرت مفتاحاً رئيساً للجمهوريين في الطريق الى البيت الأبيض، خصوصاً بعد مبايعة ثلاثة من صحفها للرئيس بوش، وأهمها "كولومبوس ديسباتش" المقروءة بكثافة في الولاية، في مقابل صحيفة واحدة لكيري. وتشير الخريطة الديموغرافية الانتخابية للولاية، الى قوة كيري في مدن الولاية كولومبوس، توليدو، يونغستاون، وفي أوساط الأقلية الافريقية، في حين تبرز قوة بوش في أرياف الولاية والأكثرية "البيضاء". ويصل النجم الجمهوري ارنولد شوارزنيغر اليوم الى الولاية في محاولة لمساعدة بوش، فيما يتوجه كلينتون الى فلوريدا وبعدها الى نيو مكسيكو. استطلاعات وأشار استطلاع وكالة "أسوشيتد برس" ومركز "ايبسوس" الاحصائي الى أن 60 في المئة من الناخبين يستبعدون حسم النتيجة ليل الثلثاء أو صباح الأربعاء المقبل، ويتخوفون من حصول عرقلة وخلافات حول النتائج، تعيد سيناريو الدورة السابقة والذي حسمته المحكمة العليا بفوز بوش 58 عاماً على غور وبفارق 537 صوتاً في ولاية فلوريدا. وأظهرت استطلاعات الرأي العامة والشاملة للولايات ال50 الى احتدام السباق، وتقدم طفيف لبوش في استطلاع "سي أن أن" ومركز "غالوب" بفارق 5 نقاط ونسبة 51 في المئة، فيما أشارت صحيفة "لوس أنجلس تايمز" الى تعادل المرشحين بنسبة 48 في المئة، وحافظ بوش على تقدم بنسبة 3 في المئة في استطلاع مركز زغبي. وأجمع المراقبون على أهمية الاقبال على التصويت في هذه الانتخابات ونشاط الفريقين في ال72 ساعة الأخيرة. وستوفد الحملتان متطوعين الى ولايات الحسم لقرع الأبواب وتأمين تنقلات للناخبين، والتي يحظى فيها الديموقراطيون بأفضلية عددية نظراً لاتساع قاعدتهم. وأشار استطلاع ال"تايمز" الى بقاء شعبية بوش تحت خط ال50 في المئة، فيما رصد "غالوب" ارتفاعاً له الى 51 في المئة. وفشل أي رئيس تاريخياً في الوصول الى البيت الأبيض في نسبة تأييد ما دون ال50 في المئة. وسيسعى بوش في الأيام المقبلة الى اثبات تفوقه في مسائل الأمن القومي ومهاجمة رصيد كيري 60 عاماً المتقلب والليبرالي، فيما يحاول الاخير اتباع خط أكثر تفاؤلاً وتوسيع قاعدته بالاقتراب من خط الوسط. ويتخوف الجانبان من بروز "مفاجآت أكتوبر" في الساعات الأخيرة قبل التصويت. وسيقترع المرشحان بوش وكيري الثلثاء في ولايتي تكساس وماساشوستس تباعاً، ويتوجه بعدها الرئيس الى واشنطن لمتابعة السباق، فيما يلزم كيري منزله في بوسطن.