انصرف رئيس الحكومة اللبنانية المكلف عمر كرامي الى حل عقدة وزارة الداخلية التي تحدثت اوساط مقربة من الرئيس اميل لحود والوزير سليمان فرنجية امس عن قرب الوصول الى حل لها. لكن متابعين للاتصالات يتعاملون مع هذا الكلام على انه افراط بالتفاؤل أكثر مما هو مستند الى الوقائع. وبقي كرامي على تواصل مع رئيس الجمهورية اميل لحود من خلال موفدين بينهما نقلوا الى بعبدا اجواء اللقاءات التي عقدها كرامي، خصوصاً مع البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ونائبي "لقاء قرنة شهوان" نايلة معوض وبطرس حرب في محاولة لاشراك ممثلين عن المعارضة المسيحية في الحكومة. واذ شددت مصادر رسمية على ان كرامي يرغب من خلال اللقاءات التي يعقدها باختيار تشكيلة بالتشاور مع لحود متمنياً ان تتكلل جهوده بسرعة، قالت في المقابل انه لن يتسرع في الاعلان عن تشكيلة وزارية يمكن ان تهتز فور اذاعتها. ولفتت الى ان اللقاء المرتقب بين لحود وكرامي في اي لحظة سيكون بمثابة مؤشر ايجابي الى ان التشكيلة اصبحت جاهزة وتحمل من الاسماء ما يؤكد انها لم تكن جاهزة او معلبة، مشيرة الى عدم وجود مشكلة في تمثيل الاحزاب. وأوضحت ان ما يدفع بكرامي الى الاسراع في حسم التشكيلة الوزارية شعوره بضرورة توفير الشروط لتأمين الاستقرار النقدي ووقف الضغط الذي تتعرض له الليرة اللبنانية من خلال اراحة الاسواق المالية التي سجلت في الاسبوع الماضي اقبالاً ملحوظاً على شراء الدولار الاميركي. ورفض كرامي تحديد موعد للاعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة، مؤكداً مواصلة الاتصالات مع الاطراف المعنية للمشاركة. وكان كرامي استقبل في دارته في الرملة البيضاء، المطران رولان أبو جودة موفداً من صفير رداً على زيارة كرامي لبكركي فور تكليفه تشكيل الحكومة قبل أيام. وأوضح كرامي بعد الاستقبال، ان "لقاء قرنة شهوان" سيتخذ موقفه من المشاركة في الحكومة ثم يعلن جوابه النهائي. وعن عقدة فرنجية، قال: "في طريق الحل قريباً، قريباً تحل كل العقد". وعما يقال عن تعويم حكومة الرئيس رفيق الحريري المستقيلة، قال ضاحكاً: "لا لم يعد هناك امكان لتعويمها، بل تحتاج الى تعيين من جديد، اذ قدمت استقالتها وقبلت، وحصل تكليف". وعن موقف حرب المشترط مشاركته ببرنامج معين، قال: "لا شيء جديداً بعد، ونحن في انتظار الجواب النهائي". وأوضح ان لقاءه الرئيس لحود وارد في أي وقت. وعن الضمانات للمعارضة، قال: "من يدخل الحكومة يصبح جزءاً منها، من يعطي ضمانات؟ واعطاء الضمانات أمر غير ديموقراطي لأن كل الأمور تناقش في مجلس الوزراء واذا كان هناك اختلاف في الرأي يحصل تصويت، فكيف تعطى ضمانات. كلنا تحت سقف "الطائف" وهو ينص على كل شيء". ونفى ان تكون مطالبة الوزير فرنجية بالداخلية ابتزازاً "ليست ابتزازاً سياسياً فهو حر ويقول انه يستطيع ان ينتج في هذه الوزارة اذا أراد الدخول". وأوضح أبو جودة من ناحيته انه "نقل الى كرامي مشاعر صفير، وتمنينا له النجاح في المهمة التي يقوم بها في تشكيل هذه الوزارة"، مشيداً بعائلة كرامي "ذات الخط الوطني الأصيل". وعن موقف صفير قال أبو جودة: "ان صفير لا يتدخل في تسمية أشخاص لأنه يتبع الخط الوطني بنوع اجمالي وليس له ان يوحي بأشخاص او ان يعين اشخاصاً معنيين". وسئل: "كيف يمكن ان تساعد بكركي كرامي في تشكيل الحكومة؟". فأجاب: "بما لها من مساع وتمنيات، اذا استطاعت، على كل الاطراف، اضافة الى الدعاء والصلاة". وسئل: "هل أجرى صفير مساعي مع قرنة شهوان؟". فأجاب: "هناك أحاديث متبادلة بينهما ويوحي لهم من خلال كلامه ما هو تفكيره في الموضوع ولكن ليس له ان يقوم مقامهم وهم كما قال أي صفير راشدون ولا يقول لهم افعلوا او لا تفعلوا". وكان صفير أكد في دردشة مع الصحافيين في بكركي انه لا يطرح "اسماء للمشاركة في الحكومة ولا يدخل في التسمية بل هو يترك للمعنيين اختيار من هم الأنسب". وقال: "أنا لا أطلب من أحد المشاركة أو عدم المشاركة، وخصوصاً من "قرنة شهوان" فالأمر يعود لأعضائها وهم راشدون ويقررون بأنفسهم". وكان صفير، ألقى عظة الأحد وتطرق فيها الى دراسة نشرت، تصنف الدول بحسب درجة الشفافية والفساد فيها، "فاذا بلبنان يستمر في التراجع حتى احتل هذه السنة المرتبة ال79 بين 146 دولة شملها التصنيف". وأمل بأن يحظى "لبنان بحكومة، هي الآن قيد التأليف، تضع حداً للتدهور والفساد وتعيد ثقة جميع أبنائه به ليستعيد ما كان يشغله من مكانة رفيعة بين الأمم". تلويح بحجب الثقة وفي المواقف، أكد الوزير نجيب ميقاتي مطلب كتلة "نواب الشمال" تمثيلها بالوزير فرنجية عبر حقيبة الداخلية وبوزير ثانٍ. قال: "ان هذا الموقف نهائي لا رجوع عنه وهو ليس للابتزاز السياسي او للمساومة وليس موجهاً ضدّ أحد بل من الضروري ان يتم تداول المهام الوزارية وعدم اعتبارها حكراً على جهة معنية"، منوهاً بموقف الرئيس كرامي. وأشار عضو الكتلة قيصر معوض الى "وقوف جهات وراء تعقيد الأمور برفضها تولي فرنجية حقيبة الداخلية"، مؤكدة رفضها دخول الحكومة ومنحها الثقة "اذا لم يتول فرنجية حقيبة الداخلية". وقال معوض ان "هذه الأجواء ليست موجودة عند الرئيس كرامي". دعا الوزير طلال ارسلان الى "تشكيل الحكومة العتيدة في سرعة لكن من دون تسرع الذي يؤدي الى التخلف عن تشكيل حكومة جامعة ومتجانسة وعن ملاءمة الحقائب الوزارية مع الأشخاص المخولين لها". وشدد خلال لقائه وفوداً في دارته على "ضرورة تفادي وقوع البلاد في فراغ سياسي على مستوى السلطة التنفيذية" وعلى "ضرورة مواكبة المناخ الشعبي". وأشار الى ان "الحكومة المزمع تشكيلها يجب ان تعالج تداعيات الفساد السياسي والاداري".