هذه سنة الحياة... لا يهم كثيراً، ان كنت من ابناء العاصمة السعودية الرياض، او زهرة الخليج ابو ظبي، او المدينة الطافحة بأحلام كل الدنيا الدوحة... دقق ملياً في قمة الهرم والقائمين على حظوظ الاندية الخليجية، لتدرك حراكاً متنامياً وزخماً كبيراً في سدة الهرم، لا يهم كثيراً دواعي التغيير، دقق ملياً في الوجوه وما يجمع بينها، لتكتشف ملامح الجيل الثالث من رؤساء الاندية الخليجية الذين يحملون الامانة في مرحلة انتقالية دقيقة ويواجهون تحديات حقيقية ما بين ضرورات الاصلاح وضغوط الجماهير المطالبة بالالقاب والنتائج العاجلة. لنكن اكثر دقة، فقد عرف المشهد الكروي العالمي في السنوات الاخيرة، بروز جيل جديد في دفة الاندية، صغيرها وكبيرها، فقيرها وغنيها، ولعل من اهم ما يجمع بينها بالاضافة الى حيوية الشباب ان اغلبهم ان لم نقل كلهم قدموا من شريحة ما اصبح يعرف بالاغنياء الجدد الذين ادركوا بحسهم المرهف اهمية كرة القدم لتسويق منتوجاتهم ونادي المدينة لتحسين صورتهم ومقعد الرئاسة كجسر لتعزيز علاقاتهم باصحاب القرار واكتسابهم لحصانة شعبية لا تقل عن مزايا الحصانة البرلمانية، ولعل المفارقة تكمن في الكرة العربية... ان اندية عدة بل اسماء عريقة اصبحت تواجه مأزقاً حقيقياً بعد موجة العروض المتنامية لدى القيادات الرياضية على تحمل المسؤولية الاولى في الاندية بدواع كثيرة ومفهومة... لعل من ابرزها متطلبات الرئاسة من حيث استثمارات المال والوقت والمرحلة الانتقالية الدقيقة التي تعرفها كل الاندية العربية بعد ان استفاقت من حلم الهواية الى هدنة واستحقاقات الاحتراف، والاهم من ذلك الشعور بالثمن القاسي لتحمل المسؤولية الاولى امام ذاكرة قصيرة وجماهير لا ترحم. لن نعود الى تاريخ الرئاسيات في الاندية الخليجية، منذ لحظة التأسيس الاولى حيث كانت كرة القدم فخاً للترفيه ومركزاً للمهمشين، ثم مرحلة البناء التي سهر عليها الامراء والشيوخ من ابناء الجيل الثاني والتي تزامنت مع فترة الطفرة المالية والنهضة الانتقادية التي شهدتها مدن الخليج في السبعينات والثمانينات، لن نتوقف طويلاً امام تباين المشهر المحلي في العواصم الست، ما بين اندية تعيش في اجمل ايامها والمشروع الحكومي في قطر لدعم الاندية المحلية بالمال والاجانب، واخرى لا تعرف كيف يمكنها اقفال حسابات الشهر الجاري ودفع الرواتب، مظلة الشيوخ الشبان في الامارات، والتقشف في الدعم الحكومي في المملكة، لا شك أن المشهد مختلف، فالفارق واضح وجلي ما بين المطمئن لحساباته في المصارف والقابضين على الجمر اللاهثين صباحاً ومساء من اجل تدبير التكفل بمسيرة نهاية الشهر، ومع ذلك فإن هذه القيادات تواجه تحديات مشتركة عنوانها ضرورة الاصلاح وضغط النتائج العاجلة. لن نذيع سراً اذا قلنا إن القيادات الجديدة في الاندية الخليجية، تواجه واقعاً جديداً حيث ان القاعدة الشبابية في هذه الدول عريضة تتجاوز ال60 في المئة من اجمالي عدد السكان، واغلبها فتحت اعينها على فتنة الكرة العالمية، ومعاني المقارنات، واصبح لديها حس متنام بالانتماء للنادي اكثر من اية روابط اخرى. لا شك أن كل الرؤساء الجدد، او اغلبهم يحلمون بالجائزة الكبرى، او سقوط هبة من السماء الا ان عهد المعجزات قد ولى ومضى، ولذلك تجدهم يعملون من اجل التحول من حضن المكرمات او الدعم الحكومي للبحث في معين المال في القطاع الخاص عبر آليتي الرعاية والتسويق، واذا كانت بعض الاندية قد حققت انجازات مهمة في هذا المجال، لكننا نلاحظ ان القطاع الخاص الخليجي بالرغم من صلابة قاعدته المالية لا يزال متشككاً في جدوى الاستثمار في الاندية الكروية بالرغم من انها تعد مسرحاً لتسويق منتوجاته. لا شك أن إنجاز القواعد الأساسية يعد التحدي الأكبر للجيل الثالث من رؤساء الأندية الخليجية وبناء قاعدة بشرية ثرية من الناشئين في مدارس الكرة... الا أن سيف النتائج العاجلة وضغوط الأحباء المطالبين بالألقاب يجعلانها في وضع لا تحسد عليه.. بين أحلام كل الدنيا وحقائق البيئة المحلية.