في نكسة لم تعرفها الجزائر منذ اندلاع النزاع حول الصحراء بين المغرب وجبهة "بوليساريو" عام 1975، أبدى غالبية أعضاء اللجنة الرابعة للأمم المتحدة تحفظات عن دعم مشروع اللائحة التي قدمتها الجزائر في خصوص الصحراء. ولم تنجح الجزائر سوى في استقطاب دعم 52 دولة فقط، علماً أن اللائحة كانت أودعت باسم 42 دولة من بينها نيجيريا وجنوب إفريقيا وناميبيا وكوبا وفنزويلا، ما يعني أن عدد المؤيدين فعلاً لم يتجاوز عشر دول فقط. وجددت الرباط اتهامها الجزائر بأنها "طرف" في النزاع الصحراوي. وغاب عن جلسة التصويت مندوبو 50 دولة، بينما فضل ممثلو 89 دولة تبني موقف الرباط التي دعت إلى "الامتناع" عن التصويت، لتفقد بذلك الجزائر دعم ثلاثة أرباع المجموعة الدولية. ويشمل ذلك ثلثا الدول الإفريقية وكل أعضاء الاتحاد الأوروبي وعددهم 25 دولة، إضافة إلى 11 من الأعضاء ال15 في مجلس الأمن، وهو ما اعتبره محللون "نكسة غير مسبوقة" للديبلوماسية الجزائرية. غير ان مصادر رسمية في الجزائر اعتبرت أن مصادقة اللجنة الرابعة للجمعية العامة على مشروع اللائحة التي قدمها مندوب الجزائر عبدالله باعلي في خصوص الصحراء "انتصار وتأكيد لوقوف المجموعة الدولية مع حق تقرير مصير الشعب الصحراوي". وقال مصدر قريب من وزارة الخارجية الجزائرية ل"الحياة" ان المغرب "تعمد إطلاق مغالطات" في خصوص رفض الجزائر الإشارة إلى الموفد الجديد للأمم المتحدة ألفارو دو سوتو. وتحدث عن "ضغوط كبيرة" تعرض لها بعض الدول لدفعها إلى تبني موقف الامتناع عن التصويت. لكن المصدر تحدث عن "سوء تقدير" في الموقف خلال جلسة التصويت. وقال انه كان يتعين على مندوب الجزائر "الاكتفاء بصياغة نص توافقي بدل المغامرة باللجوء إلى التصويت من دون الحصول على الإجماع الضروري". والتزمت السلطات الرسمية، أمس، الصمت ولم تعلق على التطورات التي عرفتها القضية الصحراوية في اللجنة الرابعة. لكن الإذاعة الجزائرية أثنت، أمس، على موقف المجموعة الدولية الداعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ورأت في المصادقة على مشروع الجزائر تأكيداً منها "للوقوف مع القضايا العادلة على رغم المناورات المغربية". واعتبر ديبلوماسي بارز أن ارتفاع نسبة الامتناع وغياب عدد كبير من الدول عن المشاركة في جلسة التصويت "نهاية لمخطط بيكر"، وقال انها المرة الأولى التي تفقد فيها الجزائر دعم المجموعة الدولية بعدما كانت تحظى في السابق بدعم ما يزيد على مئة دولة في المحفل الدولي في خصوص قضية الصحراء الغربية. ورجح السفير الجزائري السابق في إسبانيا عبدالعزيز رحابي، في اتصال مع "الحياة"، مساء أمس، أن يتم "دفن" خطة بيكر قبل نهاية الشهر الجاري. وتوقع ان ترفع إسبانيا قريباً إلى مجلس الأمن مشروع وثيقة "اتفاق سياسي" تحظى بدعم كل من فرنسا والولايات المتحدة، بهدف فتح المجال أمام المنظمة الدولية لمباشرة مفاوضات - تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان - يُستبعد فيها تنظيم استفتاء لتقرير المصير، مثلما كان وارداً في السابق ضمن خطة الديبلوماسي الأميركي جيمس بيكر. وتنتهي عهدة إسبانيا في مجلس الأمن مع نهاية كانون الأول ديسمبر المقبل. وفي الرباط ا ف ب، جدد المغرب، أمس، ان "النزاع حول الصحراء هو بالفعل نزاع مغربي - جزائري". واعتبر انه حقق الاثنين امام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للامم المتحدة، انتصاراً ديبلوماسياً على الجزائر لمناسبة تصويت طلبته الجزائر حول مشروع تسوية نزاع الصحراء الغربية اقترحه جيمس بيكر، الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة سابقا للصحراء الغربية. ورفضت الرباط خطة بيكر التي تنص على حكم ذاتي من خمس سنوات في الصحراء الغربية يليه استفتاء حول تقرير المصير.