قال الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ان القضية الصحراوية "ليست ملفاً يُطوى بسبب أي عائق أو ملل، وليست إطلاقاً مشكلة عابرة يمكن فيها التغاضي عن حقوق أصحابها. إنها قضية شعب بأكمله يطالب بحقه المشروع في تقرير مصيره، كما أنها قضية كل من يساند الشرعية الدولية ويؤمن بالحلول السلمية". وووجه بوتفليقة، بعد عودته الى الجزائر من زيارة سريعة لمخيمات الصحراويين في تندوف، رسالة إلى زعيم جبهة "بوليساريو" السيد محمد عبدالعزيز وأخرى إلى أعضاء "المجلس الوطني الاستشاري" و"السلطات المدنية والعسكرية" الصحراوية. وجاءت الرسالتان اللتان نشرتهما "وكالة الأنباء الجزائرية" الرسمية أمس بعد يومين فقط من كشف جيمس بيكر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، أن اقتراح تقسيم الصحراء الغربية قدمه اليه الرئيس الجزائري في هيوستن. وأوضح بوتفليقة أن مشاوراته مع زعيم "بوليساريو" تناولت البحث عن "اسلم السبل الكفيلة بإيصال الشعب الصحراوي الشقيق الى غايته المنشودة". وعبر عن ارتياحه "لنوعية الحوار الذي دار بيننا". وأشار الى "صلة الرحم وتجديد عهد الأشقاء بأشقائهم" والى "مشاطرتكم إحياء الذكرى السادسة والعشرين لإعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية وتبليغ الشعب الصحراوي وقيادته رسالة اعتزاز الشعب الجزائري بعلاقات الاخوة ... التي تربطهما وتصميمه الراسخ على مواصلة دعمه اللامشروط لقضيته العادلة". وتابع ان الجزائر "لم تنثن يوماً عن دعم الشعوب المقهورة وشد أزرها طبقاً لما تمليه عليها قيمها والتزاماتها الدولية". وجدد عزم الحكومة الجزائرية على "مواصلة دعمها الثابت لنضال الشعب الصحراوي الشقيق حتى يقرر مصيره بنفسه في كنف شفافية أكيدة لا غبار عليها طبقاً لقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن وبخاصة ما جاء في الميثاق الأممي من مبادئ لا محيد عنها في شأن تقرير مصير الشعوب ويتمتع بما تتمتع به شعوب مغربنا العربي الكبير من حسن جوار وتعاون وأمن وأمان". ولاحظ أن النزاع الصحراء بين "بوليساريو" والمغرب "من صلاحيات الأممالمتحدة ومجلس الأمن اللذين يمثلان الشرعية الدولية ويعبران عن إرادتهما في كل ما يتعلق بالنزاعات والتجاوزات في العالم وتقع عليهما المسؤولية". وعبر عن اقتناعه بأن الأممالمتحدة ومجلس الأمن مسؤولان عن "دعم الشعب الصحراوي ومساعدته على ممارسة حقه في تقرير مصيره بنفسه عملاً بما ورد في توصيات خطة التسوية المصادق عليه في اتفاقات هيوستن". وفي إشارة سياسية موجهة إلى زعماء دول اتحاد المغرب العربي، قال الرئيس الجزائري أن "استمرار النزاع في الصحراء والتماطل أو التقاعس عن إيجاد حل ناجع له بإحلال القرارات الدولية محل التنفيذ من شأنه ان يديم مأساة الشعب الصحراوي ويطيل عمر الأزمة التي تكرس، بكل أسف، شعور الفرقة بين الأشقاء وتؤخر فرص التنمية والتعاون بين شعوب المنطقة بما يجعلها دون طموحات أجيالها التي طالما حلمت بمغرب عربي موحد ومزدهر وقادر على الدفاع عن كيانه ومصالحه". وفي الرسالة الثانية، قال بوتفليقة أن جبهة "بوليساريو" التزمت "موقفاً مثالياً عندما سلكت مسلك السلم وتمسكت بمخطط السلام الدولي وبالجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للقضية الصحراوية العادلة". وعبر عن ارتياحه لكون الهيئات الدولية الأكثر تمثيلاً للمجموعة الدولية والأكثر تعبيراً عن الشرعية الدولية "تشهد بروح المسؤولية التي تتحلى بها قيادة الشعب الصحراوي وتمسكها الدائم بالتعاون والحوار كمنهج وأسلوب حضاري لتصفية الاستعمار من أرضها". وعبر عن اقتناعه بأن كفاح الشعب الصحراوي الشقيق "سيكون حليفه النصر المبين". وتابع: "ومهما يكن من حال، فإن الجزائر ترفض كل حل لا يرضى به الشعب الصحراوي او يكون بمثابة تكريس للأمر الواقع. كما أنها تدين أي طرح يراد من ورائه مغالطة الرأي العام الدولي حول المعطيات الحقيقية لنزاع الصحراء الغربية الذي كان ولا يزال قضية من قضايا تصفية الاستعمار لا أكثر ولا أقل". وأكد أن تسوية القضية الصحراوية طبقاً لقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن ولا سيما مبادئ ميثاق الأممالمتحدة ذات الصلة بتقرير مصير الشعوب "يخدم مصلحة الجميع وسيكون بمثابة الإسمنت الذي يزداد به تماسكاً وصلابة صرح اتحاد المغرب العربي الذي نسعى إلى تشييده على أسس سليمة".