نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن عملاء في الاستخبارات الاميركية وحراس في السجن أن السجناء في معتقل غوانتانامو في القاعدة البحرية قرب كوبا "تعرضوا لمعاملة قاسية" شبهها خبراء بعمليات تعذيب. وفي المقابل أظهر تحقيق شارك فيه عدد من مراسلي وكالة "اسوشيتدبرس" أن سبعة على الأقل من المعتقلين الذين اطلقوا من قاعدة غوانتانامو عادوا الى أنشطة "الارهاب" وبنتائج مميتة أحياناً. وبالنسبة الى المعاملة القاسية للسجناء افيد أنه بحسب اكثر الوسائل شيوعاً، كان المعتقلون غير المتعاونين يرغمون على خلع ثيابهم والبقاء بملابسهم الداخلية. ثم يلزمون بالجلوس على كرسي موثوقي اليدين والرجلين بحلقة على الارض و"يبقون في هذه الوضعية مدة 14 ساعة متواصلة يستمعون خلالها الى موسيقى صاخبة عبر مكبرات الصوت ويخضعون لانوار باهرة وتيارات قوية من الهواء البارد صادرة من أجهزة تكييف". وقال شاهد على عمليات التعذيب هذه للصحيفة "كانوا يصابون بالصرع تماماً"، فيما أفاد مصدر آخر ان الاستجوابات الأشد قسوة كانت تلك التي تستهدف خصوصاً مجموعة يطلق عليها لقب "الانذال الثلاثين". وغالباً ما اكد مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون ان استخدام وسائل عدائية خلال الاستجواب امر نادر، وقد وردت هذه الاساليب بالتفصيل في كتيب خاص وافق عليه وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. لكن افادت المصادر التي اوردتها الصحيفة ان الاساليب المطبقة في غوانتانامو تذهب ابعد مما ذكر في الكتيب. فيما اشارت الصحيفة الى ان كل المصادر التي سئلت، وبينها حراس وعناصر استخباراتية وغيرهم، اكدت استخدام وسائل عنيفة على المساجين في غوانتانامو، في حين يلقى المتعاونون معاملة خاصة. ويفترض ان تكون المعاملات السيئة للسجناء انتهت منذ نيسان ابريل الماضي بعد فضيحة سجن ابو غريب في العراق. ورداً على سؤال للصحيفة، قال ديفيد شيفر المساعد السابق لوزير الخارجية لحقوق الانسان خلال عهد بيل كلينتون ان الاساليب المستخدمة في المعتقل هي بكل وضوح اساليب تعذيب، و"لا اعتقد انه يمكن تأكيد طبيعة هذه الاساليب تتوافق مع معايير العذاب الجسدي او النفسي المحددة في الاتفاقية المناهضة للتعذيب". وفيما رفض البنتاغون التعليق على تفاصيل الاتهامات التي ساقته الصحيفة، اكتفى ناطق باسم البنتاغون باصدار بيان اكد فيه ان الحراسة في غوانتانامو تؤمن في المعتقل بيئة "مستقرة وامنة وانسانية". واشار في بيانه الى ان هذا المحيط "يؤمن للمحققين الظروف اللازمة للقيام بعملهم في الحصول على المعلومات الضرورية من المعتقلين لانهم بنوا معهم علاقة على اساس الثقة وليس الخوف". وقالت الصحيفة إن مصادر تقريرها طلبت عدم ذكر أسمائها "خوفاً من الانتقام". ويذكر أن الولاياتالمتحدة تحتجز سجناء يشتبه في أنهم من أعضاء حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" منذ كانون الثاني يناير 2002. ويوجد حالياً في غوانتانامو نحو 600 محتجز ينتمون لأكثر من 40 دولة بعضهم معتقل منذ عامين تقريباً من دون ان يوجه اليه أي اتهام إليهم أو السماح له بتوكيل محام. ورفضت واشنطن إعطاء المحتجزين حقوق أسرى الحرب وأطلقت عليهم بدلاً من ذلك لقب "مقاتلين أعداء". ومنحت الولاياتالمتحدة مقاتلي "طالبان" في السجن حماية في ظل معاهدة جنيف لكنها رفضت تطبيق هذه المعاملة على اعضاء "القاعدة". عودة الى الارهاب ولعل هذه المعاملة هي التي دفعت سجناء محررين الى معاودة الارهاب. وأوضح الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون اللفتنانت - كوماندر فليكس بليكسيكو أن القوات الأميركية تعتقد بأن اثنين على الأقل من المعتقلين السابقين في غوانتانامو قتلوا في أفغانستان، فيما اعتقل ثالث أثناء دهم ما يشتبه في أنه معسكر تدريب في أفغانستان. ولفت بليكسيكو الى أن أحد هؤلاء المعتقلين قتل قاضياً أثناء خروجه من مسجد في أفغانستان، فيما شارك المعتقل السابق عبد الله محسود المرتبط بتنظيم "القاعدة" في خطف مهندسين صينيين الذين قتل أحدهما أثناء محاولة باكستانية فاشلة لتحريرهما. كما أبدى محررون من المعتقل ذاته رغبة في القتال ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان والقوات الأميركية في العراق والروسية في الشيشان. ورأى الناطق باسم البنتاغون بريان ويتمان أن عودة عدد قليل من المعتقلين السابقين في "غوانتانامو" الى القتال، يظهر التوازن الذي يجب على الولاياتالمتحدة مراعاته بين الحد من أن تظهر كأنها تعتقل الناس في شكل غير عادل وأن "تحتفظ بالذين يشكلون خطراً بعيد المدى".