انتقلت الحملات الرئاسية الأميركية من قاعات المناظرات التلفزيونية الى قاعات البلدات والاحياء الصغيرة في الولايات الحاسمة التي اثبتت أهميتها القصوى في حسم السباق بين المرشح الديموقراطي جون كيري والرئيس الحالي جورج بوش قبل اسبوعين من موعد الانتخابات. واذ ساعدت المناظرات التي حسمها كيري باستعادة الزخم المطلوب لحملته ونسفت على حد قول الصحافي "دانا ميلي بانك" من صحيفة "واشنطن بوست"، "الصور النمطية والكاريكاتور الذي رسمته الحملة الجمهورية لكيري". وسعى الجمهوريون منذ بدء الحملة في شباط فبراير الماضي، الى اظهار كيري بصورة "المتقلب، والمتفاخر، والمنفصل عن الواقع" في استراتيجية شبيهة بالتي اتبعها الديموقراطيون ضد بوش عام 2000. ومرة أخرى، انقلب السحر على الساحر، وأثبتت فترة ما بعد المناظرات، أن الجمهوريين "أساؤوا تقدير" منافسهم الذي برز "صارماً" في مواجهته، ونجح في خرق الحاجز والدخول الى غرف جلوس الأميركيين وقلوبهم. وأشارت استطلاعات الرأي الى زيادة بنسبة 12 في المئة في شعبية كيري وعودة السباق الى نقطة الصفر قبل نحو اسبوعين من خط النهاية. وأشار استطلاع صحيفة "واشنطن بوست" الى تعادل بوش وكيري بنسبة 48 في المئة في استطلاعها الصادر أمس. في حين تفاوتت أرقام مركز زغبي الدولي بين تقدم نوعي لبوش بأربع نقاط ونسبة 48 في المئة أمس، ونقطة واحدة 46-45 أول من أمس. ويبدو من أرقام زغبي تفضيل نسبة ال7 في المئة "الحائرة" لكيري وبنسبة 40 في المئة في مقابل 11 في المئة لبوش. ويشير الاستطلاع الى انقسام داخل المعسكر الديموقراطي حول كيري ووقوف تأييده الحزبي على نسبة 79 في المئة في مقابل 89 في المئة لبوش من الحزب الجمهوري. باول ينتقد المرشح الديموقراطي ودخل وزير الخارجية كولن باول على خط السباق أول من أمس، منتقداً تصريحات كيري في شأن الحرب على العراق ووعوده بالعمل على استقطاب حلفاء دوليين للمساعدة في الخروج من الأزمة العراقية. وقال باول في حديث لمحطة "فوكس نيوز" أنه "مشكك في خطة كيري". وسأل عن "السحر الذي سيعتمده الديموقراطي والذي لا يمتلكه الجمهوريون لجذب المزيد من الدعم". وتعتبر تصريحات باول غير مسبوقة له على خط الحملة، اذ رفض مراراً الدخول في الجدل الانتخابي والمشاركة في المؤتمر الجمهوري لتسمية بوش رئيساً. ونقل المرشحان حملتهم أمس الى مثلث "الوسط الغربي" على حد تعبير الصحافي "توماس فريدمان" في "نيويورك تايمز"، اي ساحات ولايات أيوا وويسكونسن ومينستوتا والتي خسرها بوش بفارق بسيط عام 2000. وتعتبر مينيستوتا معقلاً للديموقراطيين منذ 1948 باستثناء العام 1972 حين فاز بها ريتشارد نيكسون. وتحاول الحملتان توسيع القاعدة الانتخابية وخرق السجل التاريخي للاستراتيجيات الانتخابية. من هنا تركيز كيري على ولايات نيفادا وكولورادو وأريزونا، على رغم ميولها الجمهورية تاريخياً. وتقابله محاولات لبوش في استرضاء ولايات نيو جيرسي ونيو هامبشير المحسوبة للديموقراطيين. وفيما يعتمد كيري على الشؤون الاقتصادية ومعاناة الطبقة الوسطى في خطاباته، يركز بوش على مسائل الحرب على الارهاب والأمن القومي وسجل منافسه المتقلب في مجلس الشيوخ، في محاولة من الاثنين لكسب ال270 نقطة والوصول الى البيت الأبيض. ويلقى خطاب كيري صدى قوياً في ولايات حاسمة مثل بنسلفانيا وأوهايو والتي تأذت من الركود الاقتصادي وخسرت وظائف صناعية واقفلت فيها محال تجارية صغيرة. وتحصى الولايتين 41 نقطة انتخابية، ويتقدم فيها كيري بنسب طفيفة. مخاوف من تزوير وبرزت مخاوف للحزبين من عمليات تزوير انتخابية في ولايات أريزونا وأوريغون ونيفادا. وقدمت الحملة الديموقراطية شكاوى الى وزارة العدل الأميركية للتحقق من صحة الأصوات المسجلة في الانتخابات. وواجهت مجموعات جمهورية في أريزونا اتهامات بالفساد و"تقديم رشاوى للمراقبين لاخراج أصوات ديموقراطيين عن اللائحة"، في أوريغون وأريزونا. وتتخوف الحملتان من استعادة كابوس عام 2000 وحسم المعركة بنسبة 537 صوتاً في ولاية فلوريدا، والتي ستعرقل كما أجمع المراقبون مهمة الفائز في توحيد الصفوف بعد الثاني من تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ويستفيد الديموقراطيون من خروج المرشح رالف نادر عن اللوائج الانتخابية في ولايات حاسمة مثل بنسلفانيا وأوريغون، على رغم بقائه على لوائح فلوريدا ونيو مكسيكيو. وحصلت مشادات أمنية أول من أمس، بين متظاهرين ديموقراطيين ومناصرين للرئيس بوش في جاكسونفيل في أوريغون، أمام الفندق الذي نزل فيها الرئيس وعقيلته. وأقدمت الشرطة على تفريق المتظاهرين الذين تضاربت صرخاتهم بين "أربع سنوات أخرى" و"أسبوعين آخرين" للرئيس بوش في البيت الأبيض. وتمنع حملة الرئيس بوش، المعارضين لسياسته من حضور تجمعاتها الانتخابية أو الاستماع الى خطابات الرئيس. وبرزت في هذه الحملة نسبة الاقبال المتزايدة من مجموعات متنافسة خارج الحملتين، والتي أقدمت على تسجيل أكبر عدد ممكن من الناخبين في صفوف الأقليات اللاتينية والطلاب الجامعيين والأفارقة، والسعي الى استقطابهم من خلال اعلانات تلفزيونية وحملات داخل حرم الكليات.