بحث رئيسا الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري مساء امس سبل تضييق شقة الخلاف بينهما في شأن تأليف الحكومة المقبلة. واكتفى الحريري بالقول ان اللقاء جاء في اطار "المزيد من التشاور". وأوضحت مصادر رسمية ان الرئيسين توصلا الى حلحلة الخلاف على عدد الوزراء الذي كان اقترحه الحريري 18 وزيراً والذي طالب به لحود 30 وزيراً يقضي باعتماد تشكيلة من 24 وزيراً على قاعدة "خير الحلول الوسط". وجاء الاجتماع الثاني الذي عقده الرئيسان بعد اجتماع السبت، اثر جهود من اجل تقريب وجهات النظر وحرص سوري على الخروج بتوافق بينهما على التشكيلة الحكومية، التي ستضم شخصيات "قادرة على كسب تأييد بعض القيادات او قريبة منها من دون ان تكون حزبية وتشمل تكنوقراط، وتوحي بالثقة للرأي العام" بحسب ما يرغب الحريري. وقالت مصادر مطلعة ان الهدف من الحكومة تشكيل مجموعة قادرة على العمل في مواجهة الضغوط الخارجية والوضع الداخلي المعقد. لكن هذه المصادر اوضحت ان اجتماعاً ثانياً سيعقد اليوم في اطار ما سمي مشاورات الأبواب المفتوحة، من اجل حسم الخلاف على تمثيل الحزبيين الذين يدعو الحريري الى استبدالهم بشخصيات مستقلة او نيابية او تكنوقراط، بينما يعتبر لحود ان اشتراكهم "ضرورة لأنها حكومة مواجهة، والمواجهة قد تكون ضعيفة باستبعاد بعضهم". وأشارت الى انهما لم يتطرقا الى اسماء الوزراء امس، وأن الحريري قد يقبل ببعض الحزبيين على ان يختار الأكفياء منهم. وكان الحريري التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وتحدثت اوساط مطلعة عن إمكان بذل جهود مشتركة للتواصل مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من اجل كسب تأييده للحكومة. الأسد و"الهجوم الاستباقي" وكان خطاب الرئيس السوري بشار الأسد السبت الماضي أرخى بظله على الوضع اللبناني بقوة، وانعكس على مواقف القوى السياسية من المواضيع الداخلية الرئيسة التي تواجهها وخصوصاً تركيبة الحكومة المقبلة. وغلب على قراءات القوى السياسية اللبنانية الاستنتاج القائل ان الخطاب عبّر عن قرار القيادة السورية اعتماد سياسة مواجهة الضغوط الدولية عليها، تحت عنوان قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559، الذي يدعوها ولبنان الى سحب قواتها من لبنان ووقف التدخل في أوضاعه الداخلية وحلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. ورأى قطب نيابي ان دمشق بعثت برسالة أساسية الى الدول الكبرى الغربية مفادها انها ستقاوم محاولات فصل لبنان عنها في اطار الدعم الأميركي للهيمنة الاسرائيلية على المنطقة، تمهيداً لاستفراد لبنان وقيادته الى تسوية منفردة مع اسرائيل وانها ستمنع حصول ذلك مثلما فعلت حينما رتبت واشنطن لاتفاق 17 أيار مايو الذي أسقطته سورية في العام 1984 بالتعاون مع حلفائها في لبنان، وان هذا ما عناه الأسد بقوله انه يراد قذف لبنان وسورية الى حمم البركان في المنطقة. وفيما رأى القطب النيابي نفسه ان الرسالة موجهة أساساً الى الخارج، لا الى الداخل اللبناني، فإن أوساطاً سياسية وإعلامية غير قليلة وجدت فيه نية فرز جديد لحلفاء سورية اللبنانيين على قاعدة ترددت كثيراً في تصريحات بعض الذين يعبّرون عما يجول في ذهن القيادة السورية، وهي: إما مع سورية أو ضدها، وإما مع الرئيس اميل لحود الممدد له أو ضد سورية، والخلاف مع سورية يعني الوقوف مع القرار 1559. ويجمع بعض معارضي التمديد، وبعض مؤيديه على القول ان خطاب الأسد هو هجوم استباقي لتصاعد الضغوط الخارجية على سورية، يملي ترتيباً للوضع الداخلي اللبناني على هذا الأساس، وبالتالي فإن دمشق، استناداً الى خطاب الأسد، تعتبر ان الوقوف معها في وجه هذه الضغوط، يمر عبر الوقوف الى جانب لحود، بحسب ما يقول حلفاؤها الوثيقو الصلة بقيادتها. ودليل الذين يتحدثون عن المفاعيل الداخلية لخطاب الأسد، أنه انعكس على تسريع البحث عن حكومة جديدة، بعد فترة تريث. ورأت أوساط مقربة من لحود وأخرى معارضة على السواء، ان خطاب الأسد الذي تضمن موقف "الحد الأقصى" حسم الموقف من المعارضين، في شكل انعكس هو الآخر على إمكان مراعاة عدم مجيء خصومهم في الحكومة، ما أتاح لبعض حلفاء دمشق الاستناد اليه من أجل شنّ هجوم متفاوت الحدة على جنبلاط، ظهر في تصريحات للنائب ناصر قنديل والأمير طلال ارسلان.