علمت "الحياة" ان عاصفة الخلاف الذي تصاعد بين سورية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وأدت الى تسريب اخبار صحافية عن ان الأخير "غير مرحَّب به على الصعيد الرسمي، وهو مرحب كأي مواطن لبناني في دمشق"، تتجه نحو الهدوء والمعالجة الايجابية، اثر اتصالات غير مباشرة أجريت بين الجانبين... بدأت تثمر عصر أمس. راجع ص4 ودان مجلس المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير أمس التهديد والوعيد والتخويف الموجهة الى زعيم سياسي كبير يقصد جنبلاط في طائفة هي في أساس الكيان اللبناني، "يوجب على الدولة موقفاً صريحاً منه"، في جلسات مناقشة الحكومة في بيانها الوزاري في البرلمان الأسبوع الماضي. وجدد مجلس المطارنة موقفه من الوجود العسكري السوري غامزاً من اعتباره ضرورياً وشرعياً وموقتاً في البيان الوزاري، لكنه أكد انه لم يقل أحد بوجوب القطيعة بين لبنان وسورية بل برفع الهيمنة السورية عن لبنان.... ودعا الى الحوار البناء. وقالت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة" إن هذه الاتصالات أدت الى صدور بعض الاشارات الايجابية، بعدما كان جنبلاط دعا في كلمته في المجلس النيابي، الى "اعادة النظر في بعض نقاط التمركز للقوات السورية وفقاً لمقتضيات الأمن القومي لسورية في لبنان، واتفاق الطائف"، فتعرض لهجوم عنيف من حلفاء سورية وللتهديد من النائب البعثي عاصم قانصوه، ومن ثم لصدور خبر عن تعميم يمنع دخوله سورية، أو ضحته لاحقاً أوساط أو مراجع سورية. ومن الاشارات الايجابية ان مكتب جنبلاط بث بيانين أمس بصفته رئيساً ل"اللقاء الديموقراطي" كتلته النيابية، الأول اعتبر فيه ان التوضيحات التي صدرت في بعض وسائل الاعلام "ونفت ما سمّي تعميماً صدر عن السلطات السورية، اسهم ايجاباً في بلورة الحقائق..."، وفي البيان الثاني شدّد مكتب جنبلاط على "الأجواء الايجابية"، وأشار الى ان "الموضوعات السياسية التي طرحت ستعالج ضمن المؤسسات الدستورية وفي اطار الحوار الوطني مع الفاعليات..." يقصد ما قاله وغيره عن الوجود السوري. وقال بعض المقربين من القيادة السورية أمس ان تسريب خبر عدم الترحيب بجنبلاط في سورية رسمياً بل كأي مواطن وقبله خبر منع دخوله أراضيها، كان يهدف الى "احداث صدمة تمنع استغلال كلامه كحليف لها من المعادين للوجود السوري...". وذكر بعض هؤلاء المقربين ان القيادة السورية لا تقبل بتخوين جنبلاط أو باتهامه بالعمالة. وذكرت مصادر شاركت في الاتصالات ان عودة العلاقات طبيعية بين دمشق وجنبلاط تتطلب بعض الوقت بعد تهدئة الخواطر. وكان جنبلاط أكد أمام عدد من السياسيين والنواب الذين زاروه أمس أن البعض لم يقرأ خطابه في المجلس النيابي جيداً اذ هو كان واضحاً في الدعوة الى اعادة النظر في بعض نقاط تمركز القوات السورية، لا الى انسحابها، وهذا مختلف عن مطالبة البعض الآخر بالانسحاب أو اعادة الانتشار، مع انه لا يمانع في ترك الأفرقاء الآخرين يعبرون عن رأيهم على رغم اختلاف موقفه عن مواقفهم". ومساء أمس نوّه رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود خلال جلسة مجلس الوزراء "بالحياة الديموقراطية التي سادت أجواء المناقشات في المجلس النيابي وحرية الرأي". وأكد أن "غاية الحوار تكمن في النقاش والبحث عما هو أفضل في سبيل المصلحة الوطنية لا ان يخاطب الرأي العام بلغة ديماغوجية تهدف فقط الى كسب الشعبية واثارة الغرائز على حساب المصلحة العامة". وأشار لحود بحسب وزير الاعلام غازي العريضي الذي تلا المقررات الرسمية الى "مسلسل التهديدات الاسرائيلية الأخيرة التي تطاول لبنان وسورية"، معتبراً ان "اثارة موضوع الوجود السوري في لبنان في هذا التوقيت بالذات يريح العدو الاسرائيلي ويصرف النظر عن الانتفاضة الفلسطينية المباركة، ويحمل في طياته مزايدات على الساحة الداخلية ويؤدي الى اضعاف المناعة الوطنية التي لا تزال مطلوبة في حدها الأقصى في مواجهة الاخطار الاسرائيلية". وأكد "أن الموقف الرسمي الذي صدر عن رئاسة الجمهورية، وتبنته الحكومة في خصوص الوجود السوري في لبنان، بوصفه شرعياً وموقتاً، انما يحدد بوضوح طبيعة هذا الوجود والضرورات المرتبطة به، انطلاقاً من رؤية واقعية ووطنية للمصلحة العامة دون سواها". وأكد رئيس الحكومة رفيق الحريري تضامن الوزراء حول البيان الوزاري وسياسة الحكومة.