أعلن الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان المغربي، انه يتعين على الحكومة"مضاعفة الجهود لإزالة كل العوائق أمام حاجة البلاد الملحة لتحفيز الاستثمار المنتج والتوظيف الأمثل لكل الامكانات والطاقات المتاحة في الداخل والخارج، واتخاذ القرارات الشجاعة التي تتطلبها المعضلات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الاقلاع الاقتصادي ضمن رؤية واضحة". ويُنتظر أن يرأس الملك محمد السادس الأسبوع المقبل جلسة لمجلس الوزراء، للتصديق على مشروع موازنة 2005 قبل عرضها على البرلمان في 20 تشرين الأول اكتوبر. وقال الملك مخاطباً البرلمانيين ان"على الحكومة ابتكار الحلول التوفيقية بين الحفاظ على التوازنات المالية الاجتماعية وبين اكراهات أعباء التسيير الاستهلاكية ومستلزمات تمويل الاستثمار". وتُعتبر موازنة سنة 2005، التي تُقدّر نفقاتها بنحو 20 بليون دولار، الأكبر في تاريخ المغرب، لكنها"الأصعب"في مجال ضبط الحسابات الماكرواقتصادية، بسبب زيادة نفقات التسيير والاستثمار وتنامي عجز الخزينة، في ظل وضع دولي"غير مساعد"، على حد قول محلّلين. وسيقترض المغرب السنة المقبلة نحو خمسة بلايين دولار، بزيادة في الاقتراض نسبتها نحو 38 في المئة، منها 4.4 بليون دولار من السوق المحلية ونحو 700 مليون دولار من المؤسسات المالية الدولية، لتمويل العجز المالي وحاجة الخزينة إلى تسديد نفقات سابقة. كما تتوقع الموازنة تحصيل ما يصل إلى 1.3 بليون دولار من بيع 16 في المئة من أسهم الدولة في"شركة اتصالات المغرب". وحسب تفاصيل مشروع الموازنة، التي حصلت عليها"الحياة"، فإن النفقات سترتفع بنسبة 25 في المئة إلى 11 بليون دولار، لتحسين أوضاع العاملين في الوظائف العامة. كما ستزيد الاستثمارات العامة إلى نحو 8 بلايين دولار لتسريع وتيرة التنمية في المدن والأرياف. وسيدفع المغرب نحو أربعة بلايين دولار لتسديد مستحقات الديون العامة الخارجية والداخلية. وقالت مصادر مالية ل"الحياة"إن الحكومة ستعمد إلى اجراءات ضريبية جديدة، خصوصاً تلك التي تهم بعض السلع والخدمات، لزيادة ايراداتها التي يتوقع أن تبلغ 160 بليون درهم، لاسيما بعدما فقدت الخزينة جزءاً من عائدات الرسوم الجمركية، نتيجة تحرير الأسواق والعمل في المناطق التجارية الحرة. ويُقدر أن تنخفض عائدات الجمارك بنسبة 2 في المئة إلى 10 بلايين درهم. كما سيحقّق المغرب مداخيل بقيمة 100 مليون دولار من رسوم مرور أنبوب الغاز المغاربي نحو اوروبا. وستعوّض تلك المداخيل جزءاً من خسارة الاقتصاد المغربي جراء ارتفاع أسعار الطاقة في السوق الدولية، حيث بلغ عجز الفاتورة النفطية نحو 600 مليون دولار، وهو مرشح للاستمرار في 2005 بسبب استمرار ارتفاع الأسعار إلى أرقام قياسية، ما يزيد عجز الميزان التجاري إلى نحو 7 بلايين دولار. عجز الموازنة ويُعتبر عجز الموازنة المقدّر نحو 3.5 في المئة وعجز الميزان التجاري الذي زاد 33 في المئة، أكبر التحديات التي ستواجه الاقتصاد المغربي السنة المقبلة، لأن حاجة التمويل ستصل إلى 10 بلايين دولار سيتم تعويضها عبر ايرادات السياحة وتحويلات المهاجرين وعائدات التخصيص وتدفق الاستثمارات الخارجية وبرامج الاقتراض المحلي والدولي. وتتوقع الموازنة الجديدة نمواً لا يقل عن 3 في المئة في إجمالي الناتج المحلي. وقد ترتفع النسبة نقطة إضافية إذا حقّق المغرب موسماً زراعياً جيداً. وهذا بدوره مرتبط بكمية التساقطات المطرية، حيث يعتمد الاقتصاد بنسبة 20 في المئة على المياه.